بعد ترويض الوباء.. انتعاش المتاجر التقليدية على حساب الإلكترونية

علاء بريك

تظهر البيانات تحسن مبيعات المتاجر التقليدية بعد انحسار آثار وباء كوفيد-19، وفي المقابل تراجعت مبيعات المتاجر الإلكترونية، فهل كانت طفرة الشراء عبر الإنترنت خلال العامين المنصرمين سحابة صيف؟


أعطت جائحة فيروس كورونا، وباء كوفيد-19 دفعةً قوية لأنشطة المتاجر الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، ونمت مبيعات وأرباح هذه الشركات كثيرًا، خلال عام 2020.

ولكن مع بدء عودة الحياة إلى طبيعتها نوعًا ما، بدأ الأشخاص في العودة إلى المتاجر التقليدية والابتعاد إلى حدٍّ ما عن المتاجر الإلكترونية، وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن أخبارًا سيئة تنتظر المتاجر الإلكترونية وشركات التكنولوجيا المالية في الوقت الراهن، ما لم تتخذ خطوات تحسينية.

وباء كوفيد-19 وسلوك المستهلك

مع بداية تفشي وباء كوفيد-19 عالمًّا، فرضت الحكومات إجراءات الإغلاق للحد من انتشاره، ما دفع الناس نحو التسوق عبر الإنترنت، في ما يُعرَف بالشراء الوبائي. فضلًا عن التحول إلى الإنترنت، وتغير إنفاق المستهلك، في ظل الوباء، ليبتعد عن الإنفاق على الوقود والسياحة والتنقل لصالح الإنفاق على السلع الأساسية والغذائية والأثاث والأجهزة الإلكترونية، بحسب استطلاع لمؤسسة مكينزي صدر في نهايات 2020.

وفي ظل هذا التحول، صدرت عدة تقارير متفائلة، ففي ديسمبر 2021، أصدرت مؤسسة “PWC” تقريرًا أشارت فيه إلى أن الشراء باستخدام تطبيقات المحمول سجَّلَ رقمًا قياسيًّا وتوقع توسع انتشار هذه الطريقة في التسوق خلال السنوات المقبلة. وبالمثل كشف استطلاعٌ أجراه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في يونيو 2020 عن أنَّ المستهلكين يتوقعون زيادة الشراء عبر الإنترنت بعد كورونا.

تحوُّل في نمط الاستهلاك؟

في تصريحٍ لصحيفة “وول ستريت جورنال“، قال المحلل في مؤسسة برنشتاين البحثية، مارك شمولِك: “دأبنا طوال 100 سنة على التوجه إلى المتاجر لشراء حاجياتنا، ولن تنمحي هذه العادة من ذاكرتنا لمجرد أنَّنا أجبرنا لظرفٍ ما على الشراء من الإنترنت عدة مرات، خلال الوباء”. وأتى هذا التصريح في سياق عودة الناس إلى التسوق من المتاجر بعد تخفيف القيود الصحية وتلقي العديد الجرعات التعزيزية.

وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، فقد انخفضت نسبة الشراء عبر الإنترنت من مجمل عمليات الشراء إلى 12.9% في الربع الرابع من عام 2021، بعدما بلغت 15.7% قبل عام. وفي السياق نفسه، بيَّنت شركة ماستر كارد أن المبيعات عبر التجارة الإلكترونية انخفضت في مارس 2022 لأول مرة منذ بداية الوباء، وارتفعت في المقابل المبيعات عبر المتاجر.

عودة إلى المتاجر التقليدية

على صعيد أداء الشركات، رصدت صحيفة “وول ستريت جورنال” تراجعًا في مبيعات عدة شركات عبر الإنترنت وارتفاعًا في مبيعاتها المباشرة من المتاجر، فعلى سبيل المثال انخفضت مبيعات شركة Dick’s Sporting Goods عبر الإنترنت بنسبة 11% في حين أن مبيعاتها المباشرة من المتاجر زادت بنسبة 14% عن السنة السابقة.

ولكن التقرير لا يُغفِل إمكانية عودة المستهلكين إلى الشراء عبر الإنترنت، لا سيّما أنَّ معدلات الشراء عبر الإنترنت لا تزال تتجاوز معدلاتها قبل الوباء. ويُعلِّق المحلل في شركة زفين لإدارة الأصول، ماكس السكري، قائلًا: “لا ريب أن التجارة الإلكترونية لا تحظى اليوم بالجاذبية التي كانت عليها قبل عام ونصف العام، فما كان يرفع هذه الشركات خلال الوباء بدأ يتلاشى اليوم”.

بين تجربتين

تختلف تجربة الشراء عبر الإنترنت عن الشراء من المتجر مباشرةً، وبحسب تقريرٍ لمؤسسة الاستشارات المالية الأمريكية “ramseysolutions” تكمن فوائد التسوق عبر الإنترنت في العثور على أفضل سعر وضبط الإنفاق ووجود العديد من الخصومات، أما فوائد الشراء من المتجر مباشرةً فتتمثل في إمكانية فحص السلعة وجودتها، والتنوع في السلع المعروضة من المنتج نفسه، والاستفادة من العروض.

ومن جانب آخر قد ترجع عودة النشاط إلى أروقة المتاجر لظرف الوباء نفسه، فبعد إبقاء الأشخاص في المنازل فترة طويلة، بات الخروج من المنزل والتجول أمرًا أساسيًّا عند الكثيرين، فبحسب استطلاع أجرته مؤسسة مكنزي نهاية عام 2020 أعرب أكثر من 60% من عدة دول، وبمتوسط 75%، عن رغبتهم في الخروج من المنزل والتسوق من المتاجر لشراء الحاجيات الأساسية.

ربما يعجبك أيضا