بعد حادثة البحر الأسود.. أين تتجه العلاقات الروسية التركية؟

محمد النحاس

العلاقات بين الروس والأتراك شهدت محطات مختلفة، فعلى الرغم من الخلاف في بعض الساحات، هناك تعاون في ساحات أخرى فرضته خريطة القوى والتعقيدات الجيوسياسية.


يبدو أن العلاقات بين روسيا وتركيا غاية في التعقيد، لتزايد التنافس على عدد من الأصعدة، ومع ذلك يجمعهما تعاون وثيق في ساحات أخرى.

وفي خضم الحرب الروسية الأوكرانية، استفادت أنقرة من مواقفها المحايد نسبيًّا من الصراع، ما مكنها من الحفاظ على علاقاتها بروسيا، رغم كونها منضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما توسطت تركيا في صفقة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا.

هل تغير الموقف التركي؟

قبل الانتخابات التركية في شهر مايو الماضي، حافظت موسكو وأنقرة على علاقات ودية إلى حد كبير، لكن وخلال الأشهر الأخيرة اتخذت تركيا جملة من المواقف، للنأي بنفسها بعيدًا عن روسيا، وفق ما أفاد تقرير نشره موقع المونيتور الإخباري.

من بين هذه المواقف، إبداء تركيا كامل الدعم لانضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، خلال زيارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى اسطنبول في أوائل شهر يوليو الماضي، فضلًا عن ذلك أفرجت أنقرة عن قادة من كتيبة آزوف الأوكرانية وإعطاء الرئيس رجب طيب أردوغان  الضوء الأخضر لانضمام السويد  إلى الناتو.

كيف تعامل الروس؟

أمام المواقف التركية، لم يقبع الروس في مقاعد المتفرجين، ففي 17 يوليو الماضي أعلن الرئيس فلاديمير بوتين انسحاب بلاده من الاتفاق الذي يسمح بشحن الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة العام في وقت سابق من العام الماضي.

وفي 6 أغسطس، قصفت القوات الروسية شركة تصنيع المحركات الأوكرانية (موتور سيش) التي تتعامل مع شركة (بايكار) التركية المتخصصة في تقنيات المُسيرات، وذات الشهرة العالمية. ويذكر أنه كان للمسيرات التركية دور بارز في دعم الجيش الأوكراني خلال الحرب.

رسالة تحذير

وصف دبلوماسي تركي رفيع المستوى، الأمر بأنه بمثابة رسالة تحذير روسية بسبب بعض المواقف التركية، وذلك في حديث المسؤول مع موقع ديفنس نيوز المتخصص في الشأن العسكري والدفاعي.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، ففي يوم الأحد 13 أغسطس اقتحمت قوات روسية سفينة شحن متجهة إلى أوكرانيا مملوكة لمواطن تركي ويديرها طاقم تركي في المياه الدولية في البحر الأسود، على بعد حوالي 50 كيلومترًا من الساحل التركي، ونشر الروس لقطات من عملية الاقتحام.

اقرأ أيضًا|بعد اعتراض روسيا سفينة قبالة ساحل تركيا.. لماذا يصمت أردوغان؟

ما سبب استجابة تركيا الهادئة؟

ينقل التقرير عن المحلل الجيوسياسي، يوروك إيزيك، أن مداهمة السفينة كانت خطوة “غريبة”، غير أن الأكثر غرابة كان رد الفعل التركي، منخفض المستوى، وظلت أنقرة في حالة من الصمت حتى يوم الخميس، حين حذرت موسكو من أي إجراءات أخرى قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في البحر الأسود.

وشدد إيزيك لـ “المونيتور” على أن روسيا في “ورطة خطيرة” بسبب الحرب في أوكرانيا، مرجعًا طبيعة الرد إلى وجود مساعي لدى تركيا لإقناع موسكو بالعودة إلى صفقة الحبوب.

ليست بالخطة المجدية

من جانبه، يوضح الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة قادر هاس في إسطنبول، أونور إيسي، أن النهج التركي يأتي في سياق محاولاتها للحفاظ على التوازن بين روسيا والغرب.

وفي حديثه للموقع  الإخباري، شدد إيسي على أن توثيق علاقات تركيا مع الغرب لا يعني القطيعة مع روسيا، موضحًا أن الامتثال “غير المشروط للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا ليس خطة غير ذات جدوى بالنسبة إلى تركيا فحسب، بل أيضًا أمر غير ممكن”.

اقرأ أيضًا| البحر الأسود.. الموانئ الروسية في مرمى نيران أوكرانيا

ربما يعجبك أيضا