بعد حل مكتب «الإخوان».. أزمات قائمة تعترض طريق المصالحة المصرية التركية

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

يسعى النظام التركي حثيثًا نحو محاولة استعادة العلاقات مع مصر ودول الخليج بشكل طبيعي، والعمل لفتح صفحة جديدة في مسار التعامل بعد سنوات من الأزمات والقطيعة في ظل أزمات كبيرة يواجهها نظام أردوغان في الداخل والخارج، القرار التركي الأخير بوقف أنشطة جماعة الإخوان الإعلامية ووقف برامج عدائية وتحريضية ضد مصر على وجه التحديد، تبعته تعليمات أخرى لعدد من مذيعي الجماعة من بينهم محمد ناصر وحمزة زوبع ومعتز مطر والممثل هشام عبدالله بوقف كافة أنشطتهم الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي ويوتيوب.

كما قرر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، أمس، حل مكتب الإخوان في تركيا وكذلك مجلس شورى الإخوان بحسب مصادر لـ”العربية نت”، مع تأجيل انتخابات المكتب التي كان من المقرر إجراؤها خلال شهر يوليو الجاري، وذلك لمدة 6 أشهر.

وقررت جماعة الإخوان أيضًا إخراج عناصرها وأنشطتها من تركيا والرحيل لدول أخرى، مثل كندا وبريطانيا وهولندا وماليزيا، فضلًا عن عدد من دول البلقان، ومع تحديد مدى زمني لخروج القنوات الإعلامية الإخوانية خلال 3 أشهر، وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخطوات التركية الأخيرة بأنها “خطوة إيجابية” نحو مسار عودة العلاقات، وأكد شكري خلال مداخلة هاتفية مع فضائية “القاهرة والناس” المصرية، مساء أمس السبت، أن “السياسة التي بدأت تركيا تعتمدها مع مصر تتفق مع قواعد القانون الدولي”، مؤكداً أن استمرار هذه السياسات يعني “تطبيع العلاقات” بين البلدين والتوصل لإطار أفضل.

ويبقى ملف المصالحة بين البلدين معلقًا بشروط مصرية وتفاهمات لم تتم حيال عدد من الملفات العالقة أهمها التواجد التركي في ليبيا والميليشيات والتدخل في الشؤون الداخلية لليبيا ودول عربية أخرى، والصراع على الغاز في البحر المتوسط.

رعب إخواني

ذهبت توقعات إلى أن النظام التركي قد يلجأ في سبيل إتمام المصالحة مع مصر، إلى تسليم العديد من القيادات والعناصر الإخوانية التي تسكن أراضيه للسلطات المصرية، وهو ما اضطر عناصر إخوانية- تركت مصر عام 2013 مع سقوط نظام حكم الجماعة عقب ثورة 30 يونيو- إلى الهروب إلى دول أوروبية منها هولندا وأيضًا كندا، خاصة أن كثير من عناصر الإخوان في تركيا طرقوا أبوابها دون أوراق ثبوتية ولم يحصلوا على الجنسية التركية؛ بعكس الكثير من إعلاميي الجماعة الذين أنعم عليهم نظام أردوغان بالجنسية لحسن أدائهم السنوات الماضية في التحريض ضد مصر.

وأشارت مصادر بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، اليوم الأحد، إلى أن السلطات التركية بدأت بالفعل مراجعة الأسماء المطلوبة لدى القضاء المصري والتي سبق وقدمت بها مصر عدة نشرات لدى الإنتربول الدولي، مرجحة ألا تقدم تركيا على تسليم القيادات البارزين، من مجموعة الصف الأول في التنظيم بسبب التفاهمات مع التنظيم الدولي، لكنها ستقدم عناصر أخرى للقاهرة، كما سبق وقدمت محمد عبدالحفيظ المتهم في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات.

غير كاف

لا شك أن قرار تركيا منع أنشطة الإخوان الإعلامية ووقف تحريضهم ضد الدولة المصرية يعد “خطوة إيجابية”، ويعكس رغبة تركيا الحقيقية في التقارب مع مصر للاستفادة من ثقلها ودورها الإقليمي، ولكنه قد يكون غير كاف في الفترة الحالية لعودة العلاقات.

ويرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن التركي، محمود البتاكوشي، أن الأهم أن تكون السياسات التركية تجاه مصر واضحة ومحددة فمنع أبواق الإخوان وحده غير كاف، وشروط القاهرة واضحة ومحددة منذ البداية ولعل أهمها طرد المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، والتوقف عن محاولات التدخل في شؤون ليبيا؛ لأن ذلك يهدد أمن المجتمع الليبي ويشكل خطرًا بالغًا على الأمن القومي المصري.

وأضاف محمود البتاكوشي في تصريحات خاصة لـ”رؤية” أن غموض الموقف التركي ومحاولته الالتفاف على مطالب القاهرة، لا سيما تجاه الوضع في ليبيا وسحب المرتزقة من “بلد المختار”، قد تعطل جهود المصالحة وعودة العلاقات ولعل ذلك يعضده نتائج اللقاءات الأخيرة التي عقدها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش، والثانية مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، حيث تمسكت مصر بموقها من شركاء شرق المتوسط الراهنين، كما أكد الرئيس المصري على ضرورة سحب المرتزقة من الأراضي الليبية في أسرع وقت ممكن، كخطوة أولى لحل الأزمة، مما يؤكد ثبات الموقف المصري تجاه القضية الليبية ووحدة وسيادة أراضيها دون تدخلات خارجية، وهو ما ترفضه تركيا بحسب سياساتها؛ فالرئيس التركي يريد “بلح الشام” و”عنب اليمن” كما يقولون.

وتأتي محاولة الرئيس التركي رجب أردوغان الزج بأذربيجان في آتون الأزمة الليبية بدفعها مشاركته التنقيب عن النفط في ليبيا، ما يعقد جهود المصالحة مع مصر ويجعل الأمور تعود إلى المربع “صفر” فهو يتعامل بمنطق مالك بلد المختار وأنه لن يرحل عنها مهما حدث وهذا يخالف المطالب المصرية فهو ينطبق عليه قول: “عطاء من لا يملك لمن يستحق”.

مطالب مصرية

ويقول الكاتب الصحفي بالأهرام المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، هشام النجار: تظل رغم ذلك كله الملفات الإقليمية هي الأهم وهي المفصلية في هذا السياق وعلى ضوء معالجتها من عدمه سيتحدد مستقبل العلاقات التركية المصرية، أما ملف الإخوان فهو على رغم أهميته لمصر إلا أن تحريكه فقط ليس بكافِ وهو ملف ملغم به الكثير من الإشكاليات والمطالب المصرية حياله والتي لن تجد جميعها الاستجابة المطلوبة السريعة من الجانب التركي.

كانت تركيا كانت قد أعلنت في مارس الماضي عن رغبتها استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، وفي مايو الماضي، أجرى وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال أول زيارة من نوعها للقاهرة منذ 2013، من أجل إجراء محادثات “استكشافية” مع مسؤولين مصريين، إلا أن المحادثات عادت وتوقفت لاحقًا.

وكشف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن توقف المباحثات في الوقت الحالي وعدم وجود أي موعد محدد لاستئناف اللقاءات الاستكشافية من أجل إعادة العلاقات المتبادلة، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة في عدد من القضايا، وأبرزها الملف الليبي.

ربما يعجبك أيضا