بعد رحيل فرنسا.. إيران تتبع خطى روسيا في مالي

يوسف بنده

تمثل زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دولة مالي فصلًا جديدًا من اهتمام طهران بالتوجه نحو إفريقيا لا سيّما منطقة الساحل التي تمثل بوابة مهمة للتأثير في القوى الإفريقية والمصالح الغربية.


توجه وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، إلى العاصمة المالية، باماكو، لتكون أولى محطات جولته الإفريقية الأولى التي تشمل تنزانيا وزنجبار أيضًا.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، يوم أمس الاثنين 21 أعسطس 2022، إن زيارة عبداللهيان إلی جمهورية مالي تأتي بدعوة رسمية من نظيره في هذا البلد، مضيفًا أن وفدًا سياسيًّا واقتصاديًّا يرافق وزير الخارجية في جولته الإفريقية، حسب وكالة “ارنا“.

إلى جانب روسيا

يأتي الاهتمام الإيراني بدولة مالي توازيًا مع اهتمام روسي، تسعى موسكو من خلاله إعادة ترسيخ نفسها قوة عظمى، وتزداد أهمية منطقة الساحل الإفريقي نظرًا لكونها مفترق طرق يربط بين الأقاليم الخمس للقارة، ويضمن حصول روسيا على دعم أكبر في مواجهة العقوبات الغربية، والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة من أجل الوصول للثروات الطبيعية لإفريقيا، حسب تقرير امركز “فاروس“.

وتستغل روسيا تنامي مشاعر العداء للوجود العسكري الأوروبي في المنطقة، بتقديم نفسها بديلًا في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، خصوصًا مع فشل الاستراتيجية الفرنسية في تحقيق نجاح ملموس، فبعد أقل من أسبوع على انسحاب آخر كتيبة فرنسية، زوّدت موسكو السلطات العسكرية بالدولة الواقعة على الساحل الغربي لإفريقيا بعدة طائرات مروحية وهجومية، حسب «الجريدة» الكويتية.

وضع صعب

حسب تقرير صحيفة “الشرق الأوسط“، تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني في ظل وضع إقليمي ودولي صعب بالنسبة لسلطات مالي العسكرية التي سيطرت على الحكم، قبل عامين، في انقلاب عسكري واجه رفضًا دوليًّا واسعًا وتشكيكًا في شرعيته.

وتعاني مالي، منذ ذلك الحين، حصارًا إقليميًّا تفرضه دول غرب إفريقيا، وعقوبات أخرى يفرضها الاتحاد الإفريقي الذي لا يعترف بشرعية المجلس العسكري، إلى جانب توتر العلاقات مع الغرب، خصوصًا فرنسا، ومن الواضح أن طهران تسعى بقوة لإيجاد موطئ قدم في البلد الإفريقي المنهك.

وحط حسين أمير عبداللهيان في باماكو على رأس وفد وصف من طرف الصحافة المحلية بـ”المهم”، يضم مسؤولين من عدة وزارات وهيئات حكومية، إضافة إلى بعض الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال. وفي تغطيتها للزيارة، قالت الصحافة المحلية إنها تدخل في إطار “بحث سلطات مالي عن شركاء استراتيجيين جدد”.

58714

لجنة مشتركة

عقد وزير الخارجية الإيراني مع نظيره المالي، عبدالله ديوب، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا منفصلًا قبل انعقاد اللجنة المشتركة الأولى للتعاون بين البلدين. وشدد بيان للحكومة المالية على أن انعقاد هذه اللجنة يدخل ضمن رغبة السلطات المالية في توسيع مجالات تعاونها الدولي وشراكاتها الخارجية، وأن جلسات التشاور ستمكن الطرفين الإيراني والمالي من استكشاف المجالات الجديدة للتعاون.

وتبادلت حكومتا طهران وباماكو، خلال الأشهور المنصرمة من عام 2022، الوفود الحكومية على نحو نشط، بهدف الرفع من مستوى تعاونهما المشترك. ومن المنتظر أن تقدم السلطات العسكرية في مالي حزمة “مشاريع استعجالية” لمناقشتها مع الجانب الإيراني، ويجتمع في السياق ذاته الفاعلون الاقتصاديون الماليون والإيرانيون على هامش اللجنة المشتركة للتعاون، حسب وكالة “ايران برس“.

مساعدات عسكرية

حسب تقرير قناة “العربية“، عرضت طهران تقديم مساعدات أمنية وعسكرية إلى مالي التي تواجه خطر الاضمحلال منذ أن أصبحت قبل سنوات البؤرة الرئيسة لنشاط المجموعات الإرهابية في الساحل الإفريقي، وفي مقدمتها داعش والقاعدة. وغداة زيارة الوزير الإيراني أعلنت السلطة العسكرية الحاكمة تعيين ضابط في الجيش رئيسًا للوزراء، ويتولى مدنيون تكنوقراط عادة هذا المنصب.

وتهتم حكومة الرئيس الإيراني المحافظ، إبراهيم رئيسي، باعتماد سياسة خارجية تعتمد على الدبلوماسية الاقتصادية، والحفاظ على سياسة التوجه شرقًا، والتعاون مع روسيا والصين، واعتماد سياسة قادرة على مجابهة وتخطي العقوبات الغربية. وهذا ما يفسر ارتباط إيران بالتحركات الروسية في إفريقيا.

ربما يعجبك أيضا