بعد سقوط الطائرة الأوكرانية .. النظام في إيران خسر ما كسبه من مقتل “سليماني”

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

غامرت إيران بمهاجمة قاعدتين أمريكيتين في العراق؛ فخرجت بخسارة أكبر بعد خسارة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وخسرت مواطنيها الذين ضرب طائرتهم صاروخ إيراني أثناء توجيه الضربة للقواعد الأمريكية.

بعد التأكد من إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بصاروخ الحرس الثوري الإيراني، تواصلت الاحتجاجات في العاصمة الإيرانية طهران وعدة مدن أخرى على خلفية حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية. وتوافدت جموع من المحتجين إلى ساحة آزادي والشوارع الرئيسية المؤدية إليها وسط العاصمة، وهي تردد شعارات مناهضة لقوى الأمن والحرس الثوري. كما طالب المتظاهرون بمساءلة السلطات الإيرانية عن المذابح التي وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. في حين قامت قوات مكافحة الشغب بإطلاق قنابل الغاز المدمع لتفريق المحتجين.

وشهدت المظاهرات تمزيق صور القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل قبل أيام جراء غارة أمريكية في العراق.

وأغلق المتظاهرون الطرق بالعاصمة طهران عبر إحراق حاويات النفايات، مرددين هتافات “الموت للدكتاتور”، و”الموت لخامنئي” (المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي).

وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على تويتر عشرات المحتجين أمام جامعة في طهران يهتفون: “يكذبون ويقولون: إن عدونا أمريكا.. عدونا هنا”. وأظهرت مقاطع أيضا تجمع عشرات المتظاهرين في مدن أخرى.

وتأتي هذه الاحتجاجات تأتي بعد اعتراف إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية عبر استهدافها بصاروخ أطلقه الدفاع الجوي التابع للحرس الثوري الإيراني نتيجة “خطأ بشري” على حد تعبير المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني. حيث أصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، السبت الماضي بيانًا، بعد ثلاثة أيام من الحادث، أکدت فیه أن الطائرة الأوكرانية، الرحلة رقم 752. وعلى متنها 176 راکبًا بالإضافة إلى طاقمها، تم استهدافها بصاروخ الحرس الثوري الإيراني.

وقد أصدر المرشد الإيراني، علي خامنئي، بيانًا، السبت الماضي طالب فيه بإجراء تحقيق في أوجه القصور “المحتملة”، وذلك في أعقاب تقرير الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، بأن الحرس الثوري الإيراني هو الذي أطلق صاروخًا علی الطائرة الأوکرانیة.

ويعيش النظام في إيران حالة من القلق خشيةً من الغضب الشعبي بعد اعتراف المسئولين بإسقاط الطائرة الأوكرانية، وتعمد المسئولين الكذب على الشعب الإيراني. فبعدما اعتبر النظام أن خروج المواطنين الإيرانيين في جنازة سليماني بمثابة تجديد البيعة لنظام ولاية الفقيه الحاكم. ضاعت هذه البيعة بعدما اكتشف المواطنون أن نظامهم كان يكذب عليهم، وقام بقتل أهاليهم لينتقم لأحد رجاله.

دروع بشرية

وكانت قناة “إيران إنترناشيونال”، الإيرانية المعارضة، قد كشفت بأن الحرس الثوري الإيراني تعمد عدم وقف رحلات الطيران المدني أثناء وبعد هجومه الصاروخي ضد القواعد الأمريكية في العراق، كي يستخدمها كدروع رادعة ضد أي إجراءات يمكن أن تتخذها القوات الأمريكية.

وكان المدير التنفيذي لشركة المطارات والملاحة الجوية في إيران “سياوش أمير مكري”، قد أعلن أن شركة المطارات “لم يكن لديها صلاحيات بإلغاء الرحلات الجوية بسبب الأوضاع الأمنية”، ويجب أن يتم إصدار هذه الأوامر من قبل السلطات الأخرى.

وقال علي رضا رحيمي، عضو الهیئة الرئاسیة في البرلمان الإيراني، في اجتماع مغلق للنواب حول إسقاط الطائرة الأوكرانية، إن قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، قال، في هذا الاجتماع، إنه لم یكن مسؤولاً عن “إيقاف رحلات الركاب” خلال الضربة العسكرية.

وخلال مؤتمر صحفي حول هذا الموضوع، السبت الماضي، قال أمين علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية بالحرس الثوري: إن القوات المسلحة کان يجب علیها أن توقف الرحلات الجویة أثناء الهجوم على القاعدة الأمريكية في العراق، بسبب ظروف الحرب، وأن القوات المسلحة هي المسؤولة في هذا المجال.

احتجاز سفير بريطانيا

وقد استدعت وزارة الخارجية الإيرانية أمس الأحد، السفير البريطاني في طهران، روبرت ماكير، لقيامه بالمشاركة في مراسم تأبين ضحايا الطائرة الأوكرانية، وبسبب ما وصفته الخارجية الإيرانية بأنه سلوك “غير متعارف عليه”.

وقد أوضح روبرت ماكير -على صفحته في “تويتر”- “أوكد أنني لم أشارك في أي مظاهرة! لقد ذهبت إلى مراسم تأبين ضحايا طائرة بي إس 752”.

وأضاف: “من الطبيعي أن أرغب في تقديم التحية، بعض الضحايا كانوا بريطانيين. غادرت بعد 5 دقائق، عندما بدأ البعض ترديد الهتافات”. وتابع أنه “تم اعتقالي بعد نصف ساعة من مغادرة المكان”.

وأعلن وزير خارجية بريطانيا، دومينك راب، أن إلقاء القبض على سفير البلاد في إيران يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

ومن جانبه، أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن قلقه إزاء إلقاء القبض على السفير البريطاني في طهران، داعيًا السلطات الإيرانية إلى “خفض التصعيد” والاحترام الكامل لاتفاقية فيينا.

وردًا على انتقاد الاتحاد الأوروبي على هذا الإجراء، غرد مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على صفحته في “تويتر” بأنه “لم يتم إلقاء القبض على السفير، بل تم اعتقاله من تجمع غير قانوني، وبعد اتصال هاتفي أجرته الشرطة معي، تم إطلاق سراحه، بعد 15 دقيقة من الاعتقال”.

استثمار أمريكي

وقد غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مرة أخرى باللغة الفارسية، اليوم الإثنين،، قائلًا باللغتين الفارسية والإنجليزية، “قال مستشار الأمن القومي اليوم إن العقوبات والاحتجاجات وضعت إيران تحت ضغط كبير وستجبرها على التفاوض، في الحقيقة، لا يهمني إذا كانوا سيتفاوضون أم لا. إنها مسؤوليتهم، لكن لن تمتلك إيران أسلحة نووية، ولا تقتلوا المحتجين”.

وكان ترامب قد غرد أمس الأحد، “إلى الشعب الإيراني الشجاع الذي عانى طويلا: وقفت معكم منذ بداية رئاستي، ستواصل حكومتي الوقوف معكم. نحن نتابع احتجاجاتكم عن كثب، وشجاعتكم مصدر إلهام لنا”. “على الحكومة الإيرانية السماح لجماعات حقوق الإنسان بمراقبة والإبلاغ عن وقائع الاحتجاجات المستمرة من قبل الشعب الإيراني. لا يمكن أن يكون هناك مذبحه أخرى ضد المتظاهرين السلميين، ولا إغلاق للإنترنت. العالم يراقب”.

وفي وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، أمس الأحد، إن الرئيس دونالد ترامب “لا يزال مستعدا للحديث مع طهران دون شروط مسبقة”.

وقال مارك إسبر -لقناة “سي بي إس”- إن الولايات المتحدة مستعدة لمحاورة إيران حول “مسار جديد، وسلسلة تدابير تجعل من إيران بلدا طبيعيا أكثر”.

وهذه التصريحات التي تقع بين الشد والجذب، تظهر أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم باستثمار أزمتها مع إيران، في الحصول على مكاسب أكثر من حلفائها في المنطقة. كذلك ما زال ترامب مصرًا على التفاوض مع طهران. واستثمار ترامب كل هذا  لصالح الدعاية الانتخابية لولاية رئاسية جديدة.

ربما يعجبك أيضا