بعد صعود اليمين.. هل نشهد «بريكست» بنكهة فرنسية؟

هل يتكرر سيناريو بريطانيا في فرنسا بعد صعود اليمين؟

أحمد عبد الحفيظ
ماري لوبان

منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، بات العالم يراقب بحذر تأثير هذه الخطوة على بقية دول الاتحاد.

وفي فرنسا، يتزايد الحديث عن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل تصاعد تأثير الأحزاب اليمينية المتطرفة.

تصاعد اليمين المتطرف في فرنسا

وبحسب صحيفة “لوموند الفرنسية” في تقرير لها نشر الأحد 7 يوليو 2024، فأن الأستطلاعات تشير إلى تقدم كبير لأحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات على حساب باقي الأحزاب.

وشهدت السنوات الأخيرة في فرنسا، تصاعدًا ملحوظًا للأحزاب اليمينية المتطرفة، خاصة حزب “التجمع الوطني” بقيادة مارين لوبان والذي أصبح له حضور قوي في المشهد السياسي الفرنسي.

الحزب، يعارض بشكل صريح سياسات الاتحاد الأوروبي، ولطالما دعا إلى تقليص التبعية للاتحاد، إن لم يكن الانسحاب منه تمامًا، بينما كانت لوبان في السابق تدعو إلى خروج فرنسا بالكامل، إلا أنه مؤخرا غيرت لوبان طريقة تفكيرها وطالبت بإصلاح الاتحاد الأوروبي بدلا من الانفصال عنه.

تحول فكر لوبان

يأتي هذا التحول في موقف لوبان نتيجة للتحديات التي واجهتها بريطانيا بعد البريكست، حيث يبدو أن الخروج من الاتحاد ليس بالحل السحري للمشكلات الاقتصادية والسياسية.

ويدرك حزب “التجمع الوطني” أن الدعوة الصريحة للبريكست الفرنسي قد لا تجد الدعم الكافي بين الناخبين، لذا يركز الآن على سياسات تهدف إلى إعادة التفاوض على شروط عضوية فرنسا في الاتحاد.

موقف الشعب من الاتحاد الأوروبي

على عكس المملكة المتحدة قبل البريكست، يبدو أن الشعب الفرنسي يميل بشكل أكبر لدعم الاتحاد الأوروبي، حيث إن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة كبيرة من الفرنسيين يرون في الاتحاد الأوروبي فرصة للتعاون الاقتصادي والسياسي الذي يعزز مكانة فرنسا على الساحة الدولية.

يعكس هذا الموقف تاريخ فرنسا الطويل كأحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي والدور الرئيسي الذي تلعبه فرنسا في صياغة سياساته، ومع ذلك، هناك مخاوف من تأثير الأزمات الاقتصادية والهجرة على هذا الدعم.

الأزمات الاقتصادية المتكررة ومشاكل الهجرة غير المنظمة قد تثير الشكوك لدى بعض الفرنسيين بشأن جدوى البقاء في الاتحاد، ولكن حتى الآن، يبدو أن الغالبية تفضل العمل على إصلاح الاتحاد من الداخل بدلاً من الخروج منه.

تداعيات الخروج المحتمل

خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي قد يكون له تداعيات هائلة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، كون أن الاتحاد الأوروبي بدون فرنسا سيكون أقل تأثيرًا وقوة، وقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الانقسام داخل الاتحاد.

على الصعيد الداخلي، قد يواجه الاقتصاد الفرنسي تحديات كبيرة تتعلق بالتجارة والاستثمار نظرا لأن شركات عديدة تعتمد على السوق الأوروبية الكبيرة، والخروج من الاتحاد سيعني إعادة التفاوض على العديد من الاتفاقيات التجارية.

وعلى المستوى السياسي، خروج فرنسا قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى داخل أوروبا، مما يفتح الباب أمام إعادة تشكيل التحالفات والسياسات، وقد تضطر البلدان الأوروبية الأخرى إلىى إعادة تقييم علاقاتها مع فرنسا ومع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.

المقارنة مع بريكست البريطاني

التجربة البريطانية مع البريكست تقدم درسًا مهمًا لفرنسا، حيث أن المملكة المتحدة تواجه حتى الآن تحديات كبيرة بعد خروجها من الاتحاد، بما في ذلك قضايا التجارة والتنقل والاقتصاد.

الصعوبات الاقتصادية والتجارية التي واجهتها بريطانيا تجعل العديد من الفرنسيين يترددون في الدعوة إلى خروج مشابه، ويبدو أن غالبية الفرنسيين يدركون أن البريكست لم يكن حلاً سهلًا للأزمات التي تواجهها بريطانيا، بل على العكس، أضافت هذه الخطوة تحديات جديدة.

هذه التجربة تجعل العديد من الفرنسيين يترددون في الدعوة إلى خروج مشابه، والاستفادة من هذه الدروس قد تدفع الفرنسيين إلى التفكير في طرق بديلة لتحسين أوضاعهم داخل الاتحاد الأوروبي بدلاً من الخروج منه.

ربما يعجبك أيضا