بعد ظهوره مجددًا في غزة.. ماذا تعرف عن «شلل الأطفال»؟ 

محمد النحاس
شلل الأطفال في غزة

شلل الأطفال هو مرض فيروسي معدٍ يهاجم الجهاز العصبي وقد يسبب شللاً دائمًا، المرض كان يُعدّ من أكثر الأمراض فتكًا بين الأطفال حتى منتصف القرن العشرين. ولكن مع الجهود العالمية للتطعيم، تضاءل انتشاره بشكل ملحوظ.. فما سبب عودة ظهوره في غزة؟


كشفت السلطات الصحية في قطاع غزة، عن تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عامًا، مما أثار مخاوف بشأن عودة هذا الفيروس الذي تم القضاء عليه في معظم أنحاء العالم.

وجاء الطفل عبد الرحمن أبو الجديان، الذي يبلغ من العمر حوالي عام واحد، ضحية جديدة للفيروس، حيث أُصيب بشلل جزئي، ودفعت هذه الحالة السلطات إلى التحرك بسرعة لتسريع حملة تطعيم واسعة للأطفال في جميع أنحاء القطاع، لتبدأ الحملة في الأول من سبتمبر 2024، بحسب وسائل إعلام فلسطينية. 

تبعات الحرب

في ظل الأزمة الصحية التي يعاني منها القطاع، وخاصة مع توقف العديد من المستشفيات عن العمل نتيجة الهجمات الإسرائيلية أو نقص الوقود بسبب الحصار، توصلت إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق نادر على 3 هدن مؤقتة، تستمر كل منها لمدة 3 أيام بمناطق مختلفة من القطاع، بهدف السماح لآلاف العاملين بالأمم المتحدة بتطعيم الأطفال.

وبدأ الأمر في يوليو الماضي، عندما اكتُشفت سلالة “فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2” في ست عينات من مياه الصرف الصحي جمعت من خان يونس ودير البلح. 

وهذه السلالة سبق وتم رصدها في مياه الصرف الصحي ببعض الدول المتقدمة، مما يشير إلى أن الخطر لم يعد مقتصرًا على الدول الفقيرة أو ذات البنية التحتية الصحية المتدهورة. ومن المرجح أن هذه السلالة نفسها هي التي أصابت عبد الرحمن أبو الجديان.

وضع كارثي

تقول منظمة الصحة العالمية إن واحدة من أهم العوامل التي ساهمت في عودة ظهور المرض في غزة هي تقلص حملات التطعيم المعتادة. وفي عام 2022، كانت تغطية حملات التطعيم ضد شلل الأطفال تقترب من 99%، إلا أنها تراجعت إلى 89% في العام الماضي. 

ويعود هذا التراجع جزئيًا إلى إغلاق المستشفيات في غزة، والتي توقفت عن العمل بشكل متكرر بسبب القصف الإسرائيلي أو القيود المفروضة على الوقود. وفي غزة تنتشر المجارير المكشوفة وأكوام القمامة في الشوارع، وهي بيئة مثالية لانتشار الفيروسات، وبعد ما يقرب من 11 شهرًا من الحرب، أصبحت هذه الظروف المعيشية جزءًا من الواقع اليومي لسكان القطاع، مما زاد من خطورة انتشار الأمراض.

ويؤكد موظفو الإغاثة، أن الحرب والأزمة الصحية المستمرة قد هيأت الظروف الملائمة لانتشار الفيروس، وأن معالجة هذه الأزمة تتطلب جهودًا متواصلة لتأمين اللقاحات وتوفير الرعاية الصحية اللازمة.

ما هو شلل الأطفال؟ 

شلل الأطفال هو مرض فيروسي معدٍ يهاجم الجهاز العصبي وقد يسبب شللاً دائمًا في بعض الحالات، وكان المرض يُعدّ من أكثر الأمراض فتكًا بين الأطفال حتى منتصف القرن العشرين. ولكن مع الجهود العالمية للتطعيم، تضاءل انتشاره بشكل ملحوظ. 

ويسبب المرض فيروس البوليو الذي ينتقل من شخص لآخر عبر الطعام أو الماء الملوث. ويؤثر الفيروس بشكل رئيسي على الأطفال دون سن الخامسة.

ويمكن أن يسبب الفيروس شللاً دائمًا في الأطراف السفلية وفي الحالات الشديدة قد يؤثر على عضلات التنفس مما يؤدي إلى الوفاة.

طرق انتشار الفيروس

ينتقل فيروس شلل الأطفال بشكل رئيسي عن طريق الفم إلى الفم، إما من خلال تناول طعام أو شرب ماء ملوث ببراز الشخص المصاب، أو من خلال الاتصال المباشر مع شخص حامل للفيروس. ويعيش الفيروس في أمعاء الإنسان ويمكن أن ينتقل بسهولة في المناطق ذات ظروف النظافة السيئة.

ورغم الجهود الكبيرة للقضاء على شلل الأطفال، إلا أن المرض لا يزال موجودًا في بعض الدول. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية تم الإبلاغ عن 200 حالة إصابة بشلل الأطفال في العالم حتى منتصف عام 2024. وتعتبر هذه النسبة منخفضة مقارنةً بالآلاف من الحالات التي كانت تُسجل سنويًا في سبعينيات القرن الماضي.

وتعد أفغانستان وباكستان، الدولتان الوحيدتان اللتان لا تزالان تسجلان حالات شلل الأطفال، حيث تم الإبلاغ عن 79 حالة في باكستان و43 حالة في أفغانستان خلال عام 2024.

انحسار المرض عالميًا

شهد العالم تقدمًا كبيرًا في القضاء على شلل الأطفال منذ إطلاق مبادرة “القضاء على شلل الأطفال” (GPEI) في عام 1988. 

ومنذ ذلك الوقت، انخفضت حالات الإصابة بشلل الأطفال بنسبة تزيد عن 99%. وفي عام 1988، تم تسجيل أكثر من 350000 حالة إصابة بشلل الأطفال في جميع أنحاء العالم، بينما تراجعت الحالات إلى 200 حالة فقط في عام 2024.

وتعتبر حملات التطعيم المكثفة العامل الرئيسي في انحسار شلل الأطفال. حيث يتم تطعيم الأطفال في الدول التي لا يزال فيها المرض منتشرًا بواسطة لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) والذي يوفر مناعة فعالة ضد الفيروس.

طرق التخلص من شلل الأطفال

كما يتم تعزيز جهود التطعيم من خلال حملات توعية حول أهمية النظافة والتطعيم. إلى جانب التطعيم، تعتبر مراقبة انتشار الفيروس جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية العالمية.

كما أنه يتم رصد عينات من مياه الصرف الصحي في المناطق التي تشهد حالات إصابة للتأكد من عدم وجود الفيروس.

ربما يعجبك أيضا