بعد عودة القضاة عن إضرابهم.. هل أسدل الستار على صراع السلطات في الجزائر؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بعد 10 أيام من القرار الذي تسبب في شلّ المحاكم والمؤسسات القضائية احتجاجا على حركة نقل القضاة، أعلنت نقابة قضاة الجزائر وقف الإضراب واستئناف العمل بدءا من الأربعاء 6 نوفمبر بعد التوصل إلى تسوية مع وزارة العدل بخصوص المطالب التي رفعتها النقابة.

وبحسب بيان النقابة الذي جاء فيه: “بعد جهود مضنية ومساعي متعددة شاركت فيها شخصيات وطنية، وجهات سيادية في الدولة قصد الوصول إلى حل عادل ومشرف للانسداد الذي يعيشه القطاع”. بخصوص المطلب الأساسي المتعلق بتكريس استقلالية القضاء نصا وممارسة فإنه تم الاتفاق على فتح ورشة عمل تضم كل الجبهات المعنية بإثراء كل النصوص المرتبطة بهذا المطلب .

فيما يتعلق بمسألة الحركة السنوية للقضاة التي أجريت مؤخرا فإنه تم الاتفاق على أن القضاة الذين استفادوا من الحركة ورضوا بنتائجها عليهم الالتحاق بأماكن عملهم الجديدة. أما القضاة الذين لم يشاركوا في أمنيات النقل ولم تمسهم الحركة وقاطعوا العمل القضائي تضامنا مع زملائهم، فانهم ملتزمون بمباشرة عملهم.

تساؤلات عدة

لأول مرة منذ ستينات القرن الماضي، أصبح السلك القضائي في الجزائر مشلولا إلى أجل غير مسمى، بعدما دخل القضاة  في مواجهة ضد وزير العدل بلقاسم الزغماتي، فبدؤوا قبل 10 أيام إضرابا مفتوحا غير مسبوق تسبب بشلل شبه كامل للمحاكم، بعد إجراء حركة تحويلات وتغييرات مست حوالي ثلاثة آلاف قاض.

الأمر الذي جعل المراقبين يطرحون عدة تساؤلات.. لماذا استفاق القضاة اليوم وتنبهوا إلى أن القضاء مسير غير مخير؟ فيما تساءل البعض عن خشية الزجّ بالعدالة في أتون الصراع السياسي؟ 

وفق بيان نقابة القضاة بلغت نسبة الاستجابة لنداء مقاطعة العمل في يومها الأول 96% .. فما الذي أوصل القضاة لتجاوز القانون الذي يحظر على العاملين بالسلك القضائي الدخول في إضراب أو التحريض عليه؟

صراع السلطات

في الجزائر التي تشهد حراكا تاريخيا منذ الإطاحة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة قبل تسعة أشهر، تحرك القضاة هذه المرة احتجاجا على قرار وزير العدل بنقل وتحويل 3000 قاض دفعة واحدة. قرار غير مسبوق والعدد هو نصف العدد الإجمالي للعاملين في السلك القضائي.

القضاة طالبوا بإلغاء القرار الذي وصف بأنه تعد من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وبـ”إقالة وزير العدل”. في حين أعلن بيان تابع لوزارة العدل عدم شرعية الإضراب الذي نفذته النقابه دون الحصول على إذن مسبق.

المعركة بين السلطتين القضائية والتنفيذية دخلت مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، بعدما اقتحمت قوات الشرطة مجلس القضاء بولاية وهران الواقعة غرب الجزائر، في سابقة تاريخية وفتحت المكاتب المغلقة بالقوة بعدما دخلت في مناوشات وصدامات مع القضاة.

الانتخابات الرئاسية على المحك

المشهد الغامض في الجزائر قد يشوّش على العملية الانتخابية المرتقبة في البلاد، بعد أقل من شهر ونصف من الآن. إذ إن تمسك كل طرف بمطالبه قد ينذر بطول أمد الصراع في وقت زادت  فيه حدة التعبئة لعودة التظاهرات بقوة إلى الشارع رفضا للانتخابات الرئاسية المقرر لها الثاني عشر من ديسمبر والتي ينتظر أن يكون للقضاة دور هام في تعطيلها.

فاستمرار الإضراب كان يعني إعاقة تنفيذ خطة رئيس الأركان أحمد قايد صالح الذي يصر على إجراء الانتخابات في الثاني عشر من ديسمبر المقبل وسط رفض شعبي متزايد.

تحرك القضاة أخرج إلى العلن صراعا خفيا بين السلطتين التنفيذية والقضائية، بعدما أوقفت “القضاة” مساعي الحوار، مشترطة رحيل الوزير الحالي. بيد أن هذا الحراك “القضائي” لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الحراك الجماهيري الذي تشهده البلاد منذ أشهر ويزداد زخما يوما بعد يوم والمطالب بإبعاد رموز النظام السابق عن مفاصل الدولة وتأجيل الانتخابات الرئاسية.

ربما يعجبك أيضا