بعد فوز أردوغان.. هل يُعدِّل الاقتصاد التركي مساره؟

محمد النحاس

كان الرئيس التركي قد تبنى سياسة نقدية مثيرة للجدل بميله إلى تخفيض الفائدة بهدف مواجهة التضخم، وهو نهج مناقض للسياسات النقدية الشائعة.


تزامنًا مع فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة، واصلت الليرة التركية تراجعها، في حين ارتفعت مؤشرات الأسهم التركية.

ويأتي تحسن الأسهم التركية مع زيادة التفاؤل لدى المستثمرين، آملين أن يتبنى أردوغان سياسة مغايرة لتلك التي اتبعها من قبل، والتي قادت لتراجع تاريخي ضرب العملة المحلية، وزاد الأمور سوءًا الزلزال الذي ضرب البلاد في شهر فبراير الماضي.

تراجع الليرة وتحسن الأسهم

تراجعت الليرة التركية 1.5٪ ليساوي الدولار الواحد 20.4254 ليرة، وهي النسبة الأكبر بين نظيراتها في الأسواق الناشئة، لتواصل بذلك انخفاضها لليوم السادس على التوالي.

وبحسب ما نقلت وكالة بلومبرج الأمريكية في تقرير لها الثلاثاء الموافق 30 مايو 2023، يمثل الشاغل الرئيس للمتداولين التمويل الخارجي لتركيا، مشيرة إلى أن البلاد استنفدت احتياطياتها من العملات الأجنبية والتي بلغت 200 مليار دولار على مدار العام ونصف العام الماضيين من أجل دعم الليرة التركية.

يذكر أن الليرة التركية خسرت 7.3% منذ بداية العام، وفقدت أكثر من 90% من قيمتها على مدار العقد الماضي، إثر مرور الاقتصاد بدورات من الازدهار والكساد، ونوبات من التضخم المرتفع، بفعل السياسات التي تبنتها الحكومة.

تداعيات سلبية

تلك السياسة التي تبناها البنك المركزي التركي، يصفها تقرير بلومبرج بـ”السياسة باهظة التكلفة” والتي قادت إلى أن أصبحت صافي احتياطات النقد الأجنبي مقدرة بالسالب.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفع التضخم إلى أكثر من 80% خلال العام الماضي، لكنه عاد وانخفض مجددًا إلى 44% في شهر إبريل، لكن شكك خبراء مستقلون في الأرقام الرسمية التي تصدرها تركيا.

ما سبب تحسن الأسهم؟

في غضون ذلك، ارتفع مؤشر بورصة اسطنبول للبنوك 9.6٪ وأغلق مرتفعًا 9.2٪، في أفضل أداء يومي له منذ 11 مايو.

هذا التحسن النسبي يأتي بعد أن التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزير المالية السابق، محمد شيمشك، ما أثار حالة من التفاؤل بسبب السمعة النقدية الطيبة للوزير السابق وهو اللقاء الذي تبعه حالة من التفاؤل بسبب توقعات بأن شيمشك قد يعود إلى إدارة أردوغان ويساعد في توجيه الاقتصاد نحو سياسات اقتصادية أكثر تقليدية.

سياسات نقدية مثيرة للجدل

يأتي ذلك بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها بلاده، أمام منافسه، مرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، بعد جولة إعادة حاسمة تابعتها وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية من كثب، ليتمكن بذلك الرجل الذي مكث على رأس الدولة التركية حوالي 20 عامًا من تحقيق انتصار حاسم.

وسيمكث 5 أعوام أخرى ليحقق بذلك حوالي ربع قرن على رأس الحكم، ويُعد أردوغان الرجل الأكثر بقاءً في قيادة البلاد منذ تأسيس تركيا الحديثة، ويتزامن هذا العام مع الذكرى الـ100 لتأسيس الجمهورية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تبنى سياسة نقدية مثيرة للجدل بميله إلى تخفيض الفائدة بهدف مواجهة التضخم، وهو نهج مناقض للسياسات النقدية الشائعة، وقادت إلى هروب المستثمرين، ما أدى إلى انخفاض تاريخي في مجمل الحيازات الأجنبية من الأسهم وسندات الخزانة التركية، فضلًا عن التراجع الكبير الذي ضرب العملة.

حكومة جديدة

رغم المعطيات سالفة الذكر، فإن تحسن الأسهم التركية يأتي بعد أن التقى أردوغان بوزير المالية السابق، قبل أن يشكل أردوغان الحكومة ما أثار حالة من التفاؤل، إذ أن محمد شيمشك، ذا سمعة طيبة فيما يتعلق بـ السياسات النقدية، وقد يعود بتركيا إلى السياسة النقدية التقليدية، وهو ما سيتضح خلال الأيام القليلة المقبلة.

وكان أردوغان ألمح قبل الانتخابات إلى إمكانية تعديل تشكيلة فريقه الاقتصادي عندما قال إن شيمشك، قد يعود إلى الحكومة للمساعدة في صياغة السياسات النقدية، وهناك عامل آخر ساهم في تحسين مستويات التضخم، وهو إعفاء الأتراك من دفع فواتير الغاز لهذا الشهر.

وكتب الأكاديمي في جامعة بيلكنت، كبير الاقتصاديين السابق بالبنك المركزي، حقان كارا،  على تويتر إن معهد الإحصاء التركي قد يعلن عن تضخم صفري أو سلبي بمقدار طفيف لشهر مايو، بعد خصم 2.4 نقطة من معدل التضخم الشهري، بفضل الغاز الطبيعي المجاني.

اقرأ أيضًا| هل تنتشل سياسات أردوغان المقبلة تركيا من أزمتها الاقتصادية؟

اقرأ أيضًا| تحليل| ماذا سيتغير في سياسة أردوغان المقبلة؟

ربما يعجبك أيضا