بعد محاولة استهداف باشاغا.. هل يتعقد المشهد الليبي مجددًا؟

حسام السبكي

حسام السبكي

ما إن تلبث الأزمة الليبية، أن تشهد فصلًا من الهدوء السياسي، حتى تأتي العواصف لتقلب المعادلات وتزيد المشهد السياسي غموضًا، وذلك هو الحال تحديدًا، في العاصمة الليبية، المغلوبة على أمرها، بين أيدي الفرقاء السياسيين، المدفوع بعضهم بأجندات خارجية لتنفيذ مآرب بعينها، فيكون الوطن هو الضحية، والمواطن هو الوحيد من يدفع الثمن.

فاليوم، ومع حلول الظهيرة، تعرض موكب وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية، لما يشبه محاولة اغتيال، عندما فتحت مجموعة مسلحة النار على موكب الوزير، ما تسبب في إصابة أحد مرافقيه، ومقتل أحد المهاجمين، بينما سادت حالة من الانفلات الأمني “المؤقت”، في العاصمة الليبية.

يأتي هذا في الوقت الذي تستعد فيه مدينة سرت، لاستقبال جميع النواب، لتوحيد البرلمان الليبي، بعد توافقات سياسية مؤخرًا بين غرب البلاد وشرقها، أسفرت عن تشكيلة جديدة للمجلس الرئاسي الليبي المؤقت.

محاولة اغتيال أم ماذا؟

أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الليبية، مساء الأحد، تعرض الوزير فتحي باشاغا لمحاولة اغتيال في طرابلس.

وأكدت الوزارة نجاة وسلامة باشاغا وعدم تعرضه لأذى.

وفي تطور عاجل، ذكرت وسائل إعلام ليبية أن “جماعات مسلحة سيطرت على ميدان الشهداء في طرابلس بعد حادثة باشاغا”.

وفي وقت لاحق، عادت الجماعات المسلحة للانسحاب بعد ترهيب وترويع المواطنين.

كما غادر باشاغا طرابلس عقب الهجوم، إلى مدينته مصراتة، وسط حالة انفلات أمني في العاصمة طرابلس.

وحول تفاصيل استهداف باشاغا، أوضحت وزارة الداخلية أن سيارة مسلحة ومصفحة قامت بإطلاق النار مباشرة على موكب الوزير من أسلحة رشاشة، أثناء رجوعه إلى مقر إقامته بجنزور.

وأكدت القبض على اثنين من المهاجمين، ووفاة ثالث أثناء التعامل معهم.

وقال مصدر، لوكالة “رويترز”: إن المهاجمين أطلقوا النار بكثافة على موكب الوزير في غرب طرابلس، بعد زيارته المؤسسة الوطنية للنفط ومقر قوة إنفاذ القانون التابعة للوزارة.

ولاحقاً، أكدت صحيفة “المرصد” الليبية وقوع إطلاق نار كثيف في حي غوط الشعال بطرابلس، بمشاركة سيارات مسلحة بمضادات طائرات، وإغلاق الطريق السريع.

وأكدت الصحيفة التعرف على هوية القتيل في الاشتباك مع موكب باشاغا، وهو رضوان الهنقاري من مدينة الزاوية. وأضافت أنه كان يقود سيارة تحمل شعار “جهاز دعم الاستقرار” المستحدث مؤخراً من قبل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

من جهته، أكد جهاز دعم الاستقرار الليبي أنه سيلاحق قانونياً “من تورط بإطلاق النار على موظفينا من حرس باشاغا”، معتبراً أن “ما حدث هو سوء تنسيق وسوء تصرف من حراسات وزير الداخلية”. ونفى أي محاولة لاغتيال الوزير.

من جانبه، قال وزير الدفاع في حكومة الوفاق إنه يعمل على “تأمين العاصمة لمنع أي تجاوزات” بعد حادثة باشاغا. وكلّف الوزير صلاح النمروش قوة من منطقة طرابلس العسكرية لفرض الأمن ومنع أي تجاوزات أمنية، مؤكداً أن “أمن العاصمة طرابلس وأمن ليبيا بالكامل خط أحمر لا يمكن المساس به.. نؤكد أنه لا أحد فوق القانون وستتم محاسبة كل من يتسبب في تقويض الأمن“.

في سياق متصل، أفادت “العربية” أن باشاغا كان قد أصدر “قرارات عقابية بحق قادة بعض المجموعات المسلحة“.

أما قناة “ليبيا 24” فأكدت أن “ميلشيات” من الزاوية وأخرى تتبع باشاغا تحتشد في غرب طربلس بعد حادث إطلاق النار في جنزور.

وعُين باشاغا في 2018 وزيراً للداخلية في حكومة الوفاق الوطني، ومقرها طرابلس. وكان الوزير البالغ من العمر 58 عاماً من الشخصيات المرشحة لشغل منصب رئيس الوزراء الانتقالي الذي تولاه في أوائل فبراير عبدالحميد دبيبة، في إطار عملية رعتها الأمم المتحدة.

في 23 أكتوبر وقع الطرفان المتنافسان في غرب وشرق ليبيا اتفاق وقف إطلاق نار دائم، بعد خمسة أيام من المناقشات في جنيف برعاية الأمم المتحدة.

وفي 5 فبراير، عُيِّن المهندس ورجل الأعمال عبدالحميد دبيبة رئيساً مؤقتاً للوزراء، إلى جانب مجلس رئاسي انتقالي من ثلاثة أعضاء لضمان الانتقال بانتظار تنظيم انتخابات وطنية في ديسمبر 2021.

ردود الأفعال

وعقب وقوع الحادث، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها إزاء الحادث الأمن الخطير الذي استهدف وزير داخلية الوفاق باشاغا.

ودعت البعثة إلى تحقيق كامل وسريع وشفاف في الحادث الذي يؤكد مرة أخرى مدى أهمية إبقاء جميع الأسلحة فقط في أيدي “السلطات الشرعية“.

وقالت البعثة: إن هذه الأعمال المتهورة تشكل تهديدا للاستقرار والأمن وتهدف إلى عرقلة العملية السياسية وغيرها من الجهود لدعم ليبيا.

من جانبه، استنكر المجلس الرئاسي الليبي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، الأحد، الحادث الذي تعرض له وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، داعيا الجهات القضائية لفتح تحقيق بشكل عاجل في ملابسات الحادثة وملاحقة مرتكبيها والتأكيد على عدم إفلات كل المتورطين من العقاب.

وأكد المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق أن مسيرة تحقيق الاستقرار التي شرعوا فيها مليئة بالتحديات والمتربصين، مشددة على ضرورة ألا يكون هناك مجالا للفتنة وزرع المكيدة و”عرقلة هذه المسيرة التي سلكناها معا من أجل النهوض بليبيا. “

ودعا المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق كافة الأطراف في هذه المرحلة الحرجة إلى ضبط النفس والحرص على العمل معا للوصول للحقيقة ومحاسبة كل من خرق القانون من خلال الجهات القضائية والأمنية المختصة.

وأشاروا إلى أن السلطة الجديدة ستباشر عملها فور اعتمادها خلال الأيام المقبلة، وستعمل على أن يكون من أولوياتها بسط السيطرة الأمنية الكاملة على كافة التراب الليبي والحرص على تطبيق القانون بحزم من خلال الأجهزة القضائية والأمنية المختصة، لكي تتمكن من وضع مثل هذه الوقائع خلفها، وأن تلتفت نحو بناء ليبيا.

دوليًا، دانت سفارة كندا لدى ليبيا، الهجوم الذي تعرض له موكب المفوض بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا، بعد ظهر اليوم الأحد، داعية إلى إجراء تحقيق وضبط النفس من قبل جميع الجماعات المسلحة.

وقالت السفارة الكندية، عبر حسابها على موقع «فيس بوك»: «تدين سفارة كندا في ليبيا هجوم اليوم على موكب وزير الداخلية الليبي الحالي، وتدعو إلى إجراء تحقيق وضبط النفس من قبل جميع الجماعات المسلحة، خاصة طوال فترة الانتقال إلى حكومة انتقالية موحدة في ليبيا».

كما دانت السفارة الفرنسية، الأحد، الهجوم الذي تعرض له موكب وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا.

ونقلت حساب السفارة عبر “تويتر”، عن سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا، قوله: “ ندين الاعتداء على وزير الداخلية فتحي باشاغا، ونعبر عن تضامننا مع الجريح من طاقمه، مطلوب تحقيق كامل، يجب ألا يؤثر هذا العمل البغيض على العملية السياسية الجارية”.

وأدانت الولايات المتحدة الأمريكية، الأحد، محاولة اغتيال وزير الدّاخلية اللّيبي بأسلحة رشاشة.

وأعرب السفير الأمريكي نورلاند، عن تنديد الولايات المتحدة بالهجوم الذي استهدف الوزير فتحي باشاغا، معربا عن تعاطفه مع العضو المصاب في فريقه.

وأكد  السفير الأمريكي خلال مكالمة هاتفية مع الوزير  “أنّ تركيز ليبيا على إنهاء نفوذ الجماعات المسلحة يحظى بالدعم  الكامل، داعياً إلى إجراء تحقيق سريع لتقديم المسؤولين إلى العدالة”.

وعربيًا، أعربت قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لـ”الهجوم” الذي تعرض له موكب وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني الليبية، فتحي باشاغا، غربي العاصمة طرابلس.

وقالت وزارة الخارجية القطرية إنها “تجدد موقف الدولة الثابت من رفض العنف والإرهاب والأعمال الإجرامية مهما كانت الدوافع والأسباب”، مشددة على “ضرورة ملاحقة العناصر الضالعة في الهجوم وتقديمها للعدالة.”

ربما يعجبك أيضا