بعد مخالفته التوقعات.. هل ينجو الاقتصاد التركي من مخاطر تباطؤ النمو؟

حقق الاقتصاد التركي خلال الربع الثاني من العام الحالي 2022 نموًا بقرابة 7.6%، متجاوزًا توقعات الأسواق بنمو في حدود 7.5%.

ويأتي هذا الأداء القوي بدعم من ارتفاع معدلات الإنفاق الاستهلاكي والنمو الإيجابي للصادرات التركية، رغم بلوغ التصخم أعلى مستوياته في أكثر من عقدين، وسط امتناع البنك المركزي التركي عن رفع أسعار الفائدة، خشية التضحية بمعدلات النمو القوية.

نمو يفوق التوقعات

أعلن معهد الإحصاء التركي، اليوم الأربعاء 31 أغسطس 2022، ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي 7.6% على أساس سنوي، خلال الربع الثاني من 2022، في حين ارتفع 2.1% مقارنة بالربع الأول من العام، متجاوزًا توقعات سابقة لـ”رويترز” بنمو قدره 7.5% ولـ”بلومبرج” بنمو في حدود 7.4%.

وأوضحت بيانات المعهد أن أبرز القطاعات التي تشكل الناتج المحلي حققت نموًا قويًّا خلال الفترة من إبريل إلى يونيو 2022، فارتفعت قطاعات الأنشطة المالية والتأمينية 26.6%، والإنفاق الاستهلاكي للأسر 22.5%، والخدمات بـ18.1%، والصادرات بـ16.4%، مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي.

مسار نمو الاقتصاد التركي في الربع الثاني من 2022

الأموال الرخيصة تدعم اقتصاد تركيا

ارتفع الناتج المحلي لتركيا خلال الربع الثاني من 2022 إلى 219.34 مليار دولار من مستوى 180.61 مليار دولار المسجل في الربع الأول، في إشارة إلى استمرار زخم النمو المدفوع بسياسات الرئيس رجب طيب أردوغان الاقتصادية التي تعطي الأولوية لمعدلات النمو وزيادة الصادرات، واحتواء التضخم عبر دعم عجز الحساب الجاري دون المساس بأسعار الفائدة المنخفضة.

ومنذ رفعت تركيا تدريجيًّا عمليات الإغلاق المرتبطة بجائحة كورونا في 2020، توسع اقتصادها فصليًّا بمتوسط يتجاوز 6%، بدعم من استمرار دورة التيسير النقدي، رغم فقدان الليرة خلال 2021 نحو 44% من قيمتها مقابل الدولار، وتراجعها منذ بداية العام الحالي 27%، ما ضغط على معدلات التضخم، ودفعها خلال يوليو الماضي إلى أعلى مستوياتها في 24 عامًا عند 79.6%، وفق “بلومبرج”.

نمو الإنفاق الاستهلاكي والسياحة

قالت “بلومبرج” في تقرير، اليوم، إن نمو الاقتصاد التركي في الربع الثاني بأكثر من التوقعات، جاء مدفوعًا في الأساس بارتفاع إنفاق الأسر الذي يشكل أكثر من 50% من قيمة الناتج المحلي للبلاد، بـ22.5%، بدعم أساسي من دورة التيسير النقدي، وزيادة الطلب المحلي.

من جهة أخرى، شكلت عائدات السياحة التي تسهم بأكثر من 12% من الناتج المحلي، رافعة لنمو اقتصاد تركيا، فخلال الأشهر الـ7 الأولى من العام الحالي، ارتفع عدد السائحين الوافدين إلى تركيا 128% إلى 23.03 مليون سائح، مقتربًا من مستوى 30 مليون سائح المسجل العام الماضي، ولكنه لا يزال بعيدًا عن مستويات 2019 عندما زار البلاد نحو 45.1 مليون سائح.

قفزة في نمو مستويات الإنفاق الاستهلاكي

تباطؤ في الأفق

خلال الربع الثاني من العام الماضي نما الاقتصاد التركي 21.7%، أما في الربع الثاني من هذا العام، فلم يتجاوز الـ8% وبحسب توقعات “بلومبرج” يتجه لنمو 1.3% خلال الربع الأخير من 2022، في إشارة إلى احتمالات فقدان زخم النمو خلال الفترة المقبلة، وهذا الشهر، توقع المركزي التركي تراجع وتيرة نمو النشاط الاقتصادي في الربع الثالث من 2022.

وخفض المركزي التركي في 18 أغسطس سعر الفائدة الأساسي 1% إلى 13%، للمرة الأولى هذا العام، في محاولة للحفاظ على معدلات النمو المرتفعة، وخلال العام الماضي، نما الاقتصاد التركي 11%، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع هذه النسبة إلى 4% فقط هذا العام، مقابل توقعات لـ”رويترز” بنمو قدره 4.1%.

ركود أوروبا مصدر قلق

توقع استطلاع لـ”رويترز”، هذا الشهر، أن يتباطأ النشاط الاقتصادي في تركيا خلال النصف الثاني من 2022، نتيجة تراجع معدلات الطلب مع استمرار ارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية، ودخول أكبر شركاء تركيا التجاريين في دائرة الركود، وأبرزهم منطقة اليورو التي لم يتجاوز اقتصادها خلال الربع الثاني نموًا 1%، وسط توقعات بنمو 2.6% عن مجمل 2022، هبوطًا من 5.4% في 2021.

ويعد الاتحاد الأوروبي الشريك الأهم تجاريًّا لتركيا، فخلال العام الماضي قفزت قيمة الصادرات التركية بنحو 33% إلى 225.4 مليار دولار، شكلت حصة بلدان الاتحاد أكثر من 41% منها، وتشكل الصادرات رافعة للاقتصاد التركي بنحو 50%، فبحسب وزير التجارة، محمد موش، ساهمت الصادرات بـ3.87% في نمو اقتصاد البلاد خلال الربع الثاني من 2022.