بعد نزع فتيل الأزمة مع كوريا الشمالية.. هل يأتي الدور على إيران؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في أن تعود طهران إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي، معتبرًا أن تغيرات مهمة طرأت على إيران وتوجهاتها السياسية في الفترة الأخيرة.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي عقد بعد قمته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في سنغافورة اليوم: “أمل بأنهم سيعودون لبحث صفقة جدية في الوقت المناسب بعد فرض عقوبات، سبق أن قلت إنها ستكون شديدة.. لكن الوقت لم يحن لذلك بعد”.

واعتبر ترامب أنه “فيما يتعلق بالاتفاق النووي، باتت إيران الآن تختلف عما كانت عليه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر”.

وأوضح: “لا أظن أنهم يعيرون نفس الاهتمام بمنطقة البحر المتوسط وسوريا، كما كان الأمر سابقا. لم يعودوا يمتلكون ذات الثقة الكاملة بالنفس التي كانت لديهم في الماضي.  لقد باشروا بسحب رجالهم من سوريا ومن اليمن. هذا أمر مختلف تماما”.

وذكر دونالد ترامب، أنه قام بذلك، بسبب المشكلة النووية، لكن تصرف إيران جاء كأثر جانبي لذلك.

وقال ترامب: “لم تعد إيران، تلك الدولة التي كانت قبل 3-4 أشهر، حينذاك كانت أكثر جرأة”. 

وفي 8 مايو، أعلن ترامب عن انسحاب بلاده من اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي كان تم التوصل له في 2015.

وأعلن الرئيس الأمريكي، إعادة فرض كل العقوبات التي كانت سارية ضد إيران قبل توقيع الاتفاق، وتشمل العقوبات الأمريكية الدول الأخرى التي تتعامل مع إيران.

وتتهم واشطن، السلطات الإيرانية بتقديم الدعم العسكري للحكومة السورية وللحوثيين في اليمن. وتعتبر أن هذا يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط.

إيران لا تثق

وقد حذرت إيران زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون من الثقة في الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قالت إنه يمكن أن يلغي اتفاقهما على نزع السلاح النووي خلال ساعات.

ونقلت وكالة أنباء إرنا الإيرانية، عن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت قوله: “لا نعلم مع من يتفاوض زعيم كوريا الشمالية. من الواضح أنه يمكن أن يلغي الاتفاق قبل أن يعود لبلاده”.

من أجل تغيير سلوك طهران

ويشير تقرير وول ستريت جورنال  الأمريكية حول سياسة ترامب تجاه إيران إلى أن الرئيس الأمريكي يسعى من وراء الخروج من الإتفاق النووي إلى تخفيف إلتزامات أمريكا في الشرق الأوسط. وكذلك تخفيف التهديدات ضد مصالح أمريكا. فهو لا يسعى إلى إسقاط النظام في إيران وإنما إلى الدخول في صفقة مع طهران.

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن تجربة ترامب مع كوريا الشمالية، تدل على أنه لن يحذو حذو جورج بوش الابن مع العراق؛ وإنما هو يسعى وراء الصفقات التجارية، وتحويل الأزمة إلى مكاسب تجارية.

ويضيف أن سياسة تغيير الأنظمة ليس بعيدة عن سياسة أمريكا؛ ولكن في الوقت الحالي ترامب يسعى إلى تغيير سلوك إيران، وليس تغيير نظامها، فسياسته تجاه إيران مبنية على عدم التكلفة وتخفيف التهديدات ضد مصالح أمريكا والخروج بصفقة من المكاسب.

إيران وحيدة

بعد الاجتماع التاريخي الذي جمع كلاً من زعيمي البلدين دونالد ترمب وكيم يونج أون، أصبح مصير المشروع النووي الإيراني وصواريخ طهران المطورة بخبرات كورية شمالية في مهب الريح.

وكانت إيران تسير لعقود مضت على خطى كوريا الشمالية، سواء بما يتعلق ببرنامجها الصاروخي المثير للجدل أو الشعارات العدائية ضد الولايات المتحدة والتهديدات التي تطلقها بضرب القوات الأميركية أينما تواجدت.

لكن إيران الآن أصبحت وحيدة وحائرة أمام الاتفاق الجديد بين واشنطن وبيونج يانج.

هذا بينما يضع الاتفاق الأميركي – الكوري الشمالي، طهران في موقف حرج، حيث كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، قد دافع عن موقف بيونج يانج، وتهديداتها النووية السابقة وتجاربها الخيرة على القنابل والصواريخ، قائلا إن “كوريا الشمالية وبسبب حفظ وجودها سلكت هذا الطريق، وذلك لأن واشنطن تهددها كوريا الشمالية وبالمقابل يقوم هذا البلد باختيار قنابل جديدة”.

هذا بينما أكد الرئيس الأمريكي أكثر من مرة أن الهدف الرئيسي لإيران من وراء تطوير برنامجها الصاروخي هو إنتاج صواريخ لديها قابلية لحمل رأس نووي حيق تهدد أمن المنطقة وذلك في إطار سياستها التوسعية.

وكانت تقارير غربية تحدثت عن تطور التعاون الصاروخي بين إيران وكوريا الشمالية عقب اختبار طهران في مايو 2017، صاروخ كروز من غواصة “ميدجيت” في مضيق هرمز، بالخليج العربي، والمنقولة بالتفصيل عن تصميم وضعه خبراء كوريون شماليون.

وأكد تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية عن قيام طهران بإجراء تجربة على إطلاق صاروخ من تحت المياه للمرة الأولى من إحدى غواصاتها بالتعاون مع مسؤولين من كوريا الشمالية التي تملك خبرات عسكرية في هذا المجال.

وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن إيران فشلت في إطلاق صاروخ من نوع جاسك 2 كروز في شهر مايو 2017، من غواصة “ميدجيت ” وهي صواريخ من النوعية نفسها الموجودة لدى كوريا الشمالية كانت قد استخدمت واحداً منها عام 2010 لإغراق سفينة كوريا جنوبية.

وكانت إيران اختبرت صاروخاً باليستيا أطلقت عليه تسمية “خرمشهر” في أواخر يناير/ كانون الثاني 2017، بالإضافة إلى تجربة صاروخ “عماد” القادر على حمل رأس نووي في 11 أكتوبر 2015.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن كوريا الشمالية صممت صاروخ “خرمشهر”، لتقوم إيران بإطلاق صاروخ مماثل بخبرات إيرانية لصاروخ “موسودان “، الذي يعتبر من أكثر الصواريخ تقدما في الترسانة العسكرية لكوريا الشمالية.

زيارات متبادلة

وازداد التعاون بين إيران وكوريا الشمالية في مجال الصواريخ الباليستية خاصة في مجال رأس الصواريخ وتوجيهها قد استمر في السنوات الأخيرة، بالنظر إلى زيارات المتبادلة لخبراء البلدين باستمرار.

وكانت تقارير أفادت بأن خبراء الصواريخ الكوريين الشماليين يبقون في بعض الأحيان لعدة أشهر في مراكز قيادة الصواريخ لقوات الحرس.

وأسس الحرس الثوري في عام 1985 وحدة صاروخية وقامت في عام 1993 بتصنيع صواريخ باليستية قابلة لحمل الرأس النووي بشكل واسع بإدخال التقنية من كوريا الشمالية.

كما أسس في عام 1996 القوة الجوية بواسطة خبراء كوريا الشمالية الذين يشرفون على صنع صواريخ باليستية، يتم إرسالها إلى ميليشيات إيران في دول المنطقة منها في لبنان وفلسطين واليمن والعراق وفي سوريا.

كما أن الصواريخ الباليستية التي تطلق من #اليمن باتجاه المملكة العربية #السعودية هي من صنع قوات الحرس الثوري وبخبرات كورية شمالية.

علاقات قديمة

وتعود العلاقات بين طهران وبيونج يانج إلى الثمانينيات من القرن الماضي، حيث تجذرت على أساس العداء المشترك للولايات المتحدة الأميركية، وهي قاعدة جمعت بين نظام إسلامي تحكمه أيديولوجية دينية ونظام شيوعي متزمت يعتبر الدين أفيونا للشعوب.

لكن الأيديولوجيا والمعتقدات لدى كلا النظامين لم تمنع التقاءهما حول المصلحة القومية التي جمعت بين جمهورية إيران وجمهورية كوريا الشيوعية.

زيارة خامنئي 

وتتوجت العلاقات بين البلدين منذ زيارة آية الله علي خامنئي إلى كوريا الشمالية في أواسط الثمانينيات من القرن المنصرم عندما كان رئيسا للبلاد، ووطدتها زيارة هاشمي رفسنجاني في أواخر ذلك العقد. وما يميز هذه العلاقات، بعدها العسكري إذ أعطت بيونغ يانغ تكنولوجيا عسكرية لطهران خلال حربها ضد العراق ومنها المتعلقة بالصواريخ الباليستية.

وأدت العلاقة الطويلة إلى تحول كوريا الشمالية إلى مختبر للأسلحة المحظورة للدولة الغنية بالنفط الذي يدر الأرباح باستمرار، ومتجر الأسلحة الخفي لطهران وميليشياتها، بما يتضمن الجماعات المسلحة مثل حزب الله والحوثيين ونظام بشار الأسد.

نهج قاس كما مع كوريا

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” ذكرت أن النهج القاسي الذي تتبعه إدارة ترمب للتعامل مع الحكومات الأوروبية بشأن التعاون مع إيران هو بنفس القدر من الأهمية حول الضغوط التجارية على الصين والتي كانت فعالة في تغيير سياسات كوريا الشمالية.

وبينما يواصل المواطنون الإيرانيون الاحتجاجات على اقتصاد والغلاء وأوضاع البلاد المتردية، يواصل النظام الحاكم بإنفاق مليارات الدولارات التي حصل عليها كجزء من الاتفاق النووي على التسلح وخاصة الصواريخ الباليستية التي تخضع لحظر أممي بموجب قرارات مجلس الأمن.

وتشير التقديرات إلى أن النظام الإيراني أنفق ما لا يقل عن 35 مليار دولار في السنوات الأخيرة على عملياته العسكرية الخارجية لا سيما في سوريا، فضلا عن بلدان أخرى.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد أن أي جهد لاتفاق جديد مع إيران يجب أن يركز على تقويض وصول النظام إلى تكنولوجيا الصواريخ الباليستية أو صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

ربما يعجبك أيضا