بعد 27 عامًا من النجاح.. جيف بيزوس يتخلى عن مفتاح أمازون

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

أعلن أغنى رجل بالعالم “جيف بيزوس” بشكل مفاجئ، قراره بالتنحي عن منصبه كمدير تنفيذي لعملاقة التجارة الإلكترونية “أمازون” ، بعد ما يقارب من 30 عاما من وجوده على رأس الشركة التي أسسها عام 1994 في مرآب منزله في سياتل كمتجر لبيع الكتب إلكترونيا ونجح في التحليق بها عاليا لتصبح اليوم واحدة من أكبر الشركات في العالم ورائدة بمعنى الكلمة في مجال التجارة الإلكترونية.

بحسب ما أعلنته أمازون سيخلف بيزوس كمدير تنفيذي للشركة “آندي جاسي” الذي يقود حاليا قسم الحوسبة السحابية، أما بيزوس فسيظل رئيسا لمجلس الإدارة، وهذا التغيير في هيكل إدارة الشركة سيتم خلال النصف الثاني من العام الجاري.

ماذا سيفعل بيزوس بعد التخلي عن مفتاح أمازون؟

قال بيزوس 57 عاما في رسالة إلى موظفي أمازون الثلاثاء الماضي: “بصفتي رئيسا تنفيذيا، سأظل منخرطا في مبادرات “أمازون” المهمة، لكن سيكون لدي أيضا الوقت والطاقة التي أحتاجها للتركيز على صندوق “اليوم الأول”، وصندوق “بيزوس إيرث”، وشركة استكشاف الفضاء “بلو أوريجين”، وصحيفة “واشنطن بوست”، والأشياء الأخرى التي أنا شغوف بها”.

إذا بيزوس سيقضي وقته بين مشاريعه الأخرى التي ربما لم تحظ منه بالاهتمام نفسه الذي منحه طيلة 30 عاما لمشروعه حياته “أمازون”، هذه المشاريع عبارة عن مبادرات مجتمعية ومشاريع استثمارية تتعلق بالفضاء والإعلام، وقال بيزوس في تصريح لـ”واشنطن بوست” – التي يملكها- إن خطوة الاستقالة من منصب المدير التنفيذي لـ”أمازون” ستمنحه بعض الوقت والطاقة للتركيز على هذه المبادرات والمشاريع.

 أول هذه المشاريع بحسب ما ذكره بيزوس نفسه في رسالته هو صندوق اليوم الأول أو “The Day One Fund”، وهو صندوق قيمته تبلغ نحو 2 مليار دولار أسسه عام 2018، بهدف فتح مدارس بمنح كاملة تعمل وفق منهج “مونتيسوري” مخصصة للمجتمعات المحرومة من الخدمات، كما يسعى الصندوق إلى تمويل المنظمات التي تدعم العائلات المشردة.

أما صندوق “بيزوس إيرث” أو Bezos Earth Fund، فأسسه بالعام الماضي بتمويل بنحو 10 مليارات دولار لمكافحة تغير المناخ عبر تخصيص منح للعلماء والنشطاء في مجال المناخ، والمنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال، فضلا عن تمويل المبادرات الرامية للحفاظ على البيئة.

أما شركة “بلو أوريجين” أو Blue Origin فأسسها في 8 سبتمبر الماضي، بهدف تقديم خدمات الرحلات الفضائية وتطوير صواريخ للسياحة الفضائية.

أيضا ذكر بيزوس أنه سيخصص جزءا من وقت فراغه بعد الرحيل عن منصب المدير التنفيذي لصحيفة واشنطن بوست التي اشتراها عام 2013 مقابل 250 مليون دولار وساهم في تطويرها وتحسين وجودها في العالم الرقمي.

من سيخلف بيزوس؟

كشف بيزوس في رسالته إلى موظفيه عن هوية خليفته على رأس أمازون، وهو آندي جاسي مدير قسم الحوسبة السحابية، وقال إن لديه ثقة كاملة في جاسي وإنه أحد أهم الأشخاص المعروفين للغاية داخل أمازون، مضيفا “سيكون قائدا بارزا”.

جاسي يبلغ من العمر 53 عاما ويصنف على أنه من الرعيل الأول في الشركة، إذ التحق بها فور تخرجه من كلية الأعمال بجامعة “هارفارد” عام 1997، وسريعا ما لمع أسمه تحديدا بعد نجاحه في تأسيس قسم خدمات الإنترنت عام 2003، وتأسيس البنية التحتية لسوق الحوسبة السحابية في الشركة، وفي عام 2016 قام بيزوس بترقيته إلى منصب الرئيس التنفيذي لوحدة “AWS” الخاصة بخدمات الحوسبة السحابية، ونجح في قيادتها لتحقيق مبيعات بنحو 50 مليار دولار وهو رقم ممتاز للغاية.

جاسي أيضا عمل كمستشار تقني لبيزوس، وهو عضو بمجموعة نخبة المديرين التنفيذية التي يطلق عليها بيزوس “فريق S”، والأهم من كل ذلك هو أن جاسي لديه خبرة واسعة بخدمات الحوسبة الإلكترونية “خدمات المستقبل” -إن جاز التعبير- فخلال العام الماضي عادت هذه الخدمات للواجهة وبقوة مع اضطرار الملايين حول العالم للعمل من المنزل والتفاعل عبر خدمات السحابة الإلكترونية سواء المقدمة من أمازون أو من منافسيها كجوجل وغيرها.

مع ذلك سيكون أمام جاسي مهمة صعبة للحفاظ على القفزات الناجحة التي حققتها أمازون طوال السنوات الماضية، وحل العديد من المشاكل التنظيمية سواء المتعلقة بحقوق العمال من ذوي الياقات الزرقاء، إذ لدى أمازون سجل غير مُرض فيما يتعلق بمعاملة هذه الفئة من العمال وإخضاعهم لظروف عمل غير إنسانية أو المتعلقة برغبة الجهات التنظيمية في أمريكا وأوروبا في تشديد الرقابة على عمل شركات التكنولوجيا.

لماذا قرر بيزوس الرحيل الآن؟

حاليا تبلغ قيمة شركة أمازون أكثر من 1.6 تريليون دولار وخلال الربع الأخير من 2020 حققت إيرادات بلغت 125.6 مليار دولار ، بزيادة أكثر من 40% مقارنة بنتائج 2019، وبشكل فاق توقعات محللين “وول ستريت”، ولدى الشركة مستقبل جيد ومستقر، يقول بيزوس: عندما تنظر إلى نتائجنا المالية، فإن ما تراه في الواقع هو النتائج التراكمية طويلة المدى لعمل “أمازون”، في الوقت الحالي أرى أمازون في أكثر حالاتها إبداعًا على الإطلاق، مما يجعله الوقت الأمثل لهذا “التحول”، يقصد التنحي عن إدارتها التنفيذية لصالح دماء قديمة جديدة “جاسي”.

تقول “بلومبرج” في تقرير نشر أمس، إن الخطوة التي أقدم عليها بيزوس تعد خطوة طبيعية إن لم تكن حتمية في هذا الوقت، بعد أن قاد أمازون لسنوات طويلة بنجاح، فالشركة الآن في موقع ممتاز في السوق الأمريكي والعالمي ككل وتمر بأكثر فتراتها خصوبة، وهي واحدة من بين شركات قلة في نادي “التريليون دولار” إلى جانب آبل ومايكروسوفت، ويتوقع أن تدفع بيزوس إلى أن يكون من أوائل الذين سيحملون لقب “تريليونيو” بحلول 2026.

أضف إلى ذلك أن بيزوس لديه مشاريع وليدة تحتاج منه اهتمامًا أكبر من أمازون على رأسها “بلو أوريجين” ففي حين هو يبدأ أولى خطواته في خدمات الرحلات الفضائية – التي تمثل ثورة المستقبل خلال العقد المقبل- هناك منافس شرس في هذا المجال هو إيلون ماسك الذي تقدم عشرات الخطوات ونجح في العام الماضي في إطلاق أول رحلة مأهولة لشركته “سبيس إكس” إلى الفضاء.

يرى البعض أن معايير بيزوس الصارمة في الإدارة تجعله يسعى دائما إلى النجاح والمثالية الفائقة في عمله، ما يعني أنه حينما قرر التخلي عن عرش أمازون “تنفيذيا” كان يضع أمام عينه هدف التحليق بمفاصل إمبراطوريته الأخرى عاليا كما هو الحال مع “أمازون” فهو في حاجة إلى تأمين نجاح “بلو أوريجين” وأيضا واشنطن بوست و صندوقي “بيزوس إيرث” و”اليوم الأول”.

ربما يعجبك أيضا