بعد 30 عامًا.. إلى أين وصلت اتفاقيات أوسلو؟

شروق صبري
بعد 30 عامًا.. إلى أين وصلت اتفاقيات أوسلو؟

لا زالت اتفاقيات أوسلو، على الرغم من العقبات والتعقيدات التي تحيط بها، أمل المتفائلين من أجل تحقيق السلام.


بعد 30 عامًا من عقد اتفاقيات أوسلو، تظل أصداء سيمفونية السلام تلك المليئة بأوتار الدبلوماسية المتناغمة، تتردد.

ففي عام 1993، وتحت سماء البيت الأبيض المشمسة، شاهد العالم الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين، وهما قد شبكا أيديهما في لحظة واحدة، من شأنها أن تصبح محفورة في التاريخ.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

قدم ذلك بصيصًا من الأمل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يبدو مستعصيًا على الحل.

وقال الدكتور ميخال ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، متحدثًا عن أهمية اتفاقيات أوسلو: “كانت اتفاقيات أوسلو أهم مفترق طرق في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

وأضاف: “كانت هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها الزعماء ببعضهم البعض ويتفقون على إنشاء كيان فلسطيني بين النهر والبحر. ويمكن تبنى أو انتقاد اتفاقيات أوسلو، لكنها ترسخت وأصبحت حقيقة غير قابلة للتغيير”.

اتفاقيات أوسلو

قال ميلشتاين، في تحليل أعده لمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن اتفاقيات أوسلو جسدت سلسلة من السوابق التاريخية المثيرة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها قيادات البلدين ببعضهما البعض وتصوغان ترتيبا قائما على التقسيم الإقليمي للأرض.

وفي أعقاب الاتفاق، جرى إنشاء السلطة الفلسطينية، أول كيان دولة فلسطينية في فلسطين التاريخية تحكم الناس الذين يعيشون هناك، حتى لو لم تحصل على مكانة دولة ذات سيادة. في هذا الإطار، تحول تركيز نشاط الحركة الوطنية الفلسطينية من الخارج “الشتات” إلى “الداخل” المناطق، وبدأ وضع سابقة لنشاطها السياسي المتمثل في الحكومة، والبرلمان، والانتخابات.

ويرى ميلشتاين أن اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 وهو أحد أعنف الصراعات في تاريخ الصراع، شكل انهيارًا لـ”حقبة أوسلو” وقوض الرؤية التي بموجبها استبدل الشعبان لغة الصراع بخطاب سياسي لحل الصراع. يثير النقاش بشأن أسباب فشل العملية وتجدد الصراع العنيف ونقاشات حادة حتى يومنا هذا، مصحوبة باتهامات متبادلة.

الوضع الراهن

قال رياض زبادي، في ترجمته لتحليل ميخال ميلشتاين الذي وضعه تحت عنوان “بين السيئ والأسوأ: مجموعة البدائل الاستراتيجية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الذكرى الـ30 لاتفاق أوسلو”، إنه بعد تجربة مجموعة واسعة من الاتصالات، غرق الشعبان المنهكان في نوع من الوضع الراهن القائم على إعطاء الأولوية للتطوير.

وجرى استبدال أيديولوجيات الماضي العظيمة بالسلام الاقتصادي، الذي أصبح سياسة إسرائيل غير الرسمية في السياق الفلسطيني، ويجرى الترويج له من خلال مجموعة متنوعة من “التسهيلات” و”المنح” في مجالات التجارة والبنية التحتية والتمويل والتوظيف.

وتستند هذه السياسة إلى افتراض إسرائيلي قديم مفاده أنه من خلال الحفاظ على حياة الفلسطينيين أو تحسينها، من الممكن تحقيق الاستقرار الأمني والحفاظ على السيطرة على المناطق دون الحاجة إلى اتخاذ أي قرارات.

السلام الاقتصادي

عمليًّا، يجسد السلام الاقتصادي انتصارًا باهظ الثمن، ففي حين أنه يسمح بالاستقرار الأمني على المدى القصير والمتوسط ويمنع سيناريوهات مثل انتفاضة ثالثة، فإنه في الوقت نفسه يعمق الاندماج بين الطائفتين.

ولذلك فهو اندماج ينبع من قرارات السياسة العامة أو التخطيط الاستراتيجي، ولكنه يتحقق في إطار يومي باهت وبيروقررطي قائم على التصاريح أو التأشيرات أو تعبيد الطرق أو نشر خطوط الاتصالات. عامة، فإن انشغال إسرائيل بالقضية الفلسطينية محدود جدًا، ومن الواضح أن القيادة والجمهور يطمحان إلى “الهروب” من النقاش المعمق بشأن القضية.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

رؤية الدولتين

بدت مناقشة البدائل الاستراتيجية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تبرز موضوعين يناقَشان باستمرار. الأول هو رؤية الدولتين. على الأقل من المستقبل المنظور، توجد صعوبة كبيرة في تحقيق المفهوم كما جرى تصوره قبل ثالثة عقود، بسبب التغيير في النظام الفلسطيني، الذي أصبح ساحتين منفصلتين تحركهما أفكار متنافسة، بالإضافة إلى التغييرات التي حدثت على الأرض، مع التركيز على نمو الاستيطان اليهودي.

البديل الثاني هو إدارة الصراع، وجوهره الحفاظ على الواقع في الساحة الفلسطينية أو تحسينه، من خلال الوسائل الاقتصادية. في هذا السياق، تبرز فكرة الحكم الذاتي المدني دون بعد إقليمي التي تصورها بيغن في أواخر سبعينيات القرن العشرين، للحد من الصراع مع التركيز على تحسين حياة الفلسطينيين والحد من التواصل بينهم وبين إسرائيل، دون وجود حاجز جغرافي بين المجتمعين.

بدائل استراتيجية

لدى إسرائيل حاليًّا بديلين استراتيجيين فقط، ما يعكس الاختيار بين الخيارات السيئة. وهو مفهوم الدولة الواحدة، مفهوم قديم يتم تحقيقه تدريجيًّا دون تخطيط أو رغبة أو وعي. ويمكن الافتراض أن مثل هذا الكيان سيتطور على عدة مراحل: الأول، إضعاف السلطة الفلسطينية، والثاني هو الضم الإسرائيلي التدريجي للضفة الغربية.

والثالث هو احتمال ظهور واقع الفصل العنصري. نظرًا لعدم رغبة إسرائيل في إضفاء طابع المواطنة على الفلسطينيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والرابع إعلان رسمي لدولة واحدة جميع سكانها مواطنون متساوون في الحقوق، بعد ضغوط داخلية وخارجية شديدة ستجد إسرائيل نفسها فيها.

ومن المرجح أن تكون هذه بداية فصل تاريخي جديد، وسيسعى كل شعب للسيطرة على الكيان المستقبلي، ما قد يؤدي إلى صراع آخر واسع النطاق بينهما، والذي قد يكون أكثر حدة من صراعات الماضي.

اقرأ أيضا: الصين: قلقون من تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

اقرأ أيضا: وزير الخارجية المصري: حل الدولتين أساس لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

ربما يعجبك أيضا