بـ«الزفة» وحلاقة الشعر.. كيف يستقبل العرب هلال رمضان؟

شيرين صبحي

في فلسطين، تصدح المساجد بعد الإعلان عن دخول شهر رمضان، بالدعاء والابتهالات معلنة الصيام، ويتجه المسلمون إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، ويخرج الأطفال حاملين الفوانيس، التي يحرص الأهالي على شراءها لإدخال البهجة على نفوسهم، وتتعالى الصيحات والضحك العالي للإعلان عن قدوم الشهر الكريم.


من الغناء والابتهال والتسبيح، مرورًا بـ”الزفة”، وصولًا إلى شراء الأدوات الجديدة، تختلف طقوس استقبال ليلة رؤية هلال رمضان.

في مصر قديمًا، اختلفت طقوس استطلاع الهلال، ففي العصر الفاطمي وجدت “دكة القضاة” فوق سفح المقطم، والتي يجتمع فيها القضاة لرؤية الهلال، ثم بنى القاضي بدر الجمالي مسجدًا على سفح المقطم اتخذت مئذنته مرصدًا لرؤية الهلال، وبعد التحقق من الرؤية تضيئ الأنوار ويخرج قاضي القضاة في موكبه الفخم مع إنارة الفوانيس بالشموع.

يا أمة خير الأنام.. صيام

3264 3

في العصر المملوكي كان يخرج قاضي القضاة في موكب الرؤية ذاهبًا إلى منارة مدرسة المنصور قلاوون، ومعه الأطفال حاملين الفوانيس، ومعه القضاة الأربعة كشهود على الرؤية، وعندما يتأكدون من الهلال ينادى القضاة في الجميع ببدء الصوم.

كان الاحتفال يبدأ بإرسال عدد من الأشخاص الثقات إلى مسافة عدة أميال في الصحراء، إذ يصفو الجو، لكى يروا هلال رمضان، بينما يبدأ من القلعة موكب الرؤية وعندما يصل نبأ ثبوت الرؤية، يتفرق الجنود إلى مجموعات يحيط بهم المشاعلية والدراويش، ويصيحون “يا أمة خير الأنام.. صيام.. صيام”.

“الشعبنة” في الخليج

عقب آذان مغرب اليوم الأخير من شعبان، يجتمع أهل السعودية حول شاشات التلفزيون منتظرين انقطاع البث، وظهور المذيع ليزفّ خبر إعلان مجلس القضاء الأعلى بدخول الشهر الكريم. وما إن يسمع الغلمان الخبر، حتى يخرجوا جماعات وبيدهم الدفوف وهم يغردون بعبارات فلكلورية معروفة لديهم مثل “جاكم رمضان بالفرحة، جاكم رمضان بالبهجة، جاكم رمضان يا مرحى لهذا الشهر اللي جاي”.

احتفال “الشعبنة”، تراث شعبي حجازي ظهر بعد دخول قريش في الإسلام، وهى ليلة تجتمع فيها الأسر والأقارب والأصدقاء والجيران وأبناء الحي، لتوديع الفطر واستقبال الصيام، وفي دول الخليج عقب استطلاع الهلال، ينطلق الأطفال في الطرق والحوارى يحملون الأكياس المزركشة، للحصول على الحلويات التي توزعها الأمهات، مرددين الأغاني الرمضانية المعروفة في كل منطقة.

يا نفس ما تشتهي

maxresdefault 6

يستقبل اليمنيون رمضان بطلاء منازلهم، وفي اليوم الأخير من شعبان يترقبون الإعلان عن رؤية الهلال، البعض لا يبارح المسجد بعد صلاة المغرب حتى يعود لأهله بخبر دخول الشهر الكريم. حتى إذا علموا بحلول الشهر، جعلوا ليلة الرؤية ليلة سمر حتى ساعة متأخرة من الليل، وغالبًا ما يوصلوها حتى الفجر بالتهليل والتكبير عبر المآذن ، ويحرق الأطفال إطارات السيارات كتعبير عن الفرحة.

وينفرد أهل صنعاء في اليوم الأخير من شعبان، بعمل ما يسمونه “يا نفس ما تشتهي”، فيلتقي الرجال والشباب في المساجد أو المنازل ويحضر كل منهم شيئًا تطيب له نفسه من المأكولات والمشروبات، ويجتمعون في حلقات صغيرة ليشتركوا في تناول ما أحضروه، ويتبادلون الأحاديث، ثم يتفرغوا للتسبيح والتكبير وحمد الله، وكذلك تفعل النساء في المنازل.

ويفضل بعض النساء في صنعاء استحضار مغنية لتطربهن حتى ساعة متأخرة من الليل، وتذهب أخريات إلى الحدائق مع أطفالهن ويتناولن كل ما لذ وطاب من المأكولات.

عواشر مبروكة

Doc P 937661 637844201726420798

يتبادل المغاربة التهنئة عند ظهور الهلال بجملة “عواشر مبروكة”، في إشارة إلى تقسيم رمضان ثلاث عشرات، الأولى رحمة والثانية مغفرة والثالثة عتقٌ من النار.

و”شعبانة”، هو ما يطلقه المغاربة على ليلة الرؤية، التي تقع في شعبان، وعند رؤية الهلال يبدأ النداء في المساجد، وتوزيع الحلوى على الأطفال والمصلين في المساجد.

صح رمضانكم

عندما يهل الهلال يهنئ الجزائريون بعضهم بمقولة “صح رمضانكم..”، وينطلق الشباب لفتح المحلات لصنع الحلويات الرمضانية، وقبل حلول رمضان، يتسابق الناس على طلاء منازلهم، وشراء أدوات المطبخ والأغطية الجديدة، وتنظيف وتطهير البيوت بالكامل، ولا تغفل ربات البيوت عن تحضير كل أنواع التوابل “رأس الحانوت، الفلفل الأحمر وغيرها” والخضر واللحوم بشتى أنواعها، وتنطلق التواشيح الدينية.

ويحرص التونسيون منذ بداية ليلة 28 شعبان، على تزيين الشوارع والبيوت بالفوانيس والزينة والمصابيح.

اللبنانيون والمكوث على الشواطئ

يسمي اللبنانيون ليلة رؤية هلال رمضان “سيبانة”، فيمكث المسلمون على الشواطئ منتظرين رؤية الهلال ثم يتوجهون إلى المحكمة الإسلامية للإدلاء بشهادتهم، وسيبانة كلمة استبدلها العامة بدل كلمة “استبانة ” وتعنى استبانة الهلال أو رؤيته والتحقق منه.

وعقب رؤية الهلال في سوريا، يصعد المؤذن على المنبر ويؤذن من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، ومع بدء الشهر يحلق الرجال لحاهم ويضعون العطور، ويغلقون المحلات ويجلسون بالبيت وكأنه يوم العيد.

بالزفة والروائح الجميلة

بخور

في السودان بمجرد ثبوت رؤية الهلال تنطلق “الزفة” التي تتكون من رجال الشرطة والجوقة الموسيقية العسكرية في شوارع المدن الكبرى، ويتبعهم موكب رجال الصوفية، ثم فئات الشعب، معلنين بدء الشهر الكريم، وتنبعث من المنازل رائحة جميلة هي رائحة الأبري أو المديدة.

وفي فلسطين ، تصدح المساجد بعد الإعلان عن دخول شهر رمضان، بالدعاء والابتهالات معلنة الصيام، ويتجه المسلمون إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، ويخرج الأطفال حاملين الفوانيس، التي يحرص الأهالي على شراءها لإدخال البهجة على نفوسهم، وتتعالى الصيحات والضحك العالي للإعلان عن قدوم الشهر الكريم.

حمل المشاعل

بعد ثبوت رؤية هلال رمضان في موريتانيا، يتوجه الموريتانيون إلى الحلاقين لقص شعرهم، مثلما كان يفعل الموريتانيين القدامى لاعتقادهم “إن الحلق ضروري حتى ينبت لكل شخص شعر رمضان”. وتؤجل الأسر أعراسها إلى هذا الشهر تفاؤلاً به على عكس ما يحدث في معظم الدول الإسلامية.

ويستقبل أهالي جزر القمر، ليلة الرؤية، بالمشاعل فيخرج السكان متجهين إلى السواحل، فتنعكس نور المشاعل على الماء، ويدقون الطبول إعلانًا عن قدوم رمضان، ويسهرون حتى السحور على السواحل أو حتى الصباح.

ربما يعجبك أيضا