بواسطة فلسطينيين.. إسرائيل تتحايل على «المقاطعة» التركية

عبدالمقصود علي
مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين أمام آيا صوفيا في إسطنبول

في مواجهة التجميد التام للعلاقات التجارية الذي أقرته تركيا تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب مستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي، يلجأ المستوردون الإسرائيليون إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية للالتفاف على هذه العقبة.


يستغل رجال الأعمال الإسرائيليين ثغرة للتحايل على تجميد العلاقات التجارية الشاملة التي فرضها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على بلادهم في شهر مايو، تعبيرًا عن تضامن أنقرة مع الفلسطينيين بقطاع غزة.

وقال مراسل صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، باسكال برونيل، إن الأرقام مذهلة، ووفقًا لجمعية المصدرين الأتراك، التي استشهدت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية، ارتفعت مبيعات المنتجات التركية الموجهة رسميًا إلى “فلسطين” في يوليو، بزيادة قدرها 1180٪، وبلغت هذه المعاملات 119 مليون دولار، مقارنة بـ9.3 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

المورّد الخامس

أوضح مراسل “ليزيكو”  أن جميع الواردات التي تحمل رسميًا اسم “فلسطين”، مُخصصة للمستوردين الإسرائيليين، الذين اعتادوا العمل مع الموردين الأتراك، وعلى مدار سنوات عديدة، استمرت التجارة بين البلدين في الزيادة، وتضاعفت الصادرات التركية إلى إسرائيل خلال عقد من الزمن، بل أصبحت تركيا الدولة الموردة الخامسة لتل أبيب، حيث بلغت مبيعاتها 5.4 مليار دولار العام الماضي، أو 6% من إجمالي الواردات.

ولفت برونيل إلى أن قرار المقاطعة التي اتخذته أنقرة كان تأثيره قويًا في إسرائيل، وخاصة بقطاع البناء، الذي تأثر بشدة بسبب منع أكثر من 85 ألف عامل فلسطيني من البقاء في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.

لكن ليس من المستغرب، في ظل هذه الظروف، أن ترتفع واردات الإسمنت الموجهة إلى “فلسطين”، والتي تنتهي في مواقع البناء الإسرائيلية، بنسبة 46.300%، كما بلغت الزيادة في واردات الصلب 51%، ومنتجات التعدين 35%، والسيارات 5%، وخاصة سيارات تويوتا المنتجة في المصانع التركية.

خدعة

الخدعة بسيطة، يقول الكاتب، يذهب مستورد إسرائيلي إلى وسيط فلسطيني يقدم الطلب لتركيا، مقابل عمولة تتراوح بين 5 إلى 8% من إجمالي مبلغ الصفقة، ويتم بعد ذلك تفريغ المنتجات المطلوبة في أحد الموانئ الإسرائيلية.

ويؤكد دبلوماسي إسرائيلي: “الجميع يستفيد، مدير الأعمال التركي الذي لا يخسر عميله الإسرائيلي، والمستورد الذي يحتاج بشكل عاجل إلى هذه الإمدادات والوكيل الفلسطيني الذي يستفيد في هذه العملية”، مضيفًا:” “مثل الماء، المال يجد دائمًا طريقة لتجاوز كل العقبات”.

ويبقى أن نرى ما إذا كانت السلطات التركية ستقبل بهذا الوضع لفترة طويلة، يشير الكاتب، خاصة مع استمرار تصاعد التوترات بين البلدين اللذين يواصل قادتهما إهانة بعضهما البعض، وفي حال أنهت تركيا النظام الثلاثي الحالي، فلن يكون أمام إسرائيل بديل سوى استخدام نفس الحيلة، توجيه وارداتها عبر اليونان على سبيل المثال.

واردات النفط

لكن يشير أحد مستوردي السيارات، إلى أن “هذا الخيار ينطوي على عيبين رئيسين، فقد تستغرق عمليات التسليم شهرًا على الأقل، مقارنة بأسبوع، وقد تتضاعف تكلفة النقل”.

وهناك أمر آخر مجهول يتعلق بالنفط ويثير قلق الدولة اليهودية إلى أقصى حد، حيث تستورد إسرائيل نحو 40% من احتياجاتها من النفط الخام من أذربيجان، وهي الدولة التي تربطها بها علاقات وثيقة للغاية، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة، لكن يتم نقل هذا النفط عبر خط أنابيب يبلغ طوله 1768 كيلومترًا يعبر جورجيا وينتهي في ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط.

ومن هناك، يتم نقل النفط الخام بالناقلات إلى موانئ حيفا وأشدود الإسرائيلية لتكريره، وحتى الآن، لم يقم الرئيس التركي باتخاذ أية إجراءات عن هذا النظام. لكن كإجراء احترازي، تسعى وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى التفاوض على زيادة مشترياتها من النفط الخام من مورديها الحاليين، مثل كازاخستان ونيجيريا، أو إيجاد مصادر جديدة للإمدادات، ولكن في هذه الحالة أيضًا، فإن تكلفة النقل ومعدلات عقود التأمين قد تكون أعلى بكثير من تلك المتبعة حاليًا مع تركيا.

ربما يعجبك أيضا