بوليتيكو | صفقات السلاح بين الهند وروسيا توشك أن تسبّب إزعاجًا لبايدن

آية سيد

ترجمة: آية سيد

سوف تواجه استراتيجية إدارة بايدن في منطقة المحيط الهادئ اختبارًا كبيرًا لاحقًا هذا العام عندما تنجز الهند صفقة السلاح المثيرة للجدل مع روسيا بقيمة 5 مليارات دولار، وهي اتفاقية قد تؤدي إلى عقوبات أمريكية في وقت تحاول فيه واشنطن أن تُقرِّب الهند إليها.

كانت صفقة الحصول على خمس منظومات دفاع جوي إس-400 روسية الصنع مصدرًا للقلق في واشنطن منذ فترة طويلة، لكن مع توقع أن يتم التسليم في ديسمبر، سيُجبر البيت الأبيض على حسم كيفية إدارة العلاقة المعقدة بين البلدين.

من ضمن الخيارات المطروحة قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، وهو قانون صدر في عام 2017 ويحظى بدعم واسع في الكونجرس والذي يعاقب الدول على عقد صفقات سلاح كبرى مع روسيا، ثاني أكبر مُصدِّر للسلاح في العالم.

حتى اليوم، الدولتان الوحيدتان اللتان فُرضت عليهما عقوبات بموجب القانون هما تركيا والصين؛ بسبب شراء نفس منظومة إس-400 التي من المقرر أن تصل إلى الهند. إنها سابقة قد تضع إدارة بايدن في موقف محرج مع حليف رئيسي.

يبدو أن حكومة ناريندرا مودي قد قررت المضي قدمًا في الحصول على المنظومة، و”لم يتراجعوا على مدار السنوات الثلاث الماضية بالرغم من تهديدات العقوبات،” بحسب ما قاله سمير لالواني، الزميل المختص باستراتيجية آسيا في مركز ستيمسون.

كان مودي في واشنطن الأسبوع الماضي لمقابلة بايدن والقادة الآخرين للحوار الأمني الرباعي – الهند، وأستراليا، واليابان والولايات المتحدة – لمناقشة مجموعة من القضايا الإقليمية، لكن المسئولين الأمريكيين والهنود لم يؤكدوا وجود إس-400 على الأجندة.

كانت الهند لعقود عميلًا للأسلحة المصنوعة في الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا وإسرائيل. لكن في السنوات الأخيرة حاولت الإدارات المتعاقبة في واشنطن إبعاد الهند عن العتاد الروسي، وحققت نجاحات مهمة، غير أن روسيا تحتفظ بقبضتها على بعض المنظومات الرئيسية، حيث باعت غواصات تعمل بالطاقة النووية وسفن حربية إلى القوات المسلحة الهندية. إلا أن منظومة الدفاع الجوي إس-400 تشغل حيزًا كبيرًا.

في 2020، طردت إدارة ترامب تركيا من برنامج طائرات إف-35 وفرضت عقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات بعد أن حصلت تركيا على أول منظومة إس-400، وهي خطوة كبرى ضد حليف قديم في الناتو. كان الطرد من برنامج إف-35 ثمنًا مريرًا للحكومة التركية، لكن واشنطن وحلفاء الناتو أمضوا سنوات يحذرون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السر والعلن من إتمام الصفقة، بيد أن القيادة التركية ظلت غير مكترثة طوال الوقت. وفي الأسبوع الماضي، قال أردوغان إنه مستعد لشراء منظومة إس-400 ثانية، متعهدًا بأن “لا أحد يستطيع التدخل فيما يتعلق بنوع منظومات الدفاع التي نحصل عليها، ومن أي دولة، وعلى أي مستوى”.

في حين قال آر كلارك كوبر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية والعسكرية في إدارة ترامب، والذي يعمل حاليًا في المجلس الأطلسي، إن الحكومة الهندية “كانت تراقب بالتأكيد كل ذلك بالتفصيل، ونحن حذرناهم باستمرار”. وأضاف كوبر أن الرسالة للحكومة الهندية بعد توقيع الاتفاق مع روسيا في 2018 كانت “إذا استلمتم منظومات إس-400 سوف تعرّضون العمل المشترك مع الولايات المتحدة للخطر، وستعرّضون العمل المشترك مع الشركاء الآخرين الذين تقدرونهم للخطر أيضًا”.

جاء قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات عام 2017 ردًّا على ضم روسيا للقرم، وكان يهدف إلى ثني الدول عن شراء المعدات الروسية مع معاقبة صناعة السلاح للدولة في نفس الوقت. ونظرًا لحجم صادرات الأسلحة الروسية إلى منطقة آسيا – المحيط الهادئ، عملت إدارتا ترامب وبايدن لموازنة القانون ضد استعداء الحلفاء الناشئين الذين يملكون تاريخًا طويلًا من شراء العتاد الروسي.  

تُعد الهند جزءًا أساسيًّا من عملية الموازنة هذه، وكيفية تعامل الولايات المتحدة مع معاملات الهند مع روسيا سيكون لها تأثير على الطريقة التي تتوقع الدول الأخرى أن تُعامَل بها. ولم ترد سفارة الهند في واشنطن على طلب التعقيب على احتمالية فرض عقوبات.

منذ أن دخل قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات حيز التنفيذ، كانت الرسالة للدول ذات العلاقات طويلة الأمد مع صناعة الدفاع الروسية هي: “احتفظوا بأسلحة أيه كيه-47، لكن إذا كنتم تتطلعون فعلًا إلى امتلاك جيش حديث إلى جانب الولايات المتحدة والشركاء، لا تعرضوا ذلك للخطر”. وقال كوبر: “سوف أتفاجأ إذا كان فريق بايدن يجري حوارًا مختلفًا مع الحكومة الهندية”. وقال مسئول رفيع في الإدارة، والذي لم يكن مسموحًا له بمناقشة المسألة وطلب عدم الإفصاح عن هويته، إن مشتريات الدفاع الهندية المزمعة من روسيا ليست سرًا، لكن “نحن نحث كل حلفائنا وشركائنا على التخلي عن المعاملات مع روسيا التي تخاطر بالتسبب في فرض عقوبات”، بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات.

لم يتخذ وزير الخارجية أنتوني بلينكن أي قرار بشأن العقوبات، وذكر المسئول أن “قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لا يملك أي مادة إعفاء شاملة أو معنية بدولة محددة”. إن أي معاملة مع “قطاعي الدفاع أو المخابرات الروسية يجب تقييمها على أساس كل حالة على حدة”.

في حالة تركيا، كان القلق داخل الناتو هو أن نظام الرادار الروسي القوي الذي يتعقب الأهداف لمنظومة إس-400 سوف يضخ معلومات ثمينة لموسكو حول كيفية عمل طائرات إف-35 والطائرات الأخرى. قال القادة في بروكسل إنه من المستحيل أن يضعوا طائرات إف-35 خاصتهم بالقرب من ذلك الرادار، حتى لو كان من يشغّله حليف.

تظل الهند سوقًا ضخمة للدول المُصدِّرة للسلاح، حيث تمثل 9.5% من كل واردات السلاح العالمية في 2020 تتفوق عليها السعودية فقط، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وسوف تواصل المليارات من ذلك الإنفاق في الذهاب إلى روسيا.

وقال سمير لالواني: “مهما يحدث، سواء كانت عقوبات أو إعفاء، التحدي الحقيقي أمام الإدارة هو اكتشاف الطريقة لتجنب اضطرار التعامل مع هذا الموقف مرارًا وتكرارًا”. في 2023، سوف تستقبل الهند اثنتين من أربع فرقاطات من روسيا، وفي 2025، ستبدأ في استئجار ثالث غواصة تعمل بالطاقة النووية من موسكو، لقد جرى إبرام جميع الصفقات الكبرى بالفعل.

وتابع لالواني: “سيكون السؤال هو إذا ما كان هذا سيؤدي إلى موجة من العقوبات في كل مرة. لذلك فإن السبب الآخر الذي سيجعل الإدارة تحل هذه المسألة مع الكونجرس هو ألا يظل سيف دموقليس هذا معلقًا فوق علاقتهما طوال الخمس إلى عشر سنوات القادمة لأن تلك الصفقات قد أُبرمت ووُقعت بالفعل”.

في شهر مارس، أرسل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور بوب مينينديز خطابًا إلى وزير الدفاع لويد أوستن محذرًا: “إذا اختارت الهند المضي قدمًا في شرائها لمنظومة إس-400، ذلك الفعل سيشكل معاملة مهمة، وتسري عليها العقوبات، مع قطاع الدفاع الروسي … سوف تحد أيضًا قدرة الهند على العمل مع الولايات المتحدة على تطوير وشراء التكنولوجيا العسكرية الحساسة”. وفي حين أن تلك الصفقات الكبرى ستُجبر واشنطن على أن تأخذ بعين الاعتبار خيارات السياسة الخاصة بها، فإن المنافسة الصناعية بين الصناعات الدفاعية الأمريكية والروسية ستظل شرسة.

في شهر مايو، صدّقت وزارة الخارجية على بيع 6 طائرات بي-8 المضادة للغواصات للهند، إضافة إلى الـ12 طائرة بوينج التي تشغلها الدولة بالفعل. تحمل كل الصفقات شرط أن يتم 30% من التصنيع داخل الهند، وهو جزء من برنامج مودي “صنع في الهند”.

هناك جائزة كبرى تنتظر في الشهور المقبلة، عندما تقرر الهند من سيبني أسطولها الجديد المكون من 110 طائرة مقاتلة متعددة المهام. تعمل لوكهيد مارتن من أجل بيع الهند طائرة إف-21، المشتقة من إف-16.

تعرض بوينج إف-15 إي إكس إيجل2 وإف/أيه-18 إي/إف سوبر هورنت، التي تتنافس مع ساب جريبن إي/إف، وداسو رافال، ويوروفايتر تايفون، التي ينتجها اتحاد من إيرباص، وبي أيه إي سيستمز وليوناردو. يُعتقد أن روسيا ستعرض ميج-35 وسوخوي-35.

كان من المفترض أن يكون إدراج إدارة أوباما للهند كشريك دفاع رئيسي في 2016 علامة على رغبة واشنطن في الاقتراب من نيودلهي، مع دفع الحكومة الهندية إلى البدء في نبذ بعض العتاد الروسي. يمنح الاتفاق الهند إمكانية الحصول على تكنولوجيات الدفاع الأمريكية بدرجة مشابهة لحلفاء الناتو، وجاء مباشرة عقب خسارة روسيا لصفقة بقيمة 3 مليارات دولار لصالح بوينج لبناء مروحيات أباتشي وشينوك.

إن الولايات المتحدة وصناعة دفاعها المؤثرة ليست بصدد الابتعاد عن هذه الصفقات والعلاقة المتنامية مع الهند، في وقت أصبحت فيه الدولة حليفًا مقربًا في ردع الصين. لكن في ظل عدم رغبة الهند في الابتعاد عن علاقتها مع روسيا، سيتحتم على الكونجرس والبيت الأبيض عما قريب أن يقررا المقدار المستعدَّين لقبوله.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا