بيان «زعيم إخوان تونس» الأخير.. الغنوشي كالغريق يتعلق بقشة

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يواصل رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي المجمد راشد الغنوشي محاولاته لإرباك الوضع في البلاد وذلك بإصدار بيان يزعم فيه أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي من تبعات الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو الماضي.

وتحدث الغنوشي عما وصفها ترذيل النواب والمس من هيبة الدولة وتجاوز القوانين والدستور من قبل مؤسسة الرئاسة ناسيا تاريخ منظومته في تدمير الدولة التونسية خلال العشر سنوات الماضية والتي يصفها كثيرون بأنها عشرية سوداء قاتمة من كل النواحي.

وتحدث الغنوشي عن المحاكمات التي تطال عددا من المسؤولين والوزراء المتورطين في ملفات فساد زاعما بأنها محاكمات سياسية في وقت تجمع الطبقة السياسية والمنظمات الوطنية أن الفساد نخر مؤسسات الدولة بسبب ظاهرة الإفلات من العقاب وعدم تطبيق القانون واستغلال القضاء.

ويبدو أن الغنوشي يحاول جاهدا فك عزلته التي بدأت تتوسع شيئا فشيئا فالرئيس قيس سعيد رفض في السابق كل دعوات الحوار التي تذرع بها الغنوشي وذلك في محاولة إعادة المنظومة السابقة.

عزلة داخلية وخارجية

وفي الحقيقة فإن رئيس حركة النهضة يشعر بعزلة ليست داخلية وإنما خارجية كذلك بعد فشل محاولاته للاستعانة بالقوى والدوائر الخارجية وبالحلفاء الإقليميين.

فداخليا تعيش حركة النهضة على وقع انقسام حاد حيث قرر العشرات من القيادات البارزة الاستقالة بسبب استبداد راشد الغنوشي بالرأي وكذلك بسبب دوره في الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد والتي فرضت على الرئيس اتخاذ التدابير الاستثنائية.

وقد أعلنت القيادات المستقيلة سعيها لتأسيس حزب جديد سينافس بلا شك حركة النهضة على القاعدة الانتخابية المحافظة حيث أفاد القيادي المستقيل من النهضة عبداللطيف المكي أن رئيس الحركة ارتكب الكثير من الأخطاء وورط “الإسلاميين” في خصومة مع أطياف من الشعب بسبب سياساته العقيمة.

كما أن أغلب الأحزاب والقوى الوطنية سواء أيدت أو انتقدت بعض قرارات وتوجهات الرئيس رفضت بشكل قاطع التعامل مع حركة النهضة محملة إياها مسؤولية الأزمة.

وتدور حول حركة النهضة شبهات تتعلق بالفساد السياسي والتمويل الأجنبي وهو ما جعل الكثير من القوى السياسية تتنصل من علاقاتها بالحركة وترفض المشاركة في تظاهراتها.

كما زاد قيس سعيد من تعميق عزلة النهضة بإقصاء الحركة من المشاركة في الحوار وهو ما أكدته العديد من القوى القريبة من الرئيس.

أما خارجيا فحركة النهضة فشلت حتى في استمالة القوى التي كانت تدعمها على غرار المحور التركي الذي اختار الصمت رغم بعض الأصوات المنتقدة خاصة من تركيا مع بداية اتخاذ الإجراءات الاستثنائية.

ورغم محاولات النهضة التأثير على صانع القرار الأمريكي عبر عقود “اللوبيينغ” للضغط على الرئيس قيس سعيد لكن ذلك لم ينجح إلى حد الآن وما يزال التعاون قائما بين الإدارة الأمريكية والرئيس التونسي وكذلك بين الرئاسة والحكومات الأوروبية رغم بعض التحفظ من قبل البرلمان الأوروبي.

ووصل الأمر بقيادات من النهضة وبعض حلفائها على غرار الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي إلى دعوة دول ومنظمات أوروبية إلى مقاطعة تونس والضغط عليها اقتصاديا في محاولة لإرباك مؤسسة الرئاسة في مشهد انتقدته كثير من القوى الوطنية واعتبرته خيانة عظمى.

وقد وصف النائب عن حركة الشعب هيكل المكي استعانة منظومة الإسلام بالخارج بأنها إهانة للدولة التونسية لكن هذا الخيار فشل كذلك فشلا ذريعا.

الغنوشي خائف من المحاسبة

ويرى كثيرون أن رئيس حركة النهضة خائف من المحاسبة، خاصة وأن الرئيس انطلق في مواجهة الأحزاب التي عملت على تجاوز القانون وضرب مؤسسات الدولة.

ويبدو أن الغنوشي بدأ يشعر بأن الخناق يضيق شيئا فشيئا عليه لذلك فإن إصداره للبيان الأخير الذي حمل ألفاظا مكررة دليل على حجم مخاوفه وأنه كالغريق المتمسك بقشة.

وتصاعدت دعوات محاسبة راشد الغنوشي جزائيا وقد طالب بهذا الأمر الكثير من القوى والشخصيات الوطنية على غرار الوزير الأسبق محمد عبو الذي قال في إحدى حواراته غن محاسبة الغنوشي أمر لا بد منه لأنه سبب ما تعيشه تونس من أزمات.

ولا يستبعد وفق مراقبين أن يختار راشد الغنوشي المنفى في حال تم تتبعه قضائيا، وهو خيار ليس بالجديد على رئيس حركة النهضة الذي اختار بريطانيا للجوء إليها بعد محاكمته في تونس بداية التسعينات من قبل نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

ربما يعجبك أيضا