بين الاستغلال والشيطنة.. نقص حبوب أوكرانيا يقتل فقراء إفريقيا

عمر رأفت
اتفاق الحبوب .. ما بين انسحاب روسيا ووفيات وأطفال جياع في قارة أفريقيا

تعد صورة الأفارقة الجائعين دعاية للغرب في الوقت الذي انسحبت فيه روسيا من اتفاق البحر الأسود لتصدير الحبوب من أوكرانيا.


في 17 من الشهر الماضي يوليو 2023، أعلنت الحكومة الروسية انسحابها من اتفاقية كانت تضمن تصدير الحبوب الأوكرانية رغم الحرب.

وكان “اتفاق البحر الأسود” الذي توسطت فيه تركيا لدى الروس قبل عام، يسمح بتصدير الذرة والقمح من أوكرانيا إلى الأسواق العالمية، حسب تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في مطلع أغسطس الحالي.

تأثير انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب

قالت المجلة الأمريكية إنه قبل عقد تلك الصفقة عام 2022، تركزت التغطية الإعلامية والمحادثات السياسية على كيفية اعتماد البلدان الإفريقية على واردات الحبوب من أوكرانيا، المعروفة بأنها سلة خبز أوروبا.

وفي 30 أغسطس 2022، عندما وصلت شحنة القمح المُصدَّر الأولى منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية إلى إثيوبيا، أعلنت سفارة الولايات المتحدة في إيطاليا وصولها، عبر بيان صحفي أظهر قدر المعاناة التي عاشتها إثيوبيا كأنها “أمّ لا تستطيع إطعام أطفالها”.

اقرأ أيضًا: أوكرانيا تكشف عن ارتفاع محصول الحبوب 5% في 2023

وأعادت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، في اليوم الذي انسحبت فيه روسيا من الصفقة، التشديد على “قسوة تصرف موسكو” من خلال توضيح أهمية الحبوب الأوكرانية للدول الإفريقية.

مشكلات صفقة الحبوب

مشكلات صفقة الحبوب

معاناة الأفارقة

أضافت جرينفيلد في بيان: “الأطفال في القرن الإفريقي يعانون سوء التغذية الحاد، والأم ستتوقف عن إنتاج حليب الأم لطفلها لأنها لا تملك ما يكفي من الطعام، هذه هي عواقب أفعال روسيا”.

وبينما إفريقيا لم تكن قط المستهلك المستهدف للحبوب الأوكرانية، وعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتقديم الحبوب مجانًا إلى 6 دول إفريقية، وذلك خلال القمة الروسية الإفريقية التي انعقدت منذ أسابيع، مشيرًا إلى أنه يعرف مدى أهمية واردات الحبوب.

اقرأ أيضًا: أوكرانيا: مقتل شخص في قصف روسي لمنطقة خاركيف

ويظهر من بيانات الأمم المتحدة أن جميع الحبوب التي ذهبت إلى إفريقيا منذ تنفيذ اتفاقية البحر الأسود، تمثل أقل من 13% من إجمالي الصادرات، وأن جزءًا بسيطًا فقط منها ذهب إلى ما تسمى بالدول المضطربة في هيئة مساعدات غذائية.

الحبوب الاوكرانية

الحبوب الأوكرانية

تأثير تغير المناخ

من خلال مبادرة الحبوب، استوردت كينيا 438 ألف طن متري من الذرة والقمح، وأنتجت الدولة نفسها 2.9 مليون طن متري من الذرة، و275 ألف طن متري من القمح خلال موسم 2022/2023.

وتلقت إثيوبيا، التي أنتجت 7 ملايين طن متري خلال موسم 2021/2022 وهي أكبر منتج للقمح في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، 282 ألف طن متري من الحبوب بموجب الاتفاقية. وأنتجت مصر 9.8 مليون طن متري من القمح خلال موسم 2022/2023، مقارنة بـ1.6 مليون طن متري استوردتها بموجب المبادرة.

وأدى تغير المناخ إلى تفاقم سوء الأحوال الجوية في منطقة القرن الإفريقي، التي واجهت منذ عام 2020 جفافًا حادًّا ترك نحو 23 مليون شخص عرضة لخطر الجوع الشديد. وفي مارس، هطلت أمطار طال انتظارها، لكن رافقتها فيضانات دمرت المنازل والأراضي الزراعية وشردت الكثير من البشر.

اتفاق الحبوب

الحبوب

تفاقم الوفيات وازدياد الجوع

تعد إثيوبيا حاليًّا أكبر متلقٍّ للمساعدات الغذائية الأمريكية، لكن منذ يونيو، توقفت كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة عن إرسال مساعدات غذائية إلى إثيوبيا، بسبب مخاوف من سرقة المساعدات وبيعها.

وأشارت فورين بوليسي في هذا الصدد إلى أنه يمكن القول إن قرار وقف شحن المساعدات إلى البلاد أدى إلى تفاقم الوفيات المرتبطة بالجوع في المنطقة، حيث يدفع المواطنون ثمن أخطاء المسؤولين.

ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، قادت روسيا حملات متعددة في إفريقيا لإدانة الغرب. وفي المقابل تعتبر الولايات المتحدة شيطنة موسكو بشأن مبادرة الحبوب “فرصة لتقويض دعم القارة لروسيا”.

الحبوب الأوكرانية

الحبوب الأوكرانية

أمر مروع

قال الأستاذ المساعد للتاريخ الاقتصادي والبيئي بجامعة فاجينينجين في هولندا، ميشيل دي هاس، إن غالبية الحبوب المستوردة إلى البلدان الإفريقية تدخل في إنتاج الدقيق والأغذية التي تستهلكها غالبية الطبقات المتوسطة والعليا.

وخلال فترة جائحة فيروس كورونا، ارتفعت نسب تضخم أسعار الغذاء في القارة بقدر مثير للقلق، في مقابل تقلص مصادر دخل الكثيرين. وفي السنوات التالية، كثفت دول مثل مصر وكينيا ونيجيريا استيراد الحبوب من منطقة البحر الأسود.

وأوضحت فورين بوليسي أن توقف إمدادات القمح من أوكرانيا سيكون أمرًا مروعًا للأمن الغذائي على مستوى العالم، وليس فقط في القرن الإفريقي، وسيؤدي إلى ارتفاع عالمي في أسعار المواد الغذائية الأساسية، ما سيخلق عدم ارتياح لكثير من الناس، لكنه سيكون أكثر تدميرًا لسكان البلدان ذات القوة الشرائية المنخفضة.

ربما يعجبك أيضا