بين العصف والطوفان.. إسرائيل تكرّر أخطاءها في حروب غزة

محمد النحاس
جنود إسرائيليون

إسرائيل دخلت المعركة بدون خطة واضحة،كما أن التوغل العسكري الذي بدأ كرد فعل على هجوم حماس وتحول لحرب شاملة، لم يحقق حتى الآن أهدافًا ملموسة.


تمر الذكرى العاشرة لنهاية عملية “الجرف الصامد” إسرائيليًا، و”العصف المأكول” فلسطينيًا، التي شهدت حربًا استمرت 51 يومًا بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة خلال صيف 2014، في خضم حرب أخرى مستمرة منذ 11 شهرًا.

نجد أنفسنا إذن أمام مشهد مُشابه بعد الهجوم الكبير الذي تعرضت له إسرائيل في 7 أكتوبر من هذا العام، فمرة أخرى دخلت إسرائيل غزة، ولكن بلا خطة واضحة، ما قد يعني  تداعيات خطيرة تهدد أمنها على المدى البعيد.

غياب الاستراتيجية 

عندما اندلعت الحرب في 2014، كانت الأهداف المعلنة هي تدمير قدرات حماس العسكرية وتأمين فترة طويلة من الهدوء لإسرائيل.

ولكن مع مرور عقد من الزمن، يتضح أن تلك الأهداف لم تتحقق، إذ كانت إسرائيل تأمل في القضاء على تهديد حماس بشكل نهائي، ولكن العملية كانت محدودة، والتركيز كان على تدمير الأنفاق العابرة للحدود فقط، دون التعامل مع البنية التحتية الأكبر للحركة.

 كان الدخول الإسرائيلي إلى غزة في 2014 نتيجة لرد فعل على حادثة اختطاف 3 شبان إسرائيليين، وليس بناءً على خطة استراتيجية بعيدة المدى، وبعدما كانت إسرائيل قد امتنعت عن توغل بري عميق خوفًا من الخسائر الكبيرة، استغلت حماس هذه السياسة لتعزيز قدراتها وتخطيط هجمات أكثر تعقيدًا في 7 أكتوبر.

نفس الارتباك

مع دخول قوات إسرائيل مرة أخرى إلى قطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر، نرى نفس نمط الارتباك الاستراتيجي. 

إسرائيل دخلت المعركة بدون خطة واضحة، ويبدو أن التوغل العسكري الذي بدأ كرد فعل على الهجوم لم يحقق حتى الآن أهدافًا ملموسة.

حرب استنزاف 

بدلًا من تحقيق النصر الحاسم، تجد إسرائيل نفسها مستنزفة في معركة طويلة، مع تداعيات محتملة تؤثر على قدرتها على مواجهة خصوم أكثر خطورة مثل إيران.

الخطورة تكمن في أن إسرائيل تضع نفسها في مواجهة مباشرة مع حماس دون استراتيجية واضحة لتحقيق أهدافها، في حين أن الجيش الإسرائيلي يمكنه تدمير بعض البنية التحتية لحماس وتحييد عدد من قادتها، إلا أن العملية قد تستنزف الموارد الإسرائيلية دون أن تحقق الأهداف النهائية المرجوة.

مواجهات أبدية

يرى خبراء أمنيون أن التركيز على غزة الآن يأتي في وقت تحتاج فيه إسرائيل لتوجيه اهتمامها نحو تهديدات أكبر، خاصة من إيران التي تشكل تهديدًا وجوديًا، كما أن التورط في حرب استنزاف طويلة الأمد في غزة يضعف إسرائيل ويشغلها عن التصدي لهذا التهديد الأكبر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب خطة خروج واضحة أو رؤية استراتيجية لما بعد الحرب قد يعيد تكرار السيناريو الذي حدث بعد حرب 2014،  حيث تستمر حماس في إعادة بناء قوتها وتجهيز نفسها لجولة جديدة من الصراع، مما يعني أن إسرائيل قد تجد نفسها في مواجهة حروب أخرى على ذات الشاكلة في المستقبل.

ربما يعجبك أيضا