تأثير تحالفات الأحزاب السياسية في تركيا على مستقبل أردوغان

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تعلمت الأحزاب التركية من أخطائها، على مدار السنوات الطويلة الماضية بعد أن تأكدت أنه لا سبيل لها لإقصاء الرئيس التركي رجب أردوغان ونظامه إلا بالتحالفات والوحدة فيما بينهم، كما حدث في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2019. السعي إلى توحيد الصفوف بين الأحزاب التركية يؤكد أن أردوغان بات يواجه خطرا كبيرا على المستوى السياسي في ظل تفاقم الأزمات الداخلية، فضلا عن الكبوات الاقتصادية وآخرها تراجع الليرة التركية بشكل مخيف.

كبوات تركية

أزمات نظام الرئيس التركي رجب أردوغان السياسية والاقتصادية، لا سيما مشاكله مع جيرانه بفضل تخليه عن استراتيجية “صفر مشاكل” وتبنيه نهجًا عدائيًا في محيطه الإقليمي من عمق مشاكله وأزماته وجعل شعبيته في أدنى مستوياته بفعل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وفشل الدولة في مواجهة وباء كورونا، فضلًا عن العجز التام إزاء حرائق الغابات والفيضانات، مما جعل الإطاحة به هدف توحدت المعارضة خلفه رغم محاولات تفريقهم من حزب العدالة والتنمية الحاكم عملا بمبدأ “فرق تسد”.

الأحزاب التركية المعارضة لسياسات النظام التركي تسعى إلى توحيد مواقفها خلال الفترة المقبلة التي تعد فارقة في تاريخ البلاد وعلى رأسهم حزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق وحزب الديمقراطية والتقدم بقيادة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، حلفاء الأمس، الذين أنشقوا عن حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى حزب الشعب الجمهوري – حزب الخير بزعامة ميرال أكشنار – حزب الشعوب الديمقراطي، ومرجع ذلك إلى القمع الذي يمارسه النظام وقبوع عدد من المعارضين سواءً في الداخل أو الخارج في غياهب السجون، فضلًا عن إغلاق الصحف والمواقع الإلكترونية مما أكد لهم أنه الجميع مستهدف ولا أمان لأحد حال بقاء أردوغان في منصبه أكثر من ذلك.

خطوات معارضة

التحالفات السابق ذكرها تؤكد أن المعارضة التركية نجحت في تقليل خلافاتها الفكرية والسياسية، التي كانت تقف عقبة كئود أمام التحالف، ففي السابق كان حزب «الخير» يرفض التحالف مع «حزب الشعوب الديمقراطي» اليساري ذي الغالبية الكردية، لكن هذه الخلافات تراجعت في الفترة الأخيرة، وباتت هناك مصالح متبادلة وأرضية مشتركة، وهو ما دعا زعيم حزب الشعوب الديمقراطي للمطالبة بالوحدة والتحالف مع باقي الأحزاب من أجل هزيمة أردوغان، كما تخلي الحزب الجمهوري عن نزعته السابقة بأنه أكبر الأحزاب ويستطيع تحقيق أهدافه دون التحالف مع الأحزاب الأخرى، إذ رفع شعار “ممارسة الحكم مع الأصدقاء”.

المعارضة التركية تطالب في الوقت الراهن بإجراء انتخابات مبكرة وقد استعدت لذلك جيدًا؛ عبر إنشاء التحالفات باعتبارها الفرصة الوحيدة لهزيمة النظام التركي وإعادة الديمقراطية وتداول السلطة في البلاد، فكل حزب على حدة لن يتمكن من تحقيق الهدف المنشود.

فرق تسد

على الجانب الآخر، يحاول الرئيس التركي ممارسة هوايته في تقسيم المعارضة وتفتيتها فهو يعلم جيدًا أن السبب الرئيسي في بقائه على رأس الدولة خلال العقدين الأخيرين هو العمل على إضعاف المعارضة عبر مجموعة من الوسائل، أهمها  تقسيمها بين أحزاب علمانية وقومية من جهة، و«حزب الشعوب الديمقراطي» من جهة ثانية، حتى لا يكون هناك كتلة وطنية تجمع كل الأطراف السياسية، كما جرم حزب الشعوب الديمقراطي، وسجن أعدادًا كبيرة من مشرعيه ورؤساء البلديات التابعين له، والمسؤولين الحزبيين الذين يعملون للحزب على الأرض، وذلك لفصله عن الأحزاب الأخرى.

فضلًا عن التهم المعلبة التي يطلقها على من يحاول الانضمام لهذا الحزب إذ يوصمه بالإرهاب. وفي ظل المعطيات السابق ذكرها أحزاب المعارضة أمامها فرصة ذهبية إذ نسقت فيما بينها ووحدت جهودها واتفقت على مرشح توافقي عندها ستكون قادرة على تنفيذ أهدافها كاملة وإسقاط نظام العدالة والتنمية. أما في حال نجاح النظام التركي في إفشال التحالفات نتيجة للخلافات الأيدلوجية والتنافس القائم بين أحزاب المعارضة، ورغبة كل رئيس حزب ترشيح نفسه عندها تتفتت الأصوات ويفوز أردوغان من جديد.

ربما يعجبك أيضا