تجارة الفائدة.. كلمة السر وراء انهيار أسهم الأسواق العالمية

عبدالرحمن طه
تجارة الفائدة.. القصة وراء انهيار الأسهم في الأسواق العالمية

سلطت أزمة أسواق الأسهم الأخيرة على طرق يستخدمها المستثمرون الدوليون لكسب الأموال دون عناء، ولكن الطريقة التي تطورت بها الأمور بسرعة كبيرة خلال الفترة الماضية أدت إلى ذعر عالمي.

وشهد الأسبوع الماضي تقلبات حادة في أسواق الأسهم، مني على إثرها مؤشر نيكي الياباني بخسائر بلغت 13%، والأسهم الأمريكية والأوروبية كذلك تلقت خسائر كبيرة، فما هي قصة الفائدة التي هزت العالم؟

تجارة الفائدة

تُعرف تجارة الفائدة أو تجارة الحمل (Carry Trade) بأنها استغلال المستثمرين الفارق في أسعار الفائدة بين بلدين، بحيث يقترضون من الدولة التي يكون سعر الفائدة فيها منخفضًا، ثم يستثمرون في الدولة الأخرى التي تكون فيها الفائدة مرتفعة.

وتنتعش تلك التجارة بشكل خاص عندما تتبنى بنوك مركزية في أجزاء مختلفة من العالم سياسات نقديةً متباينةً، فبينما قد تتجه دولة لكبح التضخم يمكن أن تسعى أخرى إلى تعزيز النمو، ومن هنا ينشأ اختلاف السياسات النقدية.

وبشكل بسيط، يتجه المستثمر للاقتراض من دولة ما فيها سعر فائدة رخيص، ثم يقوم بإقراض تلك الأموال لدولة أخرى ذات سعر فائدة مرتفع، وعند نهاية مدة القرض، يسترد المستثمر أمواله ثم يعيدها للدولة التي اقترض منها، ويستفيد بفارق الفائدة بين الدولتين.

مخاطر تجارة الفائدة

تنطوي صفقات تجارة الفائدة على خسائر كبيرة قد تطال المستثمرين، وذلك نظرًا لأن أسعار صرف العملات عرضة لتصحيحات غير متوقعة، والتي قد تبدد كافة المكاسب التي توقعها المستثمر، بل قد يخسر مزيدًا من الأموال في حالة ما إذا كانت تقلبات العملات قوية.

ووفقًا للنظرية الاقتصادية، فهذه الاستراتيجية من المفترض أنها محكوم عليها بالفشل، فأسعار الفائدة المرتفعة تعني أن دولة ما لديها أساسيات اقتصادية ضعيفة أو تضخم جامح، وبالتالي يجب أن تخفض قيمة عملتها.

لذا، فإن الفرق في أسعار الفائدة بين بلدين يجب أن يعكس المعدل الذي يتوقع المستثمرون به انخفاض قيمة العملة ذات أسعار الفائدة المرتفعة مقابل العملة ذات أسعار الفائدة المنخفضة.

الين والدولار

اشتهر الين الياباني في السنوات الأخيرة بأنه عملة الاقتراض الرئيسية في العالم، خاصة مع اقتراب سعر الفائدة في اليابان من الصفر.

في حين اشتهر الدولار الأمريكي بأنه عملة الإقراض الأشهر خلال الفترة الماضية، خاصة مع قيام البنك الفيدرالي برفع أسعار الفائدة منذ منتصف عام 2022 لتصبح في الوقت الحالي عند مستوى 5.5%، ما يعني أن الفارق بين الفائدة في اليابان وأمريكا يصل إلى أكثر من 5.5% في السابق.

كما اشتهرت أصول أخرى يمكن استثمار الأموال اليابانية الرخيصة فيها، مثل سندات الأسواق الناشئة الأخرى كالمكسيك والتي تخطت الـ10%، أو حتى في أصول أعلى في المخاطرة مثل أسهم إنفيديا أو البيتكوين.

لماذا حدث الذعر

بدأت القصة عندما قام بنك اليابان بنهاية شهر يوليو الماضي برفع غير متوقع لأسعار الفائدة، إلى حوالي 0.25% من نطاق يتراوح بين 0 و 0.1% في السابق، في إجراء جاء متحديا لتوقعات السوق بأن يثبت معدلات الإقراض دون تغيير.

كما قال البنك إنه سيخفض وتيرة شراء السندات الشهرية إلى النصف تقريبا عند حوالي 3 تريليون ين (19.6 مليار دولار) في الربع الأول من عام 2026. من 6 تريليون ين حاليا.

تلى ذلك، صدور بيانات الوظائف الأمريكية، والتي كشفت عن تباطؤ دون التوقعات لسوق العمل في الولايات المتحدة، مع ارتفاع معدل البطالة من 4.1% إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021.

تضارب اتجاهات البنوك

أدت تلك البيانات الاقتصادية إلى توقعات المستثمرين باتجاه البنك الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة بوتيرة كبيرة لإنعاش سوق العمل، في وقت يتجه فيه بنك اليابان لرفع مستمر لأسعار الفائدة.

أدت تلك الاتجاهات المتضاربة إلى تقليل فرص المستثمرين من الكسب وراء تجارة الفائدة بين الين الياباني والدولار الأمريكي، ما سحب مليارات الدولارات من أسواق الأسهم والأصول الأخرى من أجل سداد الديون اليابانية التي بدأت بالارتفاع.

وبدأت الأزمة بالسوق الياباني ذاته، عندما استيقظ العالم يوم الاثنين 5 أغسطس 2024 على خسائر بـ13% في الأسهم اليابانية، امتدت بعد ذلك إلى باقي أسواق الأسهم حول العالم.

ربما يعجبك أيضا