تجدد الدعوة لإصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. هل أصابتهما الشيخوخة؟

علاء بريك
مجلس الأمن الدولي

بعد أكثر من ثلاثة أرباع قرن على إنشائه، علائم الشيخوخة تظهر على مجلس الأمن والأمم المتحدة، فما الحل؟


تجدد الحديث عن شيخوخة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، وحاجتهما إلى إصلاح، مع تصاعد التوترات بأنحاء العالم، لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية.

وكتبت المسؤولة الأممية السابقة والمديرة التنفيذية لمركز “سيكيوريتي كاونسل ريبورت”، كارين لاندجرين، ومدير تحرير المركز نفسه، باول روميتا، في مادة نشرها موقع “جاست سيكيوريتي” أن مجلس الأمن أظهر عجزًا عندما شن أحد أعضائه الدائمين حربًا تخرق ميثاق الأمم المتحدة.

الحرب الأوكرانية الروسية وحق النقض

بحسب الكاتبين، تجددت الدعوة لإصلاح مجلس الأمن بعد حالة الجمود الدولية والعجز، في ما يتصل بالحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 27 فبراير 2022. وأوضح الكاتبان أن هذه الدعوة ليست بالجديدة، فقد بدأت النقاشات بشأن إصلاح مجلس الأمن منذ بداية الحرب الباردة، تخفت أحيانًا وتتصاعد أحيانًا أخرى، لكنها لا تزال مستمرة.

وأرجع الكاتبان تجدد الدعوة اليوم إلى عجز المجلس عن إصدار قرار يدين روسيا على خلفية حربها في أوكرانيا. وبعد فشل المجلس في استصدار قرارات الإدانة، بسبب استخدام روسيا والصين حق النقض “فيتو”، اعتمد المجلس قرارًا يخوله بدعوة هيئة الجمعية للاجتماع بعد كل استخدام لحق النقض، لبدء مناقشة موضوع النقض.

ما معنى الإصلاح؟

يقول الكاتبان إن المقصود بالإصلاح في غالب الأحيان هو زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن، ويشمل ذلك الأعضاء الدائمين والمنتخبين، مع تنظيم استخدام حق النقض. وقد أتت عدة مبادرات خلال العقود الأخيرة بمقترحات إصلاحية تطال هذين الجانبين، لكن أيًّا منها لم يحالفها النجاح منذ 1965، حين ازداد عدد الأعضاء من 11 إلى 15 عضوًا.

ويتابع الكاتبان بأنه من الناحية الإجرائية، تتطلب زيادة عدد الأعضاء تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وهذا يتطلب موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة، ومصادقة ثلثي أعضاء المجالس التشريعية للدول الأعضاء، ويتطلب أيضًا مراجعة المادتين 23 و27 من الميثاق. والجدير بالذكر أن هيكل المجلس لم يتغير إلا مرة واحدة منذ نشأته قبل 3 أباع قرن.

الولايات المتحدة تؤيد التعديل

من جانبها، أيدت الولايات المتحدة على لسان رئيسها، جو بايدن، في 21 سبتمبر 2022، زيادة عدد أعضاء المجلس، فقال: “على مجلس الأمن أن يكون أشمل ليزيد قدرته على التعامل مع عالم اليوم والاستجابة له”، ووعد بعدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض إلا في المواقف الاستثنائية وفي حالات نادرة، لضمان بقاء المجلس جهة موثوقة وفاعلة.

واللافت أن مجلس الأمن أنشأ منذ عام 2008 مبادرة المفاوضات الحكومية الدولية بالقرار “رقم 62/557” وأوكل إليها مهمة مناقشة 5 قضايا تتعلق بالإصلاح، كانت فئات العضوية في المجلس، ومسألة حق النقض، والتمثيل الإقليمي، وحجم المجلس الموسع وطرائق عمله، والعلاقة بين المجلس والجمعية العامة.

طرق إلى الإصلاح لا تتطلب تعديل الميثاق

ما سبق ذكره من مبادرات إصلاحية يتطلب تعديلًا في ميثاق الأمم المتحدة، ولصعوبة مثل هذا الإجراء وتعدد العراقيل في هذا الصدد، حسب ما ذكر الكاتبان، توجد طرق أخرى تقود إلى الإصلاح من دون المرور بمطب التعديل، منها على سبيل المثال إحياء قرار “الاتحاد من أجل السلام”، وقرار المجلس في إبريل الماضي عقد جلسة عقب كل استخدام لحق النقض.

من الطرق الأخرى إلى الإصلاح، اقترح الكاتبان طريق إعادة تفعيل بعض المواد المنسية من قبيل المادة 27 (3) المعنية بمنع الدول المشاركة في النزاع من التصويت على قرارات التسوية السلمية لنزاعاتها. وإلى جانب هذه المادة، توجد مواد أخرى عدة بالإمكان الاستفادة منها لإصلاح عمل المجلس.

الإصلاح ليس بقريب

بحسب الكاتبين، قد تكون الأصوات الداعية للإصلاح اليوم عالية، لكن أي تغيير على المدى القصير لا يزال غير وارد، مثلما لم يكن واردًا في السابق حين كانت العلاقات بين الأعضاء الدائمين متوترة. ويستدرك الكاتبان أن هذه الأصوات تعي وجود مبادرات موازية يمكنها العمل على تعزيز فاعلية المجلس.

ويشير الكاتبان إلى أن مركز “سيكيوريتي كاونسل ريبورت” أرسل تقريرًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يحمل مقترحات تتضمن تعزيز مثل هذه المبادرات، ويوضح رغبة الدول الأعضاء في الحصول على تمثيل أكبر من خلال زيادة عدد الأعضاء. وعبر الكاتبان عن أملهما أن تأتي “قمة المستقبل” في عام 2024 بدفعة سياسية جديدة تحرك مسألة التمثيل إلى الأمام.

ربما يعجبك أيضا