تحديات إقليمية ودولية تنتظر الفائز في الانتخابات الإيرانية

كيف تحدت إيران الولايات المتحدة وأصبحت قوة دولية؟

شروق صبري
المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والعسكريين

الفائز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية سيرث اضطرابات داخلية واقتصاداً متضرر بسبب العقوبات، لكنه سيحظى أيضاً بقوة طهران التي لديها نفوذ أكبر على الساحة الدولية أكثر من أي وقت مضى.


تحت قيادة المرشد علي خامنئي، أحبطت إيران عقودًا من الضغط الأمريكي وخرجت من سنوات العزلة بالتحالف مع روسيا والصين، متخلية عن الاندماج مع الغرب ومراهنة على قوتين كبيرتين في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر مع واشنطن.

رغم أن اقتصاد إيران لا يزال متضررًا من العقوبات الأمريكية، إلا أن مبيعات النفط إلى الصين وصفقات الأسلحة مع روسيا وفرت لها شرايين حياة مالية ودبلوماسية.

الصعود إلى القوة

استغلت إيران الأخطاء الأمريكية في الشرق الأوسط والتغيرات الكبيرة في سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة بين إدارة وأخرى وباتت تشكل تهديدًا أكبر لحلفاء ومصالح أمريكا في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

يصل نفوذ إيران العسكري إلى أوسع وأعمق نطاق له. الجماعات المسلحة المدعومة من إيران هيمنت على السياسة في العراق ولبنان واليمن وسوريا. وشنت أعنف هجوم على إسرائيل في أبريل 2024، بعدما هاجمت تل أبيب حماس في أكتوبر 2023.

قضايا ملحة

بحسب المسؤولين الغربيين، نظمت إيران أيضًا هجمات على المعارضين في أوروبا وخارجها. حيث أنها أرسلت الطائرات بدون طيار لروسيا في أوكرانيا، فضلا عن تهديد الميليشيات المدعومة من إيران، وتوسع برنامجها النووي.

وكل هذه ستظل قضايا ملحة بغض النظر عن الفائز في الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية في 5 يوليو المقبل أو الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل، وذلك حسب ما نشرته وول ستريت جورنال اليوم الأحد 30 يونيو 2024.

المستقبل والتحديات

قالت مديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز الامريكي، سوزان مالوني: “إيران أصبحت أقوى وأكثر نفوذًا وأشد خطورة وتهديدًا مما كانت عليه قبل 45 عامًا”. وأضافت، خيارات السياسة الخارجية لإيران جاءت بتكلفة كبيرة في الداخل. اقتصادها يتخلف كثيرًا عن النمو عن مستويات المعيشة لمنافسيها من دول الخليج مثل السعودية والإمارات.

وفقد النظام الدعم الشعبي الذي جاء به إلى السلطة، مع العديد من الاحتجاجات التي أثارت قمعًا وحشيًا. وقال مدير سابق لمجلس الأمن القومي لشؤون الحد من الانتشار النووي، إريك بروير، “النظام فقد شرعيته، ولا أعتقد أنهم يملكون حلًا جيدًا لهذه المشكلة”. مضيفت كلما كان لدى خامنئي فرصة لفتح الأبواب كان يقمع أكثر.

السياسات الغربية

يعتبر تصاعد قوة إيران فشلًا للغرب. منذ أن كان جيمي كارتر رئيسًا، كانت محاولة إيجاد استراتيجية فعالة لاحتواء إيران بمثابة البحث عن الحوت الأبيض الكبير لصانعي السياسة الخارجية الغربية.

وكانت أداة السياسة المعتادة للغرب هي العقوبات التي  لم تعد فعالة في عزل طهران دولياً فقد استجابت إيران بتعميق التحالف مع  روسيا والصين، ما عقد الدبلوماسية مع طهران، وفقًا للمحللين. خارج الشرق الأوسط، ساعدت صناعة الطائرات بدون طيار الإيرانية في حرب روسيا في أوكرانيا.

وقال المسؤول سابق في السياسة الخارجية الإيرانية، وباحث في جامعة برينستون الأمريكية، سيد حسين موسويان، “كلفت العقوبات الغربية إيران مليارات الدولارات، ومع ذلك أصبحت أكثر نفوذًا، فقد استولت الصين على الاقتصاد الإيراني واقتربت إيران أكثر من روسيا.

 

المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والعسكريين
النفوذ الإقليمي

بينما اتبعت إيران استراتيجية طويلة الأمد ثابتة، أطلقت عليها اسم “الدفاع الأمامي”، لردع هجمات الأعداء كانت تبني شبكة من الميليشيات الموالية. وقال مسؤول سابق كبير في وزارة الخارجية ومهندس الاتفاق النووي الإيراني في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما روبرت إينهورن “أعتقد أننا كنا مشغولين بالقضية النووية ولم تهتم بالقضايا الإقليمية”.

وأضاف، أوباما كان محقًا في إبقاء النفوذ الإقليمي لإيران منفصلًا عن المحادثات النووية والدفع بقوة ضد الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار خارج تلك المفاوضات.

روسيا والصين

تطور علاقة إيران مع روسيا نمت مع الحرب في أوكرانيا، حيث تزود إيران روسيا بالطائرات بدون طيار. كما أن الميليشيات المدعومة من إيران أصبحت مهيمنة سياسيًا في لبنان والعراق واليمن، لكن إيران لم تحقق بعد هدفها المتمثل في طرد الولايات المتحدة من المنطقة.

وتستضيف واشنطن آلاف الجنود الأمريكيين ومجموعة من التحالفات مع كل من إسرائيل والدول العربية. بالتالي تظل واشنطن الوسيط الرئيسي للقوة في الشرق الأوسط. لكن بالتحالف مع روسيا والصين، أصبحت إيران لديها حليفان ثقيلان أيضًا لديهما طموحات في تقليص النفوذ الأمريكي عبر العالم.

قوة إقليمية

قوة إيران الإقليمية تطورت بينما تتجنب تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى عمل عسكري أمريكي مباشر. كان هذا الثبات ممكنًا لأن قضايا الأمن القومي، والبرنامج النووي والاستراتيجية العسكرية، تحددها هيئات غير منتخبة، وهي مكتب المرشد الأعلى والحرس الثوري وليس الرئيس.

خاضت إيران أيضًا جهودًا داخلية للدفاع عن حكم رجال الدين ضد شعبها. على مدى السنوات الخمس الماضية، قادت وحدة سرية تحت الحرس الثوري، جهود النظام لدفع العلمانية وما تراه تأثيرًا غربيًا فاسدًا.

تفرض الوحدة، التي يرأسها قائد سابق في الحرس الثوري، قواعد اللباس الإسلامي وتوجيه الانتخابات. وتهدف إلى حشد مجتمع مدني ديني خاص بها يتألف من 4 ملايين شاب إيراني مخلص كوسيلة لتنفيذ السياسات الأيديولوجية والثقافية لقيادة رجال الدين، متجاوزة بيروقراطية الحكومة المنتخبة.

الانقسامات الداخلية

داخل إيران، السياسة ليست موحدة. الانقسامات منذ فترة طويلة تفصل بين المعتدلين الذين يفضلون التواصل مع الغرب والمتشددين الذين يعتقدون أن أفضل مكان لإيران هو في تحالف مع روسيا والصين.

أعيدت المناقشة خلال الانتخابات الرئاسية، التي تجرى الآن بين المرشح الإصلاحي مسعود پزشكيان والمرشح المتشدد سعيد جليلي بعد أن لم يحصل أي منهما على أغلبية في الجولة الأولى من التصويت مع انخفاض نسبة المشاركة.

واشنطن والنووي

رأت إدارة أوباما حلاً للمسألة النووية ضروريًا لتقليل التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط بعد أكثر من عقد من الحرب. في عام 2015، اتفقت إيران و6 قوى عالمية، على اتفاقية تاريخية لفرض قيود صارمة على العمل النووي الإيراني لمدة 10 سنوات.

في المقابل، حصلت طهران على تخفيف للعقوبات الدولية التي طالبت بها واشنطن. ورأى المؤيدون أنه انتصار لسياسة الضغط. كانوا يأملون أن يؤدي ذلك إلى احتواء طويل الأمد للبرنامج النووي الإيراني وتخفيف التوترات في المنطقة. ورأى المعارضون أن الاتفاق سمح لإيران بانتظار 10 سنوات واستئناف العمل على الأسلحة النووية مع اختفاء معظم العقوبات الدولية.

ربما يعجبك أيضا