تحرير الحُديدة عزل المليشيات الحوثية عن البحر

يوسف بنده

رؤية

يعول اليمنيون كثيراً على التحركات العسكرية في الساحل الغربي، لعزل المليشيات الحوثية تماماً عن المنافذ البحرية وإغلاق باب التكهنات عن أي احتمال لدعم إيراني يصل إليها، ومثلهم التحالف العربي الذي يُكرس جهوده لانتزاع ميناء الحديدة من قبضة المليشيات، الميناء الذي طالما كان بوابةً تستقبل عبرها المليشيات دعماً إيرانياً أمكنها من الاستمرار في مسرح العمليات القتالية لهذه المدة.

تكمن أهمية عملية تحرير الحديدة -التي تقودها القوات المشتركة المكونة من ألوية العمالقة والمقاومة التهامية والمقاومة الوطنية، بإسناد من قوات التحالف العربي، وبمشاركة فاعلة من القوات المسلحة الإماراتية، لتحرير مدينة وميناء الحديدة من قبضة ميليشيات جماعة الحوثي الانقلابية الإيرانية- في قطع الشريان الذي يتغذى منه الانقلابيون، وهو ميناء الحديدة، وبالتالي حرمانهم من منفذ تزودهم بالأسلحة الإيرانية المهربة. 

وفضحت الانتصارات الساحقة التي تحققها القوات في إطار عملية “النصر الذهبي” التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية، استجابة لطلب الحكومة اليمنية الشرعية، قطر وإيران الساعيتين إلى إنقاذ أداتهما في اليمن ميليشيات الحوثي، الموكلة إليها تنفيذ أجندتهما التخريبية والتدميرية في اليمن، حيث اتضح ذلك جلياً من خلال تباكي قطر وإيران، وتهويلهما لخطورة العملية العسكرية الهادفة إلى القضاء على الحوثيين، وتحرير الحديدة، من دون الأخذ في الاعتبار الخطر الجاثم على جسد البلاد منذ أكثر من أربع سنوات، وما تخللها من إشعال الحوثيين الحرب، واجتياحهم عدداً من المحافظات، بينها الحديدة، وتحويل مينائها الاستراتيجي الهام من منفذ مهم لمرور المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، إلى منفذ للموت يستفيد منه الحوثيون من خلال تهريب الأسلحة الإيرانية، والتحكم في المساعدات، وجني الموارد المالية، والإتاوات لتمويل ما يسمى بـــ”المجهود الحربي”، لتدمير وقتل اليمن واليمنيين، وتهديد الملاحة البحرية الدولية، ودول الجوار، وتحديداً السعودية. 

وفي المقابل، وفي حقيقة الأمر، فإن عملية تحرير مدينة وميناء الحديدة، تهدف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق للشعب اليمني عن طريق تحرير ميناء الحديدة، وتأمين الممرات المائية الدولية، وذلك في إطار أھداف عملية (إعادة الأمل)، بما يتماشى مع الأسباب التي دعت إلى التدخل العسكري للتحالف في اليمن، المتمثل في طلب الحكومة الشرعية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لسنة 2015، خاصة القرار رقم 2216، وكذا جر الانقلابيين إلى طاولة المفاوضات لضمان المضي وفق مسار سياسي والوصول إلى حل سلمي، وإجبارهم على الامتثال للإرادة الوطنية والإقليمية والدولية، ووضع حد لما آلت إليها الحرب من مأساة إنسانية متفاقمة، والخلاص من الكارثة التي حلت بالبلاد والعباد، وألقت بظلالها القاتمة على مختلف الصعد، والمستويات، وقطاعات الحياة. 

ومع استشعار الانقلابيين حجم الخسارة التي لحقت بهم، والخطر الداهم على مشروعهم الإيراني الدخيل على اليمن، والمنطقة العربية برمتها، دعا ما يصف نفسه بالمصدر المسؤول في حكومة الانقلاب غير المعترف بها “المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن ومجموعة الــ19 الراعية لعملية التسوية السياسية في اليمن، إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم في حفظ السلم والأمن الدوليين، والضغط باتجاه وقف التصعيد في الساحل الغربي، وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات السلام، تمهيداً للدخول في عملية تسوية سياسية شاملة”، وهو ما يعكس مخاوف الانقلابيين من خسارة ميناء الحديدة الذي بات وشيكاً، وخضوعهم غير المعلن رسمياً للذهاب إلى مفاوضات السلام. 

وبهذا الصدد، قال المحلل السياسي والعسكري الأكاديمي بجامعة عدن الدكتور علي الخلاقي: إن الانقلابيين الحوثيين أهدروا الفرص الممنوحة لهم من الشرعية والتحالف العربي بشأن الاستجابة لصوت العقل، والتعامل إيجابياً مع القرارات الدولية، وهو ما استدعى اللجوء إلى خطوة إطلاق العملية العسكرية لتحرير الحديدة من الحوثيين، وتحرير الميناء الهام والاستراتيجي وقطع الشريان الرئيسي الذي يغذيها بالأسلحة والأموال. 

وأضاف، إن الحوثيين يعيشون في مرحلة انكسار معنوي وعسكري في الساحل الغربي، وبيدهم تجنيب سكان ومدينة الحديدة معاناة ودمار الحرب، خصوصاً أن القوات ماضية في العملية العسكرية، وفي الوقت ذاته تضع ضمن خططها ألا تتسبب بأي أذى للمواطنين، أو المؤسسات، والبنية التحتية، كما يجب على الميليشيات الانقلابية الانسحاب من المناطق التي تتجمع فيها وتتخذ من المدنيين دروعاً بشرية. 

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري والسياسي اللواء الركن ثابت حسين صالح، أن معركة تحرير الحديدة ستكون من دون شك معركة فاصلة في تاريخ الحرب، بل والبداية الجدية لها شمالاً، وهزيمة قاسية للحوثيين، ورهن ذلك بقيام التحالف العربي بتمكين إدارة رشيدة لإدارة الحديدة بعد الحرب، وفي الوقت ذاته تقدم القوات للاستيلاء على محافظة حجة، وعدا ذلك ستحاول قوى الفساد كعادتها سرقة وإبهات النصر، وستظل الحديدة في مرمى مدفعية الحوثيين كما هي مأرب.

المصدر: اليوم الثامن

ربما يعجبك أيضا