تحرير سيناء.. كفاح مصري لـ21 عاما لاستعادة «أرض الفيروز»

إبراهيم جابر
تحرير سيناء

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – تحتفل مصر في مثل هذا اليوم من كل عام، بأحد أهم محطاتها التاريخية في العصر الحديث بعد صراع دائم عقود مع الاحتلال الإسرائيلي لتحرير شبه جزيرة سيناء، ليكون الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 يوم شاهدا على معارك مصر “العسكرية والسياسية والقانونية” ضد الاحتلال الإسرائيلي، لتستعيد القاهرة في النهاية سيادتها على “أرض الفيروز”،

“هزيمة 67”

الخطوات الأولى لتحرير سيناء، بدأت فعليا بعد الهزيمة التي مني بها الجيش المصري أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي في يونيو عام 1967، لتكون الأيام القليلة التي تلتها بداية شرارة الانتقام والخلاص من الاحتلال الذي كبح كبرياء المصريين، ليردون له الصاع صاعين ويفرضون كلمتهم في المنطقة، ويستعيدون عزيمتهم.

هزيمة 67 لم تستمر تداعياتها كثيرا رغم الإحباط التي أحاط بها والتشكيك التي صاحب قدرات الجيش المصري من حينها، لتبدأ مصر من سبتمبر 1968، رحلتها الصعبة نحو استعادة أراضيها المسلوبة بحرب الاستنزاف ضد القوات الإسرائيلية على الضفة الأخرى لقناة السويس وفي قلب تمركزاتهم.

استمر الوضع على ما هو عليه حوالي 6 سنوات، بهجمات مصرية متقطعة كلفت العدو خسائر كبيرة، وضحى أبناء مصر خلالها بأرواحهم، في الوقت ذاته بقي جيش الاحتلال يتغنى بقدراته العسكرية وحصنه الذي لا يقهر -خط بارليف- ليكون يوم السادس من أكتوبر عام 1973، شاهدا على نهاية الأسطورة الإسرائيلية الفاشلة، وبداية رحلة إعادة أرض الفيروز إلى مصر.

نصر أكتوبر المجيد، عاد على مصر بمكاسب جمة، كان أبرزها إعادة الجيش المصري بتعداده وعتاده إلى مكانته الحقيقة بعيدا عن التزييف الإسرائيلي، واسترداد جزء كبير من شبه جزيرة سيناء، علاوة على استرداد مصر السيادة الكاملة على قناة السويس وعودة حركة الملاحة رسميا في يونيو 1975.

“كامب ديفيد”

الحرب العسكرية في أكتوبر لم تكن كافية لاسترداد مصر أرضها كاملة، وهدوء الوضع بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي، ليشهد 16 أكتوبر 1973 بداية المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض عن طريق المفاوضات السياسية، لتنتهي المعارك بين الجانبين رسميا في 28 أكتوبر بوقف إطلاق النار، ووصول قوات الطوارئ الدولة إلى جبهة القتال على أرض سيناء.

واستمرت المفاوضات بين الجانبين، واستردت مصر في سبتمبر عام 1975، حوالي 4500 كيلو متر من ارض سيناء، ليطرح الرئيس المصري محمد أنور السادات مبادرته التاريخية وزيارته للقدس وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي في نوفمبر 1977، والتي مهدت لعقد اتفاق كامب ديفيد في سبتمبر من العام التالي.

مبادرة الرئيس الراحل أنور السـادات بزيـارة القدس ( نوفمبر 1977) أعلن الرئيس أنور السادات في بيان أمام مجلس الشعب انه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، والتي قام بالفعل في نوفمبر 1977 بزيارة إسرائيل وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي طارحاً مبادرته التي كان من أبرز ما جاء فيها أنه ليس وارداً توقيع أي اتفاقاً منفرداً بين مصر وإسرائيل ليس وارداً في سياسة مصر، مؤكداً أن تحقق أي سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لن يحقق أبداً السلام الدائم العادل الذي يلح العالم كله عليه.

مؤتمر كامب ديفيد في 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر من ذات العام، والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوي الاتفاق على وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.

نصت الوثيقة الأولى على أن مواد ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولي والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول.. وتحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338.

وتضمنت الوثيقة الثانية؛ إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين البلدين في 26 مارس 1979 والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وأيضاً المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

“عودة سيناء”

أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلي من سيناء، خلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، لتبدأ مصر صراع قانوني من خلال التحكيم الدولي وفقا لاتفاقية كامب ديفيد.

وفي يوم ‏25‏ أبريل ‏1982‏ تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصري المكثف‏.

وفي 30 سبتمبر 1988، أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، والتي حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية، ليرفع الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك علم مصر على طابا في 19 مارس 1989، معلنا نداء السلام من فوق أرض طابا.

ربما يعجبك أيضا