“تحريف مناهج التعليم”.. خطة الحوثي “الخبيثة” لتسميم عقول أطفال اليمن

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

منذ اجتياحها للعاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، ومليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لإيران تعكف على غسل أدمغة طلاب المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك لخدمة أجندتها الطائفية الخبيثة.

ومن أجل تحقيق ذلك، انكبوا على تغيير المناهج الدراسية، فبدأوا بتغييرات محدودة، من بينها استبدال آيات قرآنية أو أحاديث نبوية بأخرى، فضلا عن حذف أسماء بعض الصحابة من المناهج.

الاستحواذ على أفكار الصغار

الانقلابيون ركزوا على كتب المرحلة الابتدائية، لتحقيق الاستحواذ على أفكار الصغار، ففي هذه المرحلة حذفت دروس لها دورها الديني والحضاري، والتاريخي والمجتمعي، وحل مكانها دورس تكرس الكراهية والتحريض الذي يخدم أجندة ميليشيات الحوثي.

وأصبحت كتب التربية الإسلامية تتناسب مع المذهب الشيعي، الذي يعتنقه الحوثيون، واستبدلت أسماء الصحابة بأسماء تتناسب مع الثقافة المستوردة من إيران.  

وأضاف الحوثيون إلى المناهج الدراسية مواد تتعلق بسيرة مؤسس جماعتهم حسين بدر الدين الحوثي، مقابل حذف بعض النصوص المتعلقة بالخلفاء الراشدين أو العشرة المبشرين بالجنة أو تخفيفها.

اسـتقطاب لمدراء المدارس

ودعم جهود الحوثيين في تغيير المناهج إخضاع عدد من مديري المدارس لدورات ثقافية ضمن عملية حادة للاستقطاب، بالتزامن مع تجنيد فتية المدراس من أجل تحويلهم إلى موالين ثم مقاتلين في جماعة الحوثي، بعد غسل عقولهم عبر المناهج.

وزاد المخاوف تعيين الحوثيين خلال الأيام الماضية مشرفا اجتماعيا لكل مدرسة واقعة في نطاق سيطرتهم، إضافة إلى إصدار قرار يقضي بتنفيذ دروس وحصص أسبوعية للطلاب لتلقينهم أفكارًا خاصة بالجماعة، تحت مبرر ما أطلقوا عليه “مواجهة الغزو الفكري والثقافي”.

ووفقا لإفادة معلمين يمنيين فإن المحاضرات والحصص التي أصبح الحوثيون يلقونها على الطلاب، تأتي استكمالا لتحريفهم المناهج التعليمية ومساعيهم لاستقطاب الآلاف منهم إلى معسكرات التدريب، تمهيدا للزج بهم في جبهات القتال إجباريًا.

ونتيجة لهذه السياسات، لا يستبعد مراقبون للمشهد اليمني، أن يوجد على الأرض اليمنية جيل كامل يدافع عن الثقافات التي يجري تلقينها للطلاب عبر المناهج الدراسية، خاصة أن هذا الجيل يترك من دون إنقاذ بسبب الاضطرابات المستمرة في اليمن منذ سنوات.

روايـــات أوليـــــــاء الأمور

تتعدد أساليب المليشيات في استقطاب الطلاب، من خلال تسجيل أسمائهم وأرقام هواتفهم بعد إغرائهم بالحصول على سلة غذائية ثم يتم دمج تلك الأرقام في مجموعات جهادية عبر “واتساب” ومن ثم يرسلون الرسائل والشعارات الحماسية والمقاطع والزوامل بهدف التأثير على الطلاب وتهيئتهم للمشاركة في الأنشطة التي تمهد فيما بعد لنقلهم إلى جبهات للقتال، بحسب أولياء الأمور.

ونقلت “صحيفة الشرق الأوسط” عن أحد أولياء الأمور قوله “الحوثيون يفرضون الإتاوات على الطلاب بحجة دعم المجهود الحربي كما يتم فرض رسوم إجبارية للمشاركة في احتفالات الحوثيين في الوقت الذي لا يملك الطلاب أنفسهم ما يسد رمق جوعهم”.

ويسرد مدير مدرسة أهلية بحي النهضة فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية “أن مكتب التربية الخاضع للحوثيين يمارس على المدرسة ضغوطا كثيرة إذ تلزم الجماعة المدارس الخاصة بحجز مقاعد مجانية لأبناء مقاتليها من دون دفع أي مبالغ مالية”.

ويضيف: “في الوقت الذي يتم منح تراخيص وتسهيلات لشخصيات تابعة للحوثي لفتح مدارس أهلية يتم تهديد مدارس أخرى بسحب التراخيص في حالة عدم دفع أموال للمليشيات وتبرعات لدعم المجهود الحربي، أو عدم إقامة فعاليات ومهرجانات وتوريد مبالغ مالية طائلة مقابل تكلفة طباعة الكتاب المدرسي فضلا عن الإتاوات التي تجبر المدرسة على دفعها”.

وبحسب قول مدير المدرسة فإن كثيرا من أولياء الأمور امتنعوا عن تدريس أطفالهم إما لعجزهم عن تسديد الرسوم في المدارس الأهلية، أو خوفا من التغرير بأطفالهم والزج بهم في جبهات القتال.

تحذيرات من انهيار التعليــــم

منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، حذرت من خطورة الوضع التعليمي على ‏مستقبل أطفال اليمن، خاصة مع تصاعد الحرب التي فرضتها المليشيات، وقالت إن قطاع التعليم في اليمن مروع وعلى حافة الانهيار، وأحد أكبر ضحايا الحرب الدائرة في البلاد”.

كما حذرت منظمة “إيسيسكو” من مخاطر التعديلات التي تجريها الميليشيات الانقلابية على المناهج التعليمية في اليمن بغية غسل عقول الجيل الصاعد من اليمنيين، ما قد يخلف أثرا سلبيا طويل الأمد.

ولا تختلف أساليب الترغيب والترهيب التي تمارسها ميليشيات الحوثي مع المدرسين عنها مع الطلاب، فيما تغري المدرسين بالسلال الغذائية والطلاب بالدرجات والنجاح، ترهبهم بالفصل من الوظيفة أو بالاختطاف للمدرس والرسوب للطالب.

يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان “الحوثيون يحاربون جميع النخب الأكاديمية التي تحمل أفكارًا متنورة، بعد أن ذهبوا لتغيير المناهج وفرض برامجهم الخاصة في المدارس الحكومية، وهم يهدفون من خلال هذا العبث والتحريف  إلى إعادة صياغة الذاكرة الوطنية لأجيال بأكملها”.

ربما يعجبك أيضا