تحليل: أمريكا بحاجة إلى استراتيجية شاملة لمواجهة الصين

محمد النحاس
سفن أمريكية

يمر عبر المحيط الهندي أكثر من 60٪ من حركة التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك ثلث حاويات الشحن وثلثي شحنات النفط، ويومياً، يعبر أكثر من 50 مليون برميل من النفط من خلال مضائق ملقة وهُرمز وباب المندب، ما يجعل المحيط الهندي طريقًا حيويًا لتجارة الصين مع جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وأوروبا، وأفريقيا.


تنخرط الولايات المتحدة في منافسة اقتصادية وسياسية حادة مع الصين، قد تصل يومًا إلى صراع عسكري، ويتطلب ذلك استراتيجية متكاملة في منطقة الإندوباسيفيك.

ويُعد المحيط الهندي جسرًا استراتيجيًا يربط بين المحيط الهادئ ومحيطات المتوسط والأطلسي، ويحتضن مناطق ذات كثافة سكانية عالية ونمو اقتصادي سريع، والواقع أن المحيط الهندي، باعتباره الجسر الذي يربط بين المحيط الهادئ والمحيطين الأبيض المتوسط ​​والأطلسي، له أهمية استراتيجية، وفق مقال لمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، نشرته في 1 سبتمبر 2024.

الموقف الجيوسياسي

يرى المقال الولايات المتحدة بحاجة ماسة لتطوير استراتيجية محكمة تستفيد من الديناميكيات المتغيرة على الساحة الدولية.

ويمر عبر المحيط الهندي أكثر من 60٪ من حركة التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك ثلث حاويات الشحن وثلثي شحنات النفط.

ويومياً، يعبر أكثر من 50 مليون برميل من النفط من خلال مضائق ملقة وهُرمز وباب المندب، ما يجعل المحيط الهندي طريقًا حيويًا لتجارة الصين مع جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وأوروبا، وأفريقيا.

ضرورة استراتيجية

بحسب المقال، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تستعد لتفعيل نفوذها على خطوط الإمداد الصينية حال احتدام الصراع، حيث يكشف هذا الصراع الطويل عن نقاط الضعف في هذه الخطوط.

وتفتقر الولايات المتحدة إلى المزايا الطبيعية التي تميزها في المحيطين الأطلسي والهادئ عند التعامل مع المحيط الهندي، حيث يُنظر إليه على أنه مجرد جسم مائي بعيد بالنسبة لمعظم الأمريكيين، لذا، تحتاج واشنطن إلى تبني استراتيجية غير تقليدية تركز على بناء تحالفات، وتقاسم الأعباء، ودمج قدرات الشركاء لتعويض هذا النقص.

تهدف الولايات المتحدة في المحيط الهندي إلى فرض السيطرة العملياتية بالتعاون الوثيق مع حلفائها، وحرمان الخصم من تحقيق نفس الهدف.

كيف يمكن تحقيق التفوق؟

يتحقق ذلك من خلال استراتيجية ذات محورين؛ الأول هو تمركز القوات التكتيكية والاستراتيجية عبر المواقع الجغرافية الحيوية في المحيط الهندي، والثاني هو تعزيز قدرات الحلفاء والشركاء “ذوي التفكير المشابه”.

لتحقيق التفوق العملياتي عبر المحيط الهندي، يجب على الولايات المتحدة أن تضمن وجودها في مضائق ملقة، وخليج البنغال، وبحر العرب، ومضائق مدغشقر، وباب المندب، وهُرمز، بالإضافة إلى القواعد في جزيرة دييجو جارسيا، والدعم اللوجستي في داروين وسنغافورة وما حول تشيناي.

وقد تسعى الولايات المتحدة إلى ترتيب اتفاقيات جديدة مع الهند في جزر أندامان، ومع أستراليا في جزر كوكوس، ومع فرنسا التي تدير عدة جزر استراتيجية في قناة موزمبيق والمحيط الهندي الجنوبي.

دور الشركاء

تظل القوات البحرية الأمريكية تُفضل المحيطين الأطلسي والهادئ، إلا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تفعل المزيد بموارد أقل في المحيط الهندي، وتعتمد بشكل أكبر على قدرات الشركاء.

ومن ثم، يجب تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الرئيسة التي تشترك في المصالح بالمنطقة، وتمثل الركيزة الأساسية لهذه الشراكات بناء القدرات البحرية لشركاء الولايات المتحدة مع تحقيق قابلية التشغيل البيني من الناحية الاستخباراتية والعملياتية.

دور الهند

تلعب الهند، بفضل موقعها الجغرافي وطموحاتها والقوة العسكرية المتوقعة لها، دورًا كبيرًا في استراتيجية الولايات المتحدة في المحيط الهندي.

من هذا المنطلق، يمكن للولايات المتحدة أن تعمل على 3 محاور لتعزيز قدرات الهند لتصبح شريكًا استراتيجيًا في المنطقة، الأول، تسهيل قدرة البحرية الهندية على بسط قوتها عبر المحيط الهندي ودعم إنتاجها الدفاعي وامتلاكها للأصول البحرية اللازمة، والثاني، دعم تطوير قدرات التخطيط والعمليات المشتركة للهند عبر المحيط الهندي.

والثالث، هو تشجيع الشراكات الواسعة مع شركاء من منطقة الإندوباسيفيك وأوروبا لتعزيز البنية التحتية لبناء السفن في الهند وزيادة إنتاجها المدني والعسكري، مع التركيز على الغواصات غير المأهولة التي ستلعب دورًا متزايد الأهمية في حماية البنية التحتية الحيوية بالمحيط الهندي.

استراتيجية شاملة

رغم التحديات، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعمل على صياغة استراتيجية شاملة للمحيط الهندي تتكامل مع الجهود الدبلوماسية والعسكرية، لضمان عدم تكرار الإهمال التاريخي لهذه المنطقة الحيوية، وفق المقال.

ومع التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في مواجهة الصين، فإن استراتيجيتها بالمحيط الهندي لن تعزز فقط الأمن القومي الأمريكي، بل ستعمل أيضًا كمضاعف للقوة في تعزيز التحالفات والشراكات الحيوية عبر منطقة الهندي والمحيط الهادئ.

ربما يعجبك أيضا