تحولات سوق العقارات.. خطوات الحكومة الصينية نحو الانتعاش

تعافي سوق العقارات في الصين.. بين التفاؤل والحذر

شروق صبري
انتعاش سوق العقارات الصيني

شهد سوق العقارات الصيني انتعاشًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة بفضل التحفيزات الحكومية. ومع ذلك، لا يزال هناك تردد بين المشترين بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل السوق.


شهدت الأسواق العقارية في الصين انتعاشًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، مدفوعًا بسلسلة من الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة لتحفيز النمو الاقتصادي.

تلك الإجراءات شملت تخفيض الدفعات المقدمة وأسعار الفائدة على الرهون العقارية، إلى جانب تخفيف القيود على شراء المنازل في المدن الكبرى. ورغم هذه الجهود، يبقى السؤال: هل يكفي هذا التحفيز لإنعاش القطاع العقاري وتحفيز الاستهلاك المحلي؟.

ارتفاع المبيعات

خلال عطلة الأسبوع الوطني في الصين، التي تعد فترة رئيسة لشراء المنازل، شهدت الأسواق العقارية في المدن الكبرى مثل بكين وشنجهاي وقوانغتشو انتعاشًا كبيرًا، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الحكومية، ارتفعت مبيعات المنازل الجديدة والمستعملة بشكل ملحوظ.

في بكين، تضاعف عدد زيارات المنازل الجديدة خلال الأيام الثلاثة الأولى من العطلة، في حين شهدت المبيعات العقارية ارتفاعًا بنسبة 81% مقارنة بالعام الماضي. كما سجلت المدن الأخرى مثل شنجن وقوانغتشو ارتفاعات ملحوظة، حيث تجاوزت مبيعات المنازل الجديدة في قوانغتشو الضعف مقارنة بالعام الماضي.

هذه الزيادة في المبيعات تعكس استجابة فورية من بعض المشترين المحتملين للإجراءات الحكومية، التي هدفت إلى تعزيز الثقة في السوق العقارية، لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك حالة من التردد والحذر بين العديد من المشترين.

تردد المشترين

رغم الارتفاع الكبير في مبيعات المنازل في المدن الكبرى، تظل هناك حالة من التردد بين العديد من المشترين المحتملين. المحادثات مع بعض هؤلاء المشترين تشير إلى أن هناك حالة من عدم اليقين بشأن توجه السياسات الحكومية، وهو ما يعكس أثر التراجع المستمر في أسعار المنازل خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

كان لانهيار أسعار المنازل وتخلف المطورين عن السداد تأثير نفسي كبير على المشترين المحتملين، مما جعل الكثيرين منهم مترددين في اتخاذ قرارات الشراء رغم التخفيضات الحكومية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ضغوط أخرى تؤثر على السوق، مثل السيطرة الحكومية على الأسعار. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن هذه الإجراءات تعرقل تصحيح الأسعار بشكل طبيعي، ما قد يؤخر انتعاش السوق ويجعل المشترين يترددون في اتخاذ قرارات الشراء حتى تتضح الأمور بشكل أكبر.

التحفيز الحكومي

منذ بدء الحملة الحكومية على مديونية المطورين العقاريين في 2021، تعرض سوق العقارات في الصين لضغوط هائلة، وقد أدت هذه الحملة إلى إفلاس العديد من الشركات وانخفاض أسعار المنازل للمرة الأولى منذ عقود، وهو ما أثر على الثقة في السوق وجعل العديد من المشترين يشعرون بالقلق.

في محاولة لتعزيز الثقة في السوق وإعادة إحيائه، خفضت السلطات الصينية مؤخرًا متطلبات الدفعات المقدمة وأسعار الفائدة على الرهون العقارية، إلى جانب زيادة القروض المدعومة حكوميًا للعائلات التي لديها طفلان أو أكثر. وقد أسهمت هذه الإجراءات في زيادة النشاط العقاري، حيث شهدت المدن الكبرى ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المنازل المعروضة للبيع وعدد المشترين المحتملين.

الاستهلاك العام

رغم الانتعاش في سوق العقارات، لم تظهر آثار التحفيز الحكومية بشكل كامل على الاستهلاك الشخصي في الاقتصاد الأوسع. البيانات الرسمية أظهرت أن إنفاق الأفراد خلال عطلة الأسبوع الوطني ظل أقل من مستويات ما قبل الجائحة، وفي حين أن المواطنين الصينيين زادوا من السفر بالطائرات والقطارات خلال العطلة، إلا أن الإنفاق السياحي لكل فرد بقي دون التوقعات، ما يعكس استمرار ضعف الطلب المحلي.

كما أن مبيعات شباك التذاكر السينمائية جاءت مخيبة للآمال، مما يشير إلى أن القوة الشرائية للمستهلكين لا تزال منخفضة. هذا التباطؤ في الإنفاق يعكس التأثير المستمر لأزمة العقارات على ثقة المستهلكين، حيث يعتبر العقار أهم مصدر للثروة لدى العديد من الأسر الصينية.

تفاؤل حذر

مع زيادة المبيعات في المدن الكبرى، وارتفاع نشاط العقارات خلال العطلة الوطنية، تبدو الأمور مشجعة بالنسبة لسوق العقارات الصينية، لكن التحديات لا تزال قائمة، ولا تزال العديد من الأسر الصينية تفضل تأجيل قرار شراء المنازل بسبب عدم اليقين الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي استمرار السيطرة الحكومية على الأسعار إلى تأجيل التعافي الكامل للسوق.

في النهاية، بينما تشكل الإجراءات الحكومية دفعة إيجابية نحو استعادة الثقة في السوق العقارية، يبقى المستقبل غير مؤكد، قد يحتاج السوق إلى مزيد من الوقت والإصلاحات لتحقيق انتعاش مستدام وكامل.

ربما يعجبك أيضا