تحوُّل ألمانيا الكبير.. شولتز: سيكون جيشنا هو ركيزة الدفاع الأولى عن قارة أوروبا

رنا أسامة

منذ نهاية الحرب الباردة، قلصت ألمانيا حجم جيشها من نحو 500 ألف عنصر عند إعادة توحيد البلاد عام 1990 إلى 200 ألف فقط حاليًا.


قال المستشار الألماني، أولاف شولتز، إن بلاده يجب أن تصبح القوة المسلحة الأفضل تجهيزًا في أوروبا، داعيًا إلى زيادة نفوذ الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلنطي (الناتو).

وفي خطاب أمام ضباط بالجيش الألماني في برلين، أول من أمس الجمعة 16 سبتمبر 2022، قال شولتز: “كوننا الأمة الأكثر تعدادًا سكانيًّا، وتتمتع بأكبر قوة اقتصادية في وسط القارة، يجب أن يصبح جيشنا ركيزة الدفاع التقليدي في أوروبا، القوة المسلحة الأفضل تجهيزًا بأوروبا”.

استنتاجات خاطئة

بينما مثلت الحرب الروسية الأوكرانية منعطفًا في السياسة الدفاعية الألمانية، دفع برلين إلى إنشاء صندوق خاص بـ107 مليارات دولار لتجديد معدات الجيش الألماني وتحديث استراتيجيته، أشار شولتز إلى أنه يوجد اعتقاد خاطئ ساد لسنوات، بين الوسط السياسي والاقتصادي وجزء من المجتمع الألماني، بأن ألمانيا محاطة بأصدقاء.

ولكنه أوضح أن هذه الاستنتناجات خاطئة بالنظر إلى وضع الجيش الألماني. وتابع شولتز: “في الوقت نفسه، نُظهر بوضوح وموثوقية استعداد ألمانيا لتحمل مسؤولية أساسية من أجل أمن قارتنا”، حسب ما أوردت شبكة يورونيوز الأوروبية.

مهام أوروبية

شولتز، خلف أنجيلا ميركل، والذي واجه انتقادات كونه دعم كييف عسكريًّا على استحياء، يعول على زيادة قوة الدفاع الأوروبي، خصوصًا في الناتو، داعيًا الدول الأوروبية إلى تحمل مسؤولية أكبر في حلف شمال الأطلنطي. ووصف الانضمام الوشيك لفنلندا والسويد، وهما دولتان أوروبيتان بهما جيشان حديثان، إلى الناتو، بأنه أمر مرحب به للغاية.

وأبدى المستشار الألماني تأييده لإنشاء ما سماه “مقر عام أوروبي”، قادر على تنفيذ مهمات، بما في ذلك إجلاء ألمان على غرار ما حدث العام الماضي في أفغانستان، أو مهام أوروبية استشارية أو تدريبية، كما في العراق ومالي والنيجر، فضلًا عن إسناد مهام إلى دول أعضاء، بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي، بغية تسهيل عمليات عسكرية أوروبية محتملة.

تنسيق أوروبي.. وتمويلات

لفت المستشار الألماني في خطابه إلى أن المشكلة الأكثر إلحاحًا في أوروبا، قد تتمثل في العدد المتشابك لمنظومات الأسلحة والمعدات العسكرية، وكذلك المنافسة بين مختلف شركات الأسلحة. ورأى أن تنسيقًا أوروبيًّا لزيادة القدرات الأوروبية من شأنه أن يمكّن دول القارة العجوز من التصرف، لا سيما في مجال الدفاع الجوي، بما قد يسهم في تعزيز الركيزة الأوروبية للناتو، وفق يورونيوز.

الجيش الألماني

وبعدما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، فجر الخميس 24 فبراير الماضي 2022، تعهد شولتز بتأسيس صندوق خاص، لمضاعفة تمويل إعادة تسليح الجيش الألماني وتحديثه مستقبلًا، حسب ما ذكرت شبكة إن بي آر الأمريكية. وفي مايو، أبرمت الحكومة الألمانية اتفاقًا مع المعارضة المحافظة، لتخصيص 107 مليارات دولار لتحديث الجيش الألماني وشراء معدات أفضل للقوات المسلحة خلال السنوات المقبلة.

أكبر جيش تقليدي في أوروبا

في مقابلة مع شبكة “إيه أر دي” التليفزيونية الألمانية، عقب انتهاء قمة مجموعة السبع في برلين، 29 يونيو، قال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن ألمانيا اليوم، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر مساهم في الناتو. وأضاف أنه يجري حاليًّا بناء أكبر جيش تقليدي في أوروبا في إطار حلف الناتو، ما عده أمرًا مهمًّا للقدرات الدفاعية للحلف كله.

وتابع شولتز: “سننفق في المتوسط ما بين 70 و80 مليار يورو سنويًّا على الدفاع”، بما قد يجعل ألمانيا الدولة الأكثر استثمارًا في هذا المجال، وسيسمح لبرلين بتحقيق هدف الناتو، بإنفاق 2.0% من الناتج المحلي الإجمالي، في المتوسط​، على القطاع الدفاعي، خلال السنوات المقبلة.

إعادة تسليح ألمانيا

بدورها، اتهمت روسيا، ألمانيا، بزعزعة الأمن الأوروبي عبر إعادة تسليح جيشها. وعدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في يونيو الماضي، الخطوة دليلًا إضافيًّا على أن برلين ماضية نحو إعادة تسليح جديدة، قد تشبه برنامج إعادة تسليح ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، تحت حكم أدولف هتلر الذي أغرق العالم في الحرب.

وبحسب قناة فرانس 24، فقد خصصت ألمانيا 40،9 مليار دولار من المبلغ لسلاح الجو، عبر شراء 35 مقاتلة أمريكية من طراز إف-35، و15 مقاتلة يوروفايتر، و60 مروحية شينوك للنقل العسكري، في حين خصصت نحو 20 مليار دولار للبحرية، تحديدًا لشراء طرادات وفرقاطات وغواصات من طراز 212، فضلًا عن تخصيص أكثر من 16 مليار دولار لشراء عربات مدرعة لنقل الجنود، من طرازي ماردر وفوكس.

سلاح الجو الألماني

تحوُّل كبير

يعد تخصيص 107 مليارات دولار للجيش الألماني تحولًا سياسيًّا كبيرًا في توجه ألمانيا، ويشمل ذلك طائرات ودبابات وذخائر، وعتادًا شخصيًّا للجنود مثل أجهزة رؤية ليلية أو أجهزة لا سلكية، والتي كانت في السنوات الأخيرة تتباطأ في الامتثال لالتزامات الناتو في هذا المجال، ما أثار مرارًا غضب الولايات المتحدة الأمريكية، وفق فرانس 24.

ومنذ نهاية الحرب الباردة، قلصت ألمانيا حجم جيشها من نحو 500 ألف عنصر عند إعادة توحيد البلاد عام 1990 إلى 200 ألف فقط حاليًّا. ووفق تقرير خاص بحالة الجيش الألماني، نشر في ديسمبر الماضي، فإن أقل من 30% من السفن الحربية الألمانية تعمل بكامل طاقتها، في حين لا تزال طائرات مقاتلة عديدة غير صالحة للتحليق.

ربما يعجبك أيضا