تركيا تعلن «البرنامج متوسط ​​الأجل».. هل يتغلب على التضخم؟

إسراء عبدالمطلب
الاقتصاد التركي

تسببت الزلازل المدمرة التي ضربت جنوب تركيا في شهر فبراير الماضي في تفاقم المشاكل المالية التي تعاني منها البلاد.


أعلنت تركيا عن برنامج اقتصادي جديد لخفض التضخم إلى خانة الآحاد بحلول 2026، وسط تساؤلات بإمكانية جذب استثمارات أجنبية.

ويسمى هذا البرنامج بـ”البرنامج متوسط ​​الأجل”، ويغطي الثلاث سنوات المقبلة، ويعد أول خطة اقتصادية شاملة لأنقرة منذ تولت القيادة الاقتصادية الجديدة مهامها في يونيو الماضي وتعهدت بإعادة تركيا إلى “أرضية رشيدة” في الإدارة الاقتصادية.

الاقتصاد التركي

الاقتصاد التركي

تفاقم المشاكل المالية

حسب صحيفة المونتور الأمريكية، عين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد إعادة انتخابه في أواخر شهر مايو، وزيرًا للخزانة والمالية جديد، وهو محمد شيمشك، واستبدل محافظ البنك المركزي وكبار المديرين، ما يشير إلى تحول عن سياساته غير التقليدية التي جرى إلقاء اللوم عليها إلى حد كبير في التضخم المتفشي.

وتسببت الزلازل المدمرة التي ضربت جنوب تركيا في شهر فبراير الماضي في تفاقم المشاكل المالية التي تعاني منها البلاد. وبما أن برامج مماثلة فشلت في تحقيق أهدافها في السنوات الخمس الماضية، فإن الأهداف الجديدة تخضع لتحليل دقيق من قبل الخبراء.

البرنامج متوسط ​​الأجل

قال نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، في أثناء تقديمه الخطة الأربعاء 6 سبتمبر، إن الأهداف الرئيسة هي التعافي من الزلازل، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي، وخفض التضخم إلى خانة الآحاد، والحفاظ على النمو والتوظيف.

وتعد عملية إعادة بناء 650 ألف منزل ومكان عمل دمرته الزلازل مهمة ضخمة في المستقبل، لذا من المتوقع أن تبدأ تكلفة إعادة الإعمار وحدها بنحو 100 مليار دولار، مع الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات لتقليل  الأضرار الناجمة عن الزلزال الكبير الذي يتوقع العلماء أن يضرب إسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان والمركز الاقتصادي في تركيا، في المستقبل القريب.

اقرأ أيضًا| رويترز: مجموعة الـ20 تتبنى إعلانًا يتجنب التنديد بالحرب الروسية الأوكرانية

 تأثير الزلزال في الاقتصاد التركي

كان الإنفاق المرتبط بالزلزال هو السبب الرئيس وراء الميزانية التكميلية البالغة 1.1 تريليون ليرة (41 مليار دولار) التي سعت إليها أنقرة في يوليو الماضي، وسوف تستمر مثل هذه الاحتياجات التمويلية في السنوات المقبلة.

اقرأ أيضًا| أوكرانيا: إعلان قمة مجموعة الـ20 لا يدعو للفخر

وأدت السياسات الشعبوية التي اتبعها أردوغان منذ عام 2021 وحتى انتخابات مايو، إلى تضخم جامح بلغ معدله السنوي 59% في أغسطس، ويتوقع البرنامج الجديد أن يصل المعدل إلى 65% بحلول نهاية العام، ولكن المراقبين يرجحون أن يقفز إلى أكثر من 70%. وتوقعات البرنامج هي 33% للعام المقبل، و15% في 2025، و8.5% طموحة بنهاية 2026.

مواجهة التضخم

تتطلب مواجهة التضخم من البلدان التخلي عن النمو، وتهدئة الاقتصاد وكبح جماح الطلب المحلي، ومع ذلك، يطمح البرنامج إلى القيام بذلك دون إجراء مراجعة كبيرة لأهداف النمو، ومن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.4% هذا العام و4% في 2024، انخفاضًا من 5% و5.5% سابقًا.

وبالنسبة لعامي 2025 و2026، تبلغ التوقعات 4.5% و5% على التوالي، ومن الممكن أن تعيق مثل هذه الطموحات هدف خفض التضخم، ومع ذلك، ونظرًا لشغف أردوغان بالنمو، ربما يكون واضعو البرنامج قد أبقوا توقعات النمو مرتفعة عن عمد لتجنب الاحتكاك مع الرئيس.

 عجز الميزانية

وفي الوقت نفسه، يتوقع البرنامج أن ينخفض ​​عجز الحساب الجاري للبلاد إلى 30 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، وهذا أيضًا طموح، خاصة وأن فجوة هذا العام من غير الممكن أن تقتصر على 42.5 مليار دولار كما يتوقع البرنامج.

وبعد أن وصل عجز الحساب الجاري إلى 37 مليار دولار في النصف الأول من العام، فمن المتوقع أن يتسع إلى 43 مليار دولار في تقديرات شهر أغسطس، ومن غير المرجح أن يكون أقل من 53 مليار دولار في نهاية العام.

وسيصل عجز الميزانية إلى 1.6 تريليون ليرة بحلول ديسمبر و2.6 تريليون ليرة العام المقبل، بحسب البرنامج، وتظل كيفية مكافحة الحكومة للتضخم في ظل عجز في الميزانية يصل إلى 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامين متتاليين علامة استفهام كبيرة.

 أسئلة كبار الاقتصاديين

تساءل كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي، هاكان كارا، في تغريدة كتبها على منصة إكس، قائلًا: “سعر الدولار المتوقع لنهاية عام 2024 هو حوالي 43 ليرة، ما يعني زيادة سنوية 44٪ في سعر الدولار مقابل الليرة. وهنا يأتي السؤال: كيف سينخفض ​​التضخم إلى 33% العام المقبل في حين يرتفع سعر الصرف 44% ولا يتباطأ النمو بقدر كبير؟”.

ومن جانب آخر، كتب قيصر الاقتصاد السابق لأردوغان، علي باباجان، الذي يقود الآن حزبًا معارضًا صغيرًا، منتقدًا أيضًا: “لا يمكن ضمان الثقة والقدرة على التنبؤ من خلال برنامج لا يذكر أخطاء الماضي، ويكون ضعيفًا من حيث الاتساق الداخلي ويحتوي على تعبيرات مجردة وعامة بدلا من خطوات ملموسة”.

ربما يعجبك أيضا