تسريبات المالكي تزيد المشهد السياسي العراقي تعقيدًا

محمود سعيد

ازداد المشهد السياسي العراقي تعقيدًا، مع التسريبات الأخيرة لرئيس ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي، التي هاجم فيها الزعامات السنية العربية والكردية.

المالكي اتهم التيار الصدري بتنفيذ اغتيالات وبالفساد، واعتبر أن الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، “حصان طروادة” داخل الطائفة الشيعية وأنه ينفذ مخططًا بريطانيًّا لإعادة السنة إلى حكم العراق، وتحدث عن مقاتلة الصدر وتياره، وهو ما استدعى ردودًا قاسية من الصدر.. فما القصة؟

تسريبات نوري المالكي

نشر الإعلامي العراقي، علي فاضل، تسريبات لاجتماع سري مطول عقده المالكي مع مقربين منه استمر ساعة، تحدث فيه عن الشأن العام في العراق ومواقفه السياسية، حتى إنه تحدث عن حلفائه في الإطار التنسيقي وقال إن العلاقات متوترة مع هادي العامري زعيم ميليشيا “بدر”، وطيبة مع زعيم ميليشيا “العصائب” قيس الخزعلي، لكن لا اتصالات هاتفية بينهما.

المالكي كشف عن أن فيلق بدر وميليشيات سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر تزوِّر أعداد مقاتليها على الأرض للحصول على رواتب وهمية، كما اتهم التيار الصدري بقتل القيادي في “عصائب أهل الحق” وسام العلياوي، ودعا لمنع الصدر من الاتفاق مع القوى السنية العربية والكردية، وقال: “أردت جعل الحشد الشعبي مشابهًا للحرس الثوري الإيراني”.

الهجوم على الصدر وطائفية المالكي

المالكي صب جام غضبه على مقتدى الصدر وتياره والسنة، ووصف مقتدى الصدر بـ“المستَغَل من بريطانيا” لإعادة السنة لحكم العراق، وقال إن طهران تريد أن تجعل من مقتدى الصدر “حسن نصر الله العراقي”، ولوح بحرب شيعية – شيعية “لا نجاة فيها لأحد”، ورأى أن السنة جعلوا من الزعيم الكردي مسعود البارزاني مرجعًا لهم لضرب الشيعة عبر مقتدى الصدر وتياره.

وانتقد المالكي طريقة حكم الصدر واعتبر أنه “جاهل لا يملك شيئًا”، وشكك في قوة التيار العسكرية واعتبر عناصره جبناء، وقال إن “ذلك التيار مدعوم من إيران، وطهران تريد أن يكون مقتدى هو حسن نصر الله العراقي”، متسائلاً: “كم قتل أتباع الصدر في بغداد بالاختطاف؟”، في إشاره إلى الجرائم التي ارتبكها جيش المهدي ببغداد في أثناء الاقتتال الطائفي عام 2006م.

المالكي يحذر من سيطرة السنة على العراق

المالكي هاجم السنة في التسريبات معتبرًا أنهم غالبيتهم “حاقدون” عليهم، وهاجم رئيس البرلمان، علي الحلبوسي، وزعيم تحالف السيادة السني، خميس الخنجر، والزعيم الكردي السني، مسعود البارزاني، واتهم الصدر بأنه ضعيف في مواجهتهم وأنه “يُضعِف التشيع”، وأنه أصبح أداة لمشروع بريطانيا في العراق، ورأى أن “المشروع البريطاني يريد استباحة الشيعة والعراق بيد مقتدى، ثم سيقتلونه، ويسلمون الأمر للسنة”.

مرحلة القتال ضد التيار الصدري

المالكي شدد على أنه سيتصدى لهذا المشروع بالعمل السياسي وبالعمل العسكري، وقال إن “المرحلة القادمة هي مرحلة قتال، وسأهجم على  النجف من أجل قتال مقتدى الصدر إن فكر في الهجوم على المرجعية، وأنا أبلغت الكاظمي أني لا أثق بجيشك وشرطتك وإنما أنا سأقوم بتسليح نفسي وأُقاتل، ولدينا دبابات ومدرعات ومسيَّرات”، مضيفًا: “لن أترك التشيع والعراق بيد مقتدى الصدر”.

وهاجم الحشد قائلًا: “أنا يائس من الحشد، لأن أمة الجبناء الآن من الحشد”، وأضاف: “العراق مقبل على حرب طاحنة إلا إذا استطعنا القضاء على مشروع مقتدى والحلبوسي ومسعود، وإلا فالعراق سيدخل الدائرة الحمراء”، لكن أخطر ما جاء في التسريبات أن مرجعًا إيرانيًّا يدعى الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي، أفتى بضرورة هدر الدماء لحماية التشيع في العراق.

الصدر يرد على المالكي

مقتدى الصدر نصح المالكي باعتزال العمل السياسي أو تسليم نفسه للقضاء، وقال: “أنصحه (المالكي) بإعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية”، وأعرب الصدر عن تعجّبه من صدور هذه الاتهامات من “حزب الدعوة المحسوب على آل الصدر”، ودعا قوى الإطار التنسيقي، وكبار عشيرة المالكي، لإصدار استنكار مشترك لهذه الاتهامات.

واستنكر الصدر في بيانه اتهام الحشد الشعبي بالجُبن والتحريض على الاقتتال الشيعي-الشيعي، وحذّر من تدخل طرف ثالث في إزكاء الفتنة بين العراقيين، عبر استغلال هذا التحريض، وقال إن المالكي “لا يحق له بعد هذه الأفكار الهدّامة أن يقود العراق بأي صورة من الصور، بل ذلك خراب ودمار للعراق وأهله”، وكان الصدر قال قبل أيام:”لا تكترثوا بالتسريبات، فنحن لا نقيم له وزنًا”.

العلاقات مع إيران

رأى المالكي أن كتائب: “الفتح والكتائب والعصائب وكتائب سيد الشهداء وفيلق بدر تابعين لإيران”، وكشف عن أن “قادة تحالف الفتح (الحشد الشعبي) لا يهمهم شيء غير المزارع والأموال… إنهم في عالم آخر”، ونصح المالكي الميليشيات الشيعية في العراق باتباع خط الحرس الثوري الإيراني، والابتعاد عن جهاز المخابرات الإيراني “إطلاعات” وأن يكون أمرهم بيد قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاآني.

وأضاف: “جهاز إطلاعات لديه مشكلة مع الحكومة العراقية ومع الحرس الثوري منذ ولاية الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وعندما تولى الرئاسة إبراهيم رئيسي تقاربت وجهات النظر بين الفريقين، فريق المرشد الإيراني علي خامنئي هو الحرس الثوري، وفريق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يتمثّل في إطلاعات، والحرس هو فقط من يقرر”.

 

ربما يعجبك أيضا