تشيلي استيقظت.. احتجاجات وأعمال عنف تصطدم بـ”الطوارئ”

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

احتجاجات غاضبة على قرار رفع أسعار المترو، تحولت لاشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن وتصاعدت لأعمال عنف وحرق الحافلات في أسوأ أعمال عنف تشهدها أكثر دول أمريكا اللاتينية استقرارًا.

ارتفاع الأسعار كانت الشرارة التي أطلقت غضب المواطنين احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكأنها “طنجرة ضغط تفجرت”.. بهذا الوصف يمكن استعراض ما يحدث في تشيلي من احتجاجات وأعمال عنف ونهب وسرقات وسقوط قتلى دفعت بالسلطات الحالية لفرض حالة الطوارئ.

شرارة الغضب

بعد قرار رفع أسعار تذاكر المترو من 800 إلى 830 بيزوس (حوالى 1,40 يورو)، خرج الآلاف من المتظاهرين، أول أمس الجمعة، في ساحة بلازا إيطاليا، للاحتجاج على رفع الأسعار، لكنها اتسعت لاحقا لتشمل مواضيع أخرى منها النموذج الاقتصادي المعتمد وتوفير الخدمات الصحية والتربية التي تبقى حكرًا على القطاع الخاص بشكل شبه كامل.

خرج المتظاهرون وهم يقرعون على الأواني المعدنية، معتمدين وسيلة الاحتجاج التي ظهرت بعد الانقلاب الذي قام به الجنرال أوغوستو بينوشيه في نهاية 1973، لكن التظاهرة تحولت إلى مواجهات بين محتجين ملثمين والقوات الخاصة.

وفي سانتياجو، واجه المتظاهرون العسكريين المنتشرين في ساحة إيطاليا رافعين صور مفقودين من حقبة الدكتاتورية العسكرية (1973- 1990) التي أسفرت عن أكثر من 3200 قتيل ومفقود، ليتكرر اليوم مشهد المواجهات التي صاحبها أعمال عنف وسرقة ونهب.

الاحتجاجات تحولت لاشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأسفر عنها حرق حافلات ومحطات مترو وصحف وشركات واعتقالات وسقوط 3 قتلى على الأقل بحسب تصريحات المسؤولين، ليشهد هذا البلد واحدة من أسوأ أزماته الاجتماعية منذ عقود على وقع شعارات مثل “سئمنا التجاوزات” و”تشيلي استيقظت”.

إعلان حالة الطوارئ

وعلى وقع تواصل الاحتجاجات وأعمال العنف، أعلن الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا حالة الطوارئ في سانتياجو، وكلف الجنرال في الجيش خافيير إيتورياغا بفرض الأمن، وذلك بعد يوم من أعمال النهب والحرائق والمواجهات مع الشرطة بسبب زيادة أسعار بطاقات المترو.

وتم بسط حال الطوارئ وحظر التجول بعد ذلك إلى منطقة فالبارايسو (وسط) ومحافظة كونسبسيون (جنوب)، بحسب السلطات المحلية. كما فرضت حال الطوارئ في منطقة كوكويمبو (شمال) التي شهدت أعمال عنف أيضًا.

وأوضح الجنرال إيتورياغا ديل كامبو أن الجيش سيسير دوريات في العاصمة التي تعد سبعة ملايين نسمة، وقال وزير الدفاع ألبرتو إسبينا إن الحكومة نشرت حوالى ثمانية آلاف عنصر وتعتزم نشر 1500 عنصر آخر في الساعات القادمة.

وبهذا فقد انضمت تشيلي إلى عدد من دول أمريكا اللاتينية، مثل الإكوادور وكولومبيا وفنزويلا ونيكاراجوا وبوليفيا، التي تجتاحها الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة.

يأتي فرض حالة الطوارئ بعد إحراق 16 حافلة على الأقل وتدمير نحو 10 محطات مترو، فيما تحدثت الشرطة عن توقيف 308 شخصًا على الأقل وإصابة 156 شرطيًا، وتصاعدت الصدامات في الليل وأحرق مبنى شركة الكهرباء “إينيل” وفرع لمصرف “بانكو تشيلي” وكلاهما في وسط المدينة.

وبرغم من إعلان الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا أنه سيلغي الزيادات في أسعار النقل العام والتي كانت سببًا في اندلاع شرارة الاحتجاجات، إلا ان الاحتجاجات وأعمال العنف لا زالت مستمرة وأدت إلى مقتل 3 أشخاص في أحد الحرائق الناتجة عن أعمال النهب.

لكن تفاقم الأحداث وإغلاق كافة محطات القطارات والمترو وما نجم عنها من خسائر وحظر تجوال، قد يؤدي إلى تدهور المشهد السياسي والأمني، بشكل قد يؤجج الغضب الداخلي في ظل تفاوت الطبقات الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وبهذا تدخل تشيلي دائرة الاحتجاجات التي اجتاحت عددًا من دول أمريكا اللاتينية والمرشحة للاستمرار والاتساع إذا لم تقم الحكومات باتخاذ خطوات حقيقية للتغلب على أسبابها، وإلا سيصبح مستقبلها على المحك.

ربما يعجبك أيضا