تصاعد التوتر مع إسرائيل يشعل صراع الأجيال داخل الحرس الثوري

شروق صبري
المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي

يتزايد التوتر بين إيران وإسرائيل مما يعزز قوة المتشددين في الحرس الثوري، ويهدد بمزيد من العنف وعدم الاستقرار.


تقترب إيران وإسرائيل من شفا حرب شاملة، وقد يُعتبر الهجوم الضخم الذي شنته طهران على تل أبيب في الأول من أكتوبر نقطة تحول حاسمة.

بعد سلسلة من الانتكاسات التي تعرضت لها طهران، بما في ذلك اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصر الله، كان على المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الرد. والآن، بسسبه تواجه المنطقة صراعًا أكبر.

هجوم صادم

وفق ما نشرت مجلة فورين آفيرز الأمريكية يوم 11 أكتوبر 2024، كان من المحتوم أن تشن إيران هجومًا ما، نظرًا للعلاقة الوثيقة بين حزب الله والجمهورية الإسلامية. لكن خامنئي فاجأ الكثيرين باختياره واحدًا من أكثر الخيارات تطرفًا.

وكان بإمكانه استخدام شبكته من الوكلاء لشن هجوم غير مباشر ضد إسرائيل أو إطلاق موجة من “الإرهاب” الإقليمي، وهو ما فعله في السابق. بدلًا من ذلك، اختار خامنئي إطلاق مئات الصواريخ على أكبر مدينة إسرائيلية، في واحدة من أكبر الهجمات الصاروخية في التاريخ.

صعود المتشددين

أقدم خامنئي على هذه الخطوة الدراماتيكية لأسباب داخلية. لقد شهد الحرس الثوري الإيراني، القوة المسلحة المؤثرة في إيران، انقسامًا بين قادته القدماء والمحافظين والصفوف الشابة الراديكالية.

بينما يفضل الجيل الأقدم اتخاذ الحذر عند التعامل مع إسرائيل، ترغب الأجيال الشابة في مواجهة العدو بشكل مباشر. عمومًا، كان للقدامى نفوذ أكبر على المرشد الأعلى، لكن مع مقتل المزيد من القادة، أصبح للجماعات الشابة نفوذ أكبر.

تصاعد المتشددين بعد مقتل نصر الله

بعد مقتل نصر الله، يبدو أن حسابات خامنئي تأثرت بهذا الجيل الشاب، وهو ما يفسر الهجوم في الأول من أكتوبر.

ومن المحتمل أن تزداد قوة هؤلاء المتشددين في السنوات المقبلة. بعد الفشل المتكرر في الاستخبارات، لم يعد بإمكان خامنئي الاعتماد على الجيل القديم لإدارة إيران. حتى لو استطاع، فإن المتشددين لديهم الوقت في صالحهم؛ خامنئي يبلغ من العمر 85 عامًا، والعديد من مستشاريه من كبار السن أيضًا.

الصراع داخل الحرس الثوري

الحرس الثوري هو العمود الفقري للجمهورية الإيرانية. تم إنشاؤه في عام 1979 لحماية رجال الدين وترسيخ النظام الثيوقراطي الجديد في إيران.

وقد اكتسب الحرس الثوري قوة على كل جانب من جوانب الاقتصاد والأمن والسياسة. مع مرور الزمن، أصبح يسيطر على أكثر من 50% من الاقتصاد الإيراني.

أجيال الحرس الثوري

تتكون صفوف الحرس الثوري من أربعة أجيال وهي:

الجيل الأول هو مجموعة المؤسسين الذين انضموا خلال الحرب الإيرانية العراقية. بينما تقاعد معظم هذا الجيل بعد تولي خامنئي القيادة، بقي بعض الموالين له، وتم مكافأتهم بنفوذ اقتصادي كبير.

الجيل الثاني انضم إلى الحرس الثوري بعد الحرب، حيث توسع الحرس ليقوم بمشاريع إعادة إعمار مربحة. لكن جيلهم لم يكن مهتمًا بالأسس الإسلامية المتشددة. كانت أولوياتهم مالية أكثر من كونها دينية. نتيجة لذلك، بدأ خامنئي في السعي لجعل الحرس الثوري مجموعة أكثر أيديولوجية خلال العقد الأول من الألفية. وزاد من مدة تدريب الحرس على المبادئ الأيديولوجية والسياسية.

وهذا أدى إلى ظهور الجيل الثالث من الحرس الثوري، الذي أثبت وفاءً أكبر لمبادئ الجمهورية الإسلامية.

الجيل الرابع المتشدد

اليوم، يمثل الجيل الرابع من الحرس الثوري أكثر الأعضاء تطرفًا. لقد خدم هؤلاء بفعالية في قمع الاحتجاجات ضد النظام. كما قاموا بالهجوم على قادة الجمهورية الإسلامية الأقل أيديولوجية.

في عام 2019، أصدر خامنئي بيانًا يدعو فيه الحرس الثوري ليكون النموذج لجميع المؤسسات الحكومية. وبهذا، بدأ يعين ويوظف شباب الحرس الثوري المتشددين، مما أدى إلى سياسات أكثر تشددًا داخليًا وخارجيًا.

الصراعات المستمرة

ومع تصاعد التوترات بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، بدأت إسرائيل بشن هجمات على قوات الحرس الثوري. تم استهداف كبار قادة حزب الله وكذلك منشآت الحرس الثوري في العراق وسوريا.

تسبب ذلك في غضب جميع أعضاء الحرس الثوري، لكن الجيل الشاب كان الأكثر استياءً من رد فعل إيران الضعيف بعد هجمات إسرائيل. اعتقد العديد من هؤلاء المتشددين أن إيران تعاني من تقييد بسبب الخوف من العواقب.

من المتوقع أن تزداد الصراعات في المنطقة، حيث يمكن للجيل الشاب من الحرس الثوري أن يستغل الوضع الراهن للضغط على القيادة، مما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر. مع تقدم العمر في القيادة، يتزايد خطر أن تصبح إيران أكثر تطرفًا في سياساتها، مما يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.

 

ربما يعجبك أيضا