تصاعد العنف الطائفي في الهند.. ما أسبابه ونتائجه المحتملة؟

آية سيد

شهدت الهند على مدار الأسابيع الماضية ارتفاعًا في أحداث العنف الطائفي وخطاب الكراهية، ما أثار مخاوف من أن تؤدي حالة الاستقطاب الحالية إلى انقسام بين الهندوس والمسلمين.


شهدت الهند، يوم السبت الماضي، اندلاعًا للعنف الطائفي خلال موكب ديني هندوسي، ما أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص.

وفي هذا الشأن، أوردت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا، في 18 إبريل 2022، عن تزايد الانقسام الطائفي بين الهندوس والمسلمين في الهند، وكيف أن الكثيرين يلقون باللوم على مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا.

احتفال ديني يتحوَّل إلى أحداث عنف طائفي

بحسب التقرير، بدأ الاحتفال بذكرى ميلاد الإله الهندوسي، هانومان في حي جاهانجيربوري بالعاصمة نيودلهي بهدوء، يوم السبت الماضي. لكن مع دخول ساعات المساء، بدأ موكب غير مصرح له بالتجمع. ثم بدأ الرجال الذين يرتدون اللون الزعفراني، المميز للقومية الهندوسية، في إشهار سيوفهم ومسدساتهم وترديد شعارات طائفية استفزازية.

وأشار التقرير إلى أن هذا الموكب تجاهل الاتفاقيات السابقة بين السكان الهندوس والمسلمين التي تنص على أن يتجنب الموكب المرور بجانب المسجد المحلي، الذي كان يقيم صلاة العشاء وقتها. وقال تبريز خان، أحد شهود العيان: “حطم الغوغاء الهندوس زجاجات الخمر داخل المسجد، ووضعوا الأعلام الزعفرانية هناك، وهتفوا بشعارات هندوسية. بدأ حارس المسجد في مقاومتهم، ما أدى إلى مشاجرة”.

اتهامات متبادلة

لفت التقرير إلى أن شهود العيان المسلمين والهندوس يُحمّل بعضهم بعضًا المسؤولية عن أحداث العنف. وقال رينكو شارما، أحد المشاركين في الموكب، إن الاشتباكات بدأت “عندما دخلنا منطقة المسجد”. وعلى الجانب الآخر، قال محمد فازال: “معظم السكان الذين يعيشون في هذه المنطقة مسلمون. لم يكن هذا موكبًا دينيًّا وإنما هجوم علينا، نحن المسلمين”. وأضاف خان “الهجوم كان مخططًا لخلق توترات طائفية”.

وبحسب التقرير، أُصيب 6 ضباط شرطة في أحداث العنف. وألقت الشرطة القبض على أكثر من 20 شخصًا، معظمهم من المسلمين. لكن من ضمن من خضعوا للاستجواب كان زعيم الفرع المحلي للمجلس الهندوسي العالمي، وهي جماعة يمينية شهيرة شاركت في تنظيم ذلك الموكب. ونفى مفوض شرطة دلهي وضع العلم الزعفراني داخل المسجد، وقال إن أشخاصًا من “كلا الطائفتين” خضعوا للتحقيقات.

حزب مودي وارتفاع العنف الطائفي

وفقًا للتقرير، شهدت الهند موجة عنف طائفي بين الهندوس والمسلمين في عدة ولايات، خلال احتفالات الأعياد الهندوسية على مدار الأسابيع الماضية. وبالنسبة إلى الكثيرين، يتحمل المسؤولية حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، الذي يقوده رئيس الوزراء ناريندرا مودي. ويواجه حزب بهاراتيا جاناتا اتهامات بمعاداة مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون شخص، ما حوّلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية.

في هذا السياق، قال الباحث في مركز أبحاث السياسة الهندي، عاصم علي، والذي يكتب في صحيفة تليجراف الهندية “توجد أسباب قوية تشير إلى أننا نمر بأصعب مرحلة على المسلمين في الهند المستقلة. إن الوجود في مرمى نيران الحزب الحاكم للبلاد هو مكان سيئ، والموقف القومي الهندوسي تجاه المسلمين يبدو أنه يزداد عداءً مع الوقت”.

انتشار خطاب الكراهية في الهند

أورد تقرير لشبكة بي بي سي البريطانية، في 14 إبريل 2022، أن الهند تعاني مشكلة خطاب الكراهية منذ عقود. لكن المشكلة تسارعت في السنوات الأخيرة، فيتعرض الهنود بانتظام لخطاب الكراهية والمحتوى المثير للاستقطاب. ومثل ما قال العالم السياسي، نيلانجان سيركار، في ظل تضخيم وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التليفزيونية لتصريحات وتغريدات رجال السياسة، يبدو خطاب الكراهية “منتشرًا ولا يتوقف”.

وقال سيركار “في السابق، كان خطاب الكراهية يرتفع في الفترة السابقة للانتخابات. لكن الآن، في ظل تغير المشهد الإعلامي، أدرك رجال السياسة أن التصريح المسيء في ولاية ما يمكن تضخيمه من أجل المنفعة السياسية في ولاية أخرى على الفور”. ولفت التقرير إلى أن التصريحات المسيئة الصادرة عن رجال السياسة الهنود الكبار تضاعفت منذ وصول حكومة مودي القومية الهندوسية إلى الحكم.

كيف يتعامل القانون الهندي مع خطاب الكراهية؟

بحسب تقرير بي بي سي، تمتلك الهند قوانين لكبح خطاب الكراهية. لكن قالت المحامية البارزة، أنجانا براكاش، التي تقدمت بدعوى في المحكمة العليا، تطلب اتخاذ إجراء ضد بعض الزعماء الدينيين الهندوس الذين دعوا إلى العنف ضد المسلمين في ديسمبر الماضي “تحتاج هذه القوانين إلى سلطة تنفيذية لتطبيقها. ومعظم الوقت هم لا يريدون التحرك”.

وأوضح التقرير أن الهند لديها قوانين تحظر أنماطًا معينة من الكلام والكتابة والأفعال، ويشمل تجريم الأفعال التي تشجع “العداوة بين الجماعات المختلفة دينيًّا” و”الأعمال المتعمدة والخبيثة، التي تهدف إلى إهانة المشاعر الدينية لأي فئة عبر الإساءة إلى دينها ومعتقداتها الدينية”. ولفت التقرير إلى أن قضية خطاب الكراهية كثيرًا ما تُطرح أمام المحاكم الهندية. لكن القضاء كان حذرًا من فرض قيود على حرية التعبير.

 

ربما يعجبك أيضا