تصاعد حدة الخلافات بين إيطاليا وفرنسا.. والأخيرة تستدعي سفيرها

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

وصلت الخلافات بين فرنسا وإيطاليا ذروتها عقب توالي الاتهامات الموجهة من قبل الحكومة الإيطالية لفرنسا، متهمة إياها بمزيد من إفقار القارة الأفريقية، سحبت على إثرها فرنسا سفيرها من روما بعدما عقد نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم حركة خمس نجوم الشعبوية، لويجي دي مايو، أول أمس الثلاثاء، شخصيات من حركة “السترات الصفراء” التي تقود منذ أسابيع الاحتجاجات ضد الرئيس إيمانويل ماكرون، وأعلن دي مايو على شبكات التواصل الاجتماعي أنه التقى “مسؤولين من السترات الصفراء”، مضيفاً أن “رياح التغيير تخطت جبال الألب. أكرر: رياح التغيير تخطت جبال الألب”.

جاء هذا اللقاء بعد سلسلة تصريحات غير مسبوقة من حيث حدتها سواء من دي مايو أو من حليفه وزير الداخلية ماتيو سالفيني ضد الحكومة الفرنسية، لعل أبرزها اتهام دي مايو لباريس بإفقار أفريقيا، وكان سالفيني، الذي يتزعم حركة “الرابطة” اليمينية المتطرفة.
قد أعرب عن أمله في “أن يتحرر الشعب الفرنسي قريباً من رئيس سيئ للغاية”، في إشارة للرئيس ماكرون، وهي تصريحات غير مسبوقة إطلاقاً بين مسؤولي دولتين مؤسستين للاتحاد الأوروبي.

تصاعد الخلافات

كانت وزارة الخارجية الفرنسية قد سحبت سفيرها  يوم الإثنين، “21 يناير” بعد تصريحات أدلى بها نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو اتهم فيها فرنسا بـ “إفقار أفريقيا” وتصعيد أزمة المهاجرين، كما طالب خلالها الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات عليها.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي “بعد أحدث التصريحات الصادرة عن السلطات الإيطالية، جرى استدعاء السفيرة… هذه ليست أول مرة تدلي فيها السلطات الإيطالية بتصريحات غير مقبولة وعدوانية”.
وأضاف المصدر أن كبير موظفي مكتب وزيرة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو استدعى السفيرة تيريزا كاستالدو.

وكان دي مايو قد أعرب، في وقت سابق، عن أمله في أن يفرض الاتحاد الأوروبي “عقوبات” ضد الدول بدءًا بفرنسا التي تقف، حسب قوله، وراء مأساة المهاجرين في البحر المتوسط من خلال “تهجيرهم” من أفريقيا.

ويحاول سالفيني حشد جبهة أوروبية لليمين المتطرف تواجه المؤيدين للاتحاد الأوروبي وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي، في الانتخابات الأوروبية المقبلة في 26 مايو.

دواعي الخلاف

دخل التوتر السياسي بين إيطاليا وفرنسا مرحلة جديدة في ظل إحكام اليمين المتطرف في روما، قبضته على الحكم منذ عام 2018، ليشعل خلافًا حادا مع الجارة الأوروبية حول ليبيا، لا سيما فيما يتعلق بأزمة اللاجئين والمهاجرين، مرورا بالثروة النفطية التي تمتلكها الدولة الليبية  خصوصا أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الهيمنة وفرض نفوذه السياسي على البلد الأفريقي، وهو الأمر الذي دفع روما إلى شن هجمات حادة على فرنسا، موجهة التهم إلى حكومة إيمانويل ماكرون بالسعي إلى إطالة أمد الحرب حفاظا على مصالحها النفطية والاستراتيجية.

أن جوهر الخلاف بين إيطاليا وفرنسا حول ليبيا يكمن في المصالح الجيوسياسية لإيطاليا، لأن ليبيا كانت ذات يوم مستعمرة إيطالية وتعتبر المنطقة ضمن نطاق نفوذها. وتعتقد إيطاليا أن فرنسا خطفت ليبيا من روما، إذ كانت فرنسا سريعة للغاية في اتخاذ قرار بالذهاب لقصف القذافي وجذب الجميع إلى هذه العملية، وكان الإيطاليون ينظرون إلى ذلك باعتباره صفعة على الوجه.

وتتنافس إيطاليا وفرنسا بشكل كبير على النفوذ داخل الأراضي الليبية، وخصوصا في مناطق غرب وجنوب ليبيا، وهو ما أدى إلى وقوع حرب تصريحات بين البلدين.

ربما يعجبك أيضا