تصدّع جيوسياسي وتحوّل اقتصادي وغياب قادة بارزين.. تحديات تواجه قمة الـ20

محمد النحاس

بشعار “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد” تستعد الهند لاستقبال قمة الـ20، بالعاصمة نيودلهي يومي 9 و10 سبتمبر 2023.

ورغم الشعار الرنان والمتفائل فإن المجموعة ممزقة بجملة من الصراعات المعقدة للغاية ذات الأسباب الجوهرية، ويتولى رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي مهمة ليست باليسيرة، تتمثل في التوصل إلى توافقات بين الدول المتقدمة والنامية.

غياب بوتين وشي

علاوةً  على الخلافات، لن يحضر قائدين بارزين القمة، فلن يحضر كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج القمة المنعقدة في الهند هذا الشهر، وفق تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية يوم الأحد الموافق 3 سبتمبر 2023، ورغم وضعها الحالي لم تكن المجموعة عند نشأتها على هذا الحال، بل كانت منسجمة إلى حد بعيد.

اقرأ أيضًا| إنفوجراف| دول مجموعة الـ20 تُنفق مبالغ قياسية على دعم الوقود الأحفوري

تعودة نشأة المجموعة إلى أواخر التسعينيات من القرن الماضي، لكن وصو لها إلى مرحلة النضج كان بعد عقد من الزمان، إبان الأزمة المالية العالمية، حينما كانت النظام المصرفي الدولي معرضًا للانهيار، وهدفت آنذاك الدول الفقيرة والغنية، كما يطلق عليها، أو المتقدمة والنامية للعمل معًا، لتخفيف من آثار الركود الذي ضرب اقتصاد العالمي في أعقاب الأزمة، حسب الصحيفة البريطانية.

لماذا نشأت المجموعة؟

نظريًّا، كانت نشأة مجموعة الـ 20 أمرًا طبيعيًّا، لأن بنية الاقتصاد العالمي قد تغير، مع صعود دول مثل الهند والصين والبرازيل كقوى لها وزنها على الصعيد العالمي، ومن ثم لم يعد عمليًّا أن تحاول دول الـ 7 الصناعية الكبرى (الـ 8 آنذاك، قبل استبعاد روسيا) وهي الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا والمملكة المتحدة أن تحل المشكلات القائمة بمعزل عن القوى الصاعدة.

اقرأ أيضًا|تهديد وجودي.. ماذا يعني غياب الرئيس الصيني عن قمة مجموعة العشرين؟

وتمثل مجموعة الـ20 حوالي 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن الضروري لدولها أن تقف على أرضية مشتركة ما من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن قضايا مثل أزمة المناخ والاستقرار النظام المالي وتخفيف عبء الديون عن دول العالم الفقيرة، لكن الواقع مختلف فمنذ عام 2009 أصبح أمر التوافق أكثر صعوبة بالنسبة للمجموعة.

هيكل المجموعة

ترجع صعوبة التوافق إلى جملة من الأسباب، بدايةً، فإن هيكل المجموعة فعلى العكس من منظمات مثل الأمم المتحدة، ليس لدى مجموعة الـ20 أمانة عامة دائمة تسيّر أعمال المجموعة، وبدلًا من ذلك، يتناوب الأعضاء على رئاسة المجموعة. ويتابع مقال صحيفة الجارديان، بأن ذلك يجعل من مؤتمرات القمة فرصة لالتقاط الصور وإجراءات المحادثات بدلًا عن اتخاذ القرارات.

حسب الجادريان، يريد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن يوسع المجموعة بضم الاتحاد الإفريقي، وفي حين سيجعل ذلك المجموعة أكثر تعبيرًا عن دول العالم، لكن من شأنه أن يجعل التوصل إلى اتفاقات أو اتخاذ قرارات بشأن القضايا الحيوية للمجموعة بفعل اختلاف المصالح الوطنية لكل دولة، وتباين الأولويات.

تصدعات جيوسياسية وتحولات اقتصادية

لا يقف الأمر عند هذا الحد، فعلى صعيد الجيوسياسي، وهي ثاني العوائق، هناك تصدعات كبيرة تهز أركان المجموعة، المشكلة الأبرز حاليًّا والأكثر حضورًا والأدعى لإثارة انقسامات عميقة، الحرب الطاحنة بين روسيا وأوكرانيا، والتي جاوزت العام ونصف العام.

وفي حين شددت القوى الغربية عقوباتها على روسيا، فقد قوضت مساعي فرض حصار اقتصادي شامل ضد الروس بسبب رغبة الصين والهند شراء النفط الروسي زهيد الثمن. علاوةً على ذلك، فإن العلاقات بين الصين والهند، أبعد ما يكون عن الودية، يشهد البلدان نزاعًا حدوديًّا معقدًا، وحالة من التنافس الاقتصادي والإقليمي.

وأما المشكلة الثالثة هي أن مجموعة العشرين أُنشئت لإدارة العولمة، ولكن العولمة آخذة في التراجع مع التغير التدريجي في بنية العلاقات الدولية، وعلى الرغم من نشاط التجارة العالمية على مدى السنوات الثلاث الماضية، لكن فقد بدأت أنماط التجارة الثنائية في التحول، وبدلًا عن التعاون فإن كلًا من الولايات المتحدة والصين تنتهج  سياسة الصناعية الاستراتيجية إذن يمكن القول أن طريق العودة للنهج “النيوليبرالي” والذي ساد خلال الـ40 سنة الماضية بات مسدودًا، حسب المقال.

ربما يعجبك أيضا