تصعيد تركي يوناني جديد.. لماذا أوقف أردوغان المحادثات مع أثينا؟

رنا أسامة
الرئيس التركي - أرشيفية

تركيا واليونان العضوان في الناتو على خلاف منذ قُرابة قرن بشأن بعض القضايا العالقة، مثل الحدود البحرية وامتداد الجرف القاري لكل منهما، بجانب قضايا المجال الجوي والمهاجرين وقبرص المقسمة عرقيًا.


في تصعيد جديد على مسار العلاقات بين أنقرة وأثينا، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستوقف محادثاتها مع اليونان.

واستأنفت أنقرة مفاوضاتها مع أثينا العام الفائت بعد توقف 5 سنوات، لبحث نزاعاتهما حول قضايا من بينها التنقيب عن المعادن بشرق البحر المتوسط، ​​والمُطالبات المتنافسة لكلٍّ منهما في بحر إيجه، تجنبًا لمواجهة مسلحة محتملة كما حدث قبل عامين.

أردوغان محذرًا اليونان: لا تعبثوا معنا

أردوغان أمام نواب بحزبه الحاكم

وفق شبكة إيه بي سي نيوز، قال أردوغان في اجتماع أمام نواب من حزبه أمس الأول الأربعاء 1 يونيو 2022: “أوقفنا اجتماعات مجلسنا الاستراتيجي رفيع المستوى مع اليونان”، وأضاف مُخاطبًا المسؤولين اليونانيين: “انتبهوا لأفعالكم، ألا تتعلمون دروسًا من التاريخ؟ لا تعبثوا مع تركيا ستتعبون وتتعثرون”.

وينص اتفاق البلدين المبرم عام 2010 على عقد لقاءات دورية على أعلى المستويات لتعزيز التعاون. وصعّدت أنقرة انتقاداتها ضد أثينا، بعد خطاب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أمام الكونجرس في مايو الماضي. وندد أردوغان بالخطاب وتحدث عن كيرياكوس، دون أن يُسمّيه، قائلًا: “يذهب إلى الولايات المتحدة، ويتحدث ضدنا أمام الكونجرس، سئمنا ذلك”.

توتر طويل الأمد

التوترات التركية اليونانية

رغم عضوية البلدين في حلف الناتو، تظل العلاقات الثنائية بينهما متوترة منذ قُرابة قرن لأسباب تتعلق بأزمات، منها الحدود البحرية وامتداد الجرف القاري لكل منهما، وقضايا المجال الجوي والمهاجرين وقبرص المقسمة عرقيًّا. لكن التوتر تجدد الأسبوع الماضي، عندما تحدث أردوغان عن رئيس الوزراء اليوناني، واتهمه بمحاولة عرقلة بيع طائرات “إف- 16” لتركيا خلال زيارته لواشنطن.

ورد ميتسوتاكيس على أردوغان، في تصريحات بعد قمة للاتحاد الأوروبي، قائلًا إنه أطلع نظراءه على “عدوانية تركيا واستفزازاتها”. وزعم وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مقابلة مع وكالة الأناضول يوم 31 مايو، أن اليونان تنتهك الاتفاقات الدولية التي تحدد وضع الجُزر منزوعة السلاح ببحر إيجة، محذرًا من “بحث مسألة السيادة” ما لم تُغيّر أثينا نهجها.

حزب تركي يميني متطرف: اليونان تلعب بالنار

دولت بهجلي

في الوقت ذاته، ادّعى حزب الحركة القومية اليميني المتطرف في تركيا، الحليف الرئيس للحزب الحاكم، أن القواعد العسكرية الأمريكية في اليونان تمثل “تهديدًا” مباشرًا لأمن تركيا. وأضاف زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، في خطاب أمام البرلمان التركي: “الولايات المتحدة تعتبر اليونان بيدقها الخاص”، كما نقلت عنه وسائل إعلام محلية.

اتفاق دفاعي بين واشنطن وأثينا

واشنطن وأثينابحسب شبكة فوكس نيوز الأمريكية، وقّعت الولايات المتحدة واليونان اتفاقية عسكرية ثنائية مدتها 5 سنوات في 13 مايو الماضي، بهدف تعزيز دفاعاتها في وقت تواجه فيه أوروبا أكبر تهديد أمني منذ الحرب العالمية الثانية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وتُمكّن الاتفاقية واشنطن من الوصول إلى 3 قواعد في البر الرئيسي لأثينا، بجانب وجودها البحري طويل الأمد في جزيرة كريت. في حين دافعت واشنطن وأثينا عن هذه الخطوة، اتهم الزعيم السياسي التركي الولايات المتحدة باستغلال العلاقات اليونانية التركية المتوترة بالفعل لـ”دفع أنقرة إلى بؤرة صراع ساخنة”.

الحرب الروسية الأوكرانية تُشغل خلافات أثينا وأنقرة

اردوغان وبوتينأعادت الحرب الروسية الأوكرانية إشعال خلافات أثينا وأنقرة المستمرة منذ عقود، وسط محاولات أنقرة، العضو المهم في حلف شمال الأطلنطي، لتحقيق انتصارات سياسية على حساب الحِلف.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، خيّب أردوغان آمال الناتو برفضه انضمام السويد وفنلندا للحلف، بدعوى أن البلدين يأويان أفرادًا وكيانات تعدّهم أنقرة “إرهابيين”. بدوره، واجه أردوغان اتهامات بأنه “حصان طروادة” للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فيما يتطلع إلى عرقلة الاتفاقية الأمنية الأمريكية اليونانية رغم التهديد المتزايد الذي تواجهه أوروبا.

تأهب عسكري يوناني

اليونان تضع قواتها المسلحة في حالة تأهب

مع تصاعد التوترات مع تركيا، وضعت اليونان قواتها المسلحة بحالة تأهب قصوى ببحر إيجه، بسبب ما تصفه بـ”استفزازات القيادة التركية المتزايدة”. قالت مصادر بوزارة الدفاع اليونانية، إن معلومات عسكرية تُشير لـ”تهديدات مختلطة” قد تواجهها اليونان من جارتها تركيا، بحسب تقرير نشرته إذاعة صوت أمريكا.

وأشارت المصادر التي لم تُسمها الوكالة التي تموّلها الحكومة الفيدرالية الأمريكية، إلى أن نقاط الاحتكاك بين البلدين كثيرة، من بينها الزيادة المُفاجئة في تدفقات اللاجئين من تركيا، وفي حرائق الغابات غير المُتوقعة بالجزر المُتنازع عليها في بحر إيجه.

لعبة تركية كلاسيكية

التوترات بين تركيا واليونان

رغم خطورة تصرفات تركيا الأخيرة، بما في ذلك التصريحات العدوانية لأردوغان، يستبعد محللون أمنيون نشوب صراع مُسلح بين أنقرة وأثينا. وعلق الجنرال اليوناني المتقاعد، ليونيداس تزوميس، على ذلك قائلًا إن البلدين سيخسران من أي مواجهة عسكرية.

وأضاف تزوميس أن “اليونان تواجه لعبة تركية كلاسيكية من التصعيد الخاضع للرقابة، قد تُجبرها في النهاية على التفاوض بشأن مسائل ترفض بحثها مثل النزاع في بحر إيجه، لأنها لا تريد التنازل عن شبر واحد من الأراضي التي تخضع لسيطرتها”، وفق صوت أمريكا.

ألمانيا تدخل على خط الأزمة

المستشار الألماني أولاف شولتس

دخلت ألمانيا على خط الأزمة، داعيةً تركيا لضبط النفس تجاه اليونان مع تصاعد التوتر بين البلدين. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، أمس، إن المستشار أولاف شولتس “يرى أنه من الضروري، نظرًا إلى الوضع الحالي، أن يقف جميع أعضاء حلف الناتو معًا ويبتعدوا عن الاستفزازات في ما بينهم”.

ووصف اقتحام المجال الجوي اليوناني والتحليق فوق الجزر اليونانية بأنه “أمر غير مقبول”، مُشددًا على التزام ألمانيا بحل القضايا المفتوحة بين البلدين في حوار مباشر وعلى أساس القانون الدولي، وأنه لا يمكنه قبول التشكيلك في سيادة أعضاء الاتحاد الأوروبي. وفق رويترز.

تنديد تركي

ندّدت أنقرة بالتصريحات الألمانية، متعهدةً بمواصلة الدفاع عن سيادتها ضد ما عدّته “انتهاكًا يونانيًا لمجالها الجوي”. وقالت الخارجية التركية في بيان: “ندين بشدة ونرفض التصريحات العارية عن الصحة، نتوقع أن تدعو ألمانيا اليونان للعمل وفق الاتفاقيات الدولية، بدلًا من الإدلاء بتصريحات متحيزة لا تتماشى مع روح التحالف”.

ربما يعجبك أيضا