تعاون مُتنامي.. كيف تدعم الصين الصناعات العسكرية الروسية؟

أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر صينية المنشأ شكلت 75% من الواردات الروسية

آية سيد
تعاون متنامي.. كيف تدعم الصين الصناعات العسكرية الروسية؟

منذ غزو أوكرانيا، ارتفعت الشحنات الصينية من أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر، الضرورية للصناعات العسكرية الروسية، 10 أضعاف.


تستمر روسيا والصين في تعزيز التعاون على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي، مع وجود مؤشرات على اقترابهما من تشكيل تحالف عسكري.

وفي هذا السياق، كشف تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، اليوم الثلاثاء 2 يناير 2024، أن الشحنات الصينية من فئة مهمة من المعدات المتقدمة إلى روسيا ارتفعت 10 أضعاف منذ غزو أوكرانيا.

أجهزة التحكم العددي

أشارت الصحيفة إلى أن المنتجين الصينيين يهيمنون حاليًا على تجارة أجهزة “التحكم العددي بالكمبيوتر” عالية الدقة، الضرورية للصناعات العسكرية الروسية، وأصبحت شحنات هذه الوحدات، التي تسمح بتفريز المعادن بدقة شديدة، مصدر قلق بالغ لحلفاء أوكرانيا في الوقت الذي يسعون للتضييق على وصول روسيا لهذه المعدات.

تعاون متنامي.. كيف تدعم الصين الصناعات العسكرية الروسية؟

أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر

وتُظهر عائدات الجمارك الروسية أن المنتجين الصينيين شحنوا أجهزة تحكم عددي بقيمة 68 مليون دولار في يوليو 2023، وهو آخر رقم مُتاح قابل للتحقق، مرتفعًا من 6.5 مليون دولار فقط في فبراير 2022، عندما شنت روسيا حربها على أوكرانيا.

تعزيز الشراكة

في أكتوبر الماضي، أخبر الرئيس الصيني، شي جين بينج، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أن التجارة السنوية بين البلدين وصلت إلى “مستوى تاريخي” يقترب من 200 مليار دولار

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ المساعد بكلية إس راجارتنام للدراسات الدولية بسنغافورة، مايكل راسكا، أن صادرات أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر تُعد مثالًا على كيفية انجرار الصين وروسيا إلى شراكة صناعية عسكرية عميقة.

وقال في تصريحات أبرزتها “فاينانشال تايمز”: “الصين وروسيا تتشاركان المصلحة السياسية ذاتها، وهي تحدي الولايات المتحدة ومواجهتها”، مضيفًا أن حقيقة منع روسيا من استيراد الآلات الأوروبية لم تترك لها خيارًا سوى الاعتماد على الصين.

تأثير العقوبات

لفتت “وول ستريت جورنال” إلى أن واردات روسيا من أجهزة التحكم العددي من الاتحاد الأوروبي، الذي كان مصدرها الرئيس، انخفضت بشدة بسبب تشديد القيود منذ فبراير 2022، وقال المحللون إن موسكو تسعى للحصول على هذه الأدوات من مصادر لن تغلقها الضوابط الدولية.

وتُظهر عائدات الجمارك أن أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر صينية المنشأ شكلت 75% من الواردات الروسية في يوليو الماضي، وتشير كذلك إلى أن موسكو استمرت في استيراد كميات ضخمة من أدوات التحكم العددي المصنوعة في تايوان وكوريا الجنوبية.

وفي نوفمبر 2023، فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على كل المستوردين الروس الكبار لأدوات التحكم العددي.

مسؤول أمريكي لـ«رؤية»: نخوض حرب معلومات غير معلنة مع الصين وروسيا

الرئيس الصيني، شي جين بينج، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين

ما وظيفة هذه المعدات؟

قال المُحلل بمركز دراسات الدفاع المتقدمة، ومقره واشنطن، آلن ماجارد، إن أجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر يمكنها “إنتاج مكونات معقدة من المعادن والمواد الصلبة الأخرى بسرعة وبدرجة ثابتة من الدقة، وهذه الصفات تجعل الأدوات الآلية التي تعمل بأجهزة التحكم العددي ذات قيمة خاصة للتصنيع الدفاعي”.

وأضاف أنها تكون في الغالب أجزاء كبيرة من المعدات، ما يجعل تهريبها إلى روسيا من الغرب أصعب من المكونات الصغيرة، مثل الرقائق، موضحًا أنه يعتقد أن المصانع الدفاعية الروسية “تبدأ لتوّها استخدام أجهزة التحكم العددي الصينية”.

وحسب الصحيفة، رأت المحللة بمحلس الأمن الاقتصادي الأوكراني، أولينا يورتشينكو، أنه من “شبه المستحيل” استخدام هذه الأدوات في مصانع أسست عمليات إنتاجها على أدوات من مصدر مختلف وذات مواصفات مختلفة.

روابط بالجيش الصيني

كشف تحليل لصحيفة “فاينانشال تايمز” لسجلات الصادرات، أن بعض الشركات المستفيدة من ارتفاع الواردات الروسية لها علاقات قوية بجيش التحرير الشعبي الصيني، مثل شركة ووهان هوازونج لأجهزة التحكم العددي بالكمبيوتر، التي خضعت للعقوبات الأمريكية في الفترة بين 2008 و2010.

وفي هذا الشأن، قالت نائب مساعد الممثل التجاري الأمريكي السابقة، إميلي كيلكريس، إن واشنطن كانت مُترددة في استخدام العقوبات المالية لاستهداف الشركات الصينية التي تساعد روسيا بدافع القلق من أن هذا سيُقلل من فاعلية هذه الإجراءات حال حدوث أزمة مع بكين.

إنفوجراف| كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا

موقف الشركات

تخاطر الشركات الصينية التي تواصل التجارة مع المستوردين الروس بالوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية، التي قد تعرّض قدرتها على التجارة في الأسواق الأخرى للخطر، وبينما تصر بكين على أنها لا تشحن أسلحة فتاكة إلى موسكو وتنفي دعم جهدها الحربي، تعارض استخدام العقوبات.

ووفق مدير مركز روسيا وأوراسيا بمؤسسة كارنيجي، ألكسندر جابويف، فإن العقوبات وقيود التصدير الحالية ضد المتعاقدين العسكريين الصينيين بسبب أمور أخرى دفعت الكثير من الشركات الصينية إلى الاستخفاف بمخاطر العقوبات الأمريكية المحتملة.

وأوضح جابويف، حسب ما نقلت “فاينانشال تايمز”، أن الكثير من الشركات الصينية تتوقع أنه “عاجلًا أو آجلًا، كل الشركات المرتبطة بالجيش الصيني ستخضع للعقوبات، ولذلك تفكر الشركات في إما أن تحاول البقاء في السوق عبر تجنب تعميق العلاقات العسكرية والتعرض للعقوبات على أي حال، أو المضي قدمًا وحسب”.

ربما يعجبك أيضا