تعديلات قانون الجنسية.. هل تدخل مصر عصر “البدون”؟

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – تستعد مصر لإجراء تعديلات جديدة على أحكام قانون الجنسية، بعد موافقة قسم التشريع بمجلس الدولة على المشروع المقدم من مجلس الوزراء، والذي من المنتظر إحالته إلى مجلس النواب تمهيدا لتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه ونشره في الجريدة الرسمية.

وأثارت التعديلات حالة من الجدل الكبير منذ إعلانها من قبل مجلس التشريع بمجلس الدولة، والتي تعد أول مقترح على أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 الخاص بالجنسية المصرية وطرق اكتسابها وفقدانها، وتدخل مصر في عصر عديمي الجنسية “البدون”.

“التعديلات الجديدة”

حملت التعديلات الجديدة عددا من البنود الخاصة بسحب الجنسية المصرية وتعديل إحدى حالات إسقاطها، إضافة إلى زيادة رسوم الحصول على شهادة الجنسية بنسبة 10%.

وضمت التعديلات التي وافق عليها مجلس التشريع بمجلس الدولة المواد 15 و16 و21 و24 من قانون الجنسية، حيث أضيفت حالات جديدة لسحب الجنسية وتعديل إحدى حالات إسقاطها حال صدور حكم قضائي يثبت انضمام حامل الجنسية المصري إلى “جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان” يهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة.

وتضمنت التعديلات زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها لتكون 10 سنوات بدل 5 سنوات، إذا حكم عليه في مصر بحكم قضائي “بات” بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو بجريمة مضرة بأمن الدولة من جهة خارجية أو داخلية، أو انقطاعه عن الإقامة في مصر بدون عذر يقبله وزير الداخلية.

وشملت التعديلات المنصوص عليها مؤخرا تعديل رسوم الحصول على شهادة الجنسية لتكون بما لا يجاوز 50 ألف جنيه بدلاً من 5 جنيهات في النص الساري، بالإضافة إلى زيادة فترة دراسة طلبات الحصول على الجنسية عامين بدل عام.

وأكد رئيس المكتب الفني لقسم التشريع المستشار عبد الرازق مهران -في بيانه، أمس- أن قسم التشريع لم يبد أي ملاحظات على التعديلات، سوى في النص الخاص بزيادة الحد الأقصى للرسممن 5 جنيهات إلى 50 ألف جنيه، مؤكدا أن القسم ارتأى أن تلك الزيادة قد يكون مبالغ فيها.

“القانون القديم”

ينظم القانون رقم 26 لسنة 1975 أمور منح أو إسقاط الجنسية المصرية، والذي يختص فيه مجلس الوزراء بإصدار قرارات سحب أو إسقاط الجنسية، وتنقسم حالاتها إلى شقين: اﻷولى سحبها من شخص اكتسب الجنسية المصرية، والثانية إسقاطها عن مواطن يتمتع بها منذ مولده.

المادة 15 من القانون تنظم حالات سحب الجنسية من شخص اكتسبها، في العديد من الحالات، هي: “إذا كان اكتسبها عن طريق الغش أو بناءً على أقوال كاذبة، و إذا كان قد انقطع عن الإقامة في مصر مدة سنتين متتاليتين وكان ذلك الانقطاع بلا عذر يقبله وزير الداخلية، علاوة على أنه إذا إذا حُكم على مكتسب الجنسية في مصر بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف، وإذا حُكم عليه قضائيًا في جريمة من الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج أو من جهة الداخل”.

وتنظم المادة 16 من القانون حالات إسقاط الجنسية عن المتمتعين بها، في حالات: “الحصول على جنسية أخرى دون إذن من وزارة الداخلية، وإذا قَبَلَ دخول الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية دون تصريح مسبق من وزير الدفاع، أو قبل وظيفة في الخارج لدى حكومة أجنبية أو إحدى الهيئات الأجنبية أو الدولية وبقى فيها بالرغم من صدور أمر مسبب إليه من مجلس الوزراء بتركها، وإذا عمل لمصلحة دولة أو حكومة أجنبية وهي في حالة حرب مع مصر أو كانت العلاقات الدبلوماسية قد قطعت معها.

وتتضمن المادة أنه إذا كانت إقامت المتمتع بالجنسية في الخارج وانضم إلى هيئة أجنبية من أغراضها العمل على تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة، وإذا كانت إقامته في الخارج وصدر حكم بإدانته في جناية من الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج.

“مخالفة الدستور”

أكدت المؤسسة المصرية لحماية الدستور -برئاسة أمين عام جامعة الدول العربية السابق السفير عمرو موسى- أن التعديلات المقترحة يترتب عليها عواقب خطيرة، لافتة إلى أن المادة السادسة من الدستور المصري تعترف برابطة الدم أساساً للجنسية على أساس المساواة الكاملة بين الأب المصري والأم المصرية.

وأضافت في بيانها: “الحق في الجنسية من الحقوق الأساسية لكل مواطن يولد لأب أو أم مصرية وهي من الحقوق اللصيقة التي لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا، وفقا للمادة 92 من الدستور، ولذلك فإن أي نص يسقط الجنسية الأصلية عن أي مواطن مصري يعد مخالفا للدستور”، مؤكدا تأييدها لسحب الجنسية المكتسبة بالتجنس عن طريق الغش أو بسبب الانضمام إلى الجماعات الإرهابية.

وتابعت: “النصوص المقترحة لم تشر صراحة إلى الجماعات الإرهابية التي يدرجها القضاء ضمن قوائم الإرهاب، وأن الصياغة الفضفاضة -المساس بالنظام العام للدولة- تسمح بسحب الجنسية لأسباب لا تتعلق بالإرهاب بالمخالفة للهدف المعلن من التعديلات المقترحة”.

وقالت المؤسسة: إن التشديد العقابي بسحب الجنسية دون استراتيجية متكاملة ومتعددة الجوانب لمواجهة الإرهاب لن ينجح في تحقيق الهدف منه، مشيرة إلى أن مشروع التعديلات أغفل بعض العواقب الخطيرة التي قد تترتب على تنفيذه مثل وضع “عديمو الجنسية”.

ربما يعجبك أيضا