تعزيز الاستيطان.. تركيا تبحث عن موطئ قدم في حلب السورية

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

عقب الانسحاب الأمريكي المفاجئ للقوات الأمريكية وإعلانها عن خارطة خروج من الأراضي السورية، بدأت القوات التركية في إحلال قواتها وتعزيز وجودها، ولاسيما على الحدود الجنوبية لها مع دمشق. ومن المعلوم، أن أنقرة تسعى لإقامة عازل بشري لمنع تمركز الوحدات الكردية على حدودها، وبالتالي تسعى الأولى لسياسات التهجير والإحلال الديمغرافي بالفصائل السورية والمليشيات الإرهابية.

عاد ملف المنطقة الآمنة للظهور إلى الواجهة، مع التعزيزات التركية الكبيرة للولايات الجنوبية وخاصة تلك المحاذية لتل أبيض شمالي الرقة ورأس العين شمالي الحسكة، على الضفة الأخرى أرسلت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تقودها الوحدات الكردية تعزيزات إلى المناطق الحدودية مع تركيا استعدادا على ما يبدو لأي عملية عسكرية.

تعزيزات عسكرية بالحدود الجنوبية

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد الماضي، إن بلاده اتخذت إجراءات حازمة لتحويل منطقتي تل أبيض وتل رفعت شمالي حلب إلى مناطق آمنة. وقبل ذلك أعلنت وزارة الدفاع التركية أن وزير الدفاع خلوصي أكار اتفق مع مارك إسبر القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي على ضرورة إرسال فريق عسكري أمريكي إلى أنقرة على وجه السرعة الأسبوع القادم (الأسبوع الجاري) لبحث إقامة منطقة آمنة في سوريا.

لكن بالمقابل، فإن وزير الدفاع الأمريكي المؤقت، مارك إسبر، أعلن أمس، القوات المسلحة الأمريكية ستبقى في سوريا، كجزء من القوة متعددة الجنسيات لمواصلة الحملة ضد “داعش”، ورفض الوزير المؤقت مناقشة “عدد القوات أو المواعيد النهائية للإجلاء”.

الفصائل السورية الموالية

خطة الانتشار في منطقة شرقي الفرات لإقامة منطقة آمنة، وتوزع الفصائل السورية خطط موضوعة وجاهزة للتنفيذ، حسب ما كشف زياد الخلف الممثل السياسي لتجمع أحرار الشرقية أحد الفصائل السورية.

أن الفصائل الجيش الوطني جاهزة للتدخل في شرقي الفرات لإقامة المنطقة الآمنة، ويوضح أنها تمتلك حتى مناطق توزعها على مستوى الفيالق والفصائل داخلها على جبهات شرقي الفرات، مؤكدا أن إمكانية الانتقال إلى جبهات شرق سوريا لن تستغرق وقتا طويلا لامتلاكها لخطة المعركة.

اتفاق أم حرب؟

قالت مصادر دبلوماسية تركية إن مجموعة عمل مشتركة شكلتها أنقرة وواشنطن مؤخراً لبحث التطورات في سوريا ستناقش في واشنطن، غداً (الخميس)، ولمدة يومين، التطورات المتعلقة بشأن الانسحاب الأميركي، والمنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شرق الفرات، إلى جانب تفعيل اتفاق خريطة الطريق في منبج، فيما يتعلق بسحب “وحدات حماية الشعب” الكردية منها.

وأضافت المصادر أن تركيا كثفت اتصالاتها مع الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، فيما يتعلق بموضوع الانسحاب والمنطقة الآمنة، وتم الاتفاق على عقد اجتماعات في واشنطن وأنقرة لبحث الملف السوري بالكامل.

إن تركيا تسعى إلى إكمال تنفيذ اتفاق خريطة الطريق في منبج، الموقع بين الجانبين في الرابع من يونيو  2018، حيث تعهدت الولايات المتحدة بمقتضاه بسحب مسلحي “وحدات حماية الشعب” الكردية في مدى زمني 90 يوماً، وهي الخطوة التي لم تنفذ حتى الآن، والتي يترتب عليها تشكيل مجلس محلي من سكان المدينة الأصليين لإدارتها.

تفضل تركيا الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية مقابل خيار المناورة العسكرية سواء كانت بشكل محدود أو لا. كما أنه بالوقت الحالي ما زال الطرفان يجريان مباحثات مكثفة حول المنطقة الآمنة، وإتمام اتفاق منبج، وأنقرة تنتظر التفاهم الذي يسمح لقواتها بدخول مدن شرق الفرات؛ لذلك فإن الحشود العسكرية لا تعني بالضرورة أنها لأجل اجتياح عسكري وفتح معركة واسعة ضد قوات سوريا الديمقراطية، بل قد تكون تمهيدا لتطبيق تفاهمات بين الجانبين، أو لممارسة مزيد من الضغط على واشنطن وحلفائها المحليين لا سيما بعد إعادة هيكلة تلك القوات ضمن المجالس العسكرية ومبادرة المجلس الوطني الكردي.

مناورة محدودة

لجوء أنقرة إلى “خيار المعركة دون اتفاق مسبق مع واشنطن” -إذا حدث- سيكون محصورًا ضمن إطار المبادرة والمناورة المحدودة.
قد تلجأ أنقرة لمثل هذا الخيار لتحصيل سيطرتها بالقوة على المنطقة الآمنة شرق الفرات بعدما تعثرت الجهود السياسية. لكن النتائج حتما غير مضمونة وقد تضاعف من التوتر في علاقة بين أمريكا وتركيا، حتى لو كان هذا الخيار يعتمد السياق التدريجي أي زيادة التصعيد عبر القصف واستخدام الطائرات بدون طيار والعمليات النوعية عبر قوات خاصة وضرب خطوط الإمداد وغير ذلك من أساليب تسبق المعركة الواسعة والاجتياح البري”.

ربما يعجبك أيضا