تعطيل شرطة الأخلاق.. هل يناور النظام الإيراني حتى تمر العاصفة؟

يوسف بنده

إعلان تعطيل شرطة الأخلاق في إيران، ولكن ما زالت تعمل في المدن الدينية.. هل يبحث النظام عن تعديلات في إطار دستور الجمهورية الإسلامية؟


بدأ النظام الإيراني الاستجابة لبعض مطالب الاحتجاجات المندلعة في مدن البلاد، منذ منتصف سبتمبر الماضي، على إثر مقتل مهسا أميني.

ويتهرب النظام من الاستفادة من آلية “الاستفتاء” المعطلة، للخروج من هذه الاحتجاجات، خشية أن تتحول إلى وسيلة التغيير الجذري، وإشاعة الفوضى، بسبب حالة عدم الاستقرار.

حتمية التغيير

لم تكن التحولات داخل وخارج إيران بالأمر الذي لن يترك الأثر في المجتمع الإيراني، وبدأ بعض المواطنين في انتقاد القبضة الحديدية التي تمارسها السلطة الدينية، خاصة في ما يتعلق بمسألة الحجاب والقيود الأخلاقية، فضلًا عن توالي أنباء التمييز بين أبناء الشعب وأبناء المسؤولين.

ودفع توالي الأنباء عن الفساد داخل المؤسسة الحاكمة، الأجيال الجديدة للشعور بالتناقض في خطاب المؤسسة الرسمية، والحاجة للتغيير، وجاء التحول في المجتمع السعودي المحافظ، من خلال حقوق حصلت عليها المرأة وتقييد للسلطة الدينية، ليصدم الإيرانيون ويشعرون أنهم باتوا متخلفين عن البلد، الذي لطالما انتقدوه.

2022 09 21T082827Z 1 LYNXMPEI8K0BG RTROPTP 4 IRAN WOMEN 1024x768 1

على وقع الاحتجاجات

جاءت الاحتجاجات الشبابية، التي اندلعت، احتجاجًا على عنف شرطة الأخلاق، بعد تراكم سنوات من العنف الاجتماعي والديني، منها مطاردات شرطة الأخلاق للنساء، والتحريض الديني ضد المرأة، إلى درجة التعرض إلى الحرق بمادة الأسيد الكاوية.

وكشفت الاحتجاجات الأخيرة عن “الجيل زد” الذي تربى على قيم تتجاوز أدبيات الجمهورية الإسلامية، واستمد أفكاره من وسائل التكنولوجيا الحديثة، ويبدو أن فشل النظام في تطويق هذه الاحتجاجات عبر الآليات الأمنية المعتادة يدفعه للبحث عن طوق إنقاذ للنظام، يتماشى مع مطالب الأجيال الجديدة.

1280x960 28

تجنب الصدام

في إطار تجنب الصدام بما يورط النظام في أزمة اقتتال جماعي، أمر المرشد، علي خامنئي، في نوفمبر الماضي، بتعليق عمل شرطة الآداب، على نحو غير رسمي، ما أزعج هيئة الأمر بالمعروف، ورئيسها حجة الإسلام، نور كريمي، الذي بعث برسالة إليه، يحذر من تراجع عمل الهيئة في ظل غياب الشرطة.

وطالب ممثل المرشد في الحرس الثوري، الحاج صادقي، قبل أيام، ألا ينفعل المنتسبين لقواته إذا ضعف الالتزام بالحجاب في المجتمع، بل عليهم الالتزام بأخلاقهم وتقديم الخدمات لأبناء المجتمع على أكمل وجه، ما يعكس اعتماد النظام سياسة عدم الصدام المباشر مع الموطنين.

مطالب بالاستفتاء

يلجأ التيار الإصلاحي في إيران إلى آلية الاستفتاء عند كل أزمة تسبب انقسامات في نظام البلاد، خاصة بعد ما عجز مجلسا “تشخيص مصلحة النظام” و”صيانة الدستور” عن حل هذه الأزمة، وكان الرئيس الإصلاحي السابق، حسن روحاني، طالب بالاستفتاء على تعديل مهام مجلس صيانة الدستور نفسه.

وتجدد الحديث عن اللجوء إلى الاستفتاء كحل أخير للخروج من معضلة أزمة النظام، خلال الاحتجاجات الأخيرة، خاصة أن الإثنيات العرقية والمذهبية دخلت في صدام مع النظام الحاكم، فطالب خطيب الجمعة لأهل السنة، عبدالحميد إسماعيل زهي، في مدينة زاهدان بإجراء استفتاء شعبي برعاية أممية.

1372570 283

إلا «الجمهورية والإسلامية»

حسب “اقتصاد نيوز“، وصف الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أن دستور بلاده بـ”الأكثر تقدمًا” في العالم، مضيفًا أن “دستور إيران ليس فيه أي طريق مسدود”، تعليقًا على مطالب الاستفتاء من خلال مؤتمر “الدستور الإيراني”، السبت الماضي.

ومن أجل تلبية احتياجات الأجيال الجديدة المتطلعة للتغيير والتخفيف من السلطة الدينية في إيران، جاء الحديث عن احتمالية إجراء تعديلات على الدستور الإيراني، إلا أن رئيسي شدد في خطابه على مبادئ الدستور الإيراني، وإنها غير قابلة للتعديل، التي منها مبدأي “الجمهورية” و”الإسلامية”.

1372573 913

في إطار الدستور

اعتبر رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، أن مطالب التغيير في البلاد يجب أن تكون في ضوء تطبيق الدستور، وليس تغيير الدستور نفسه، أي أن التغييرات الواردة ستكون في إطار الدستور الإيراني، لكن هذا لا ينفي أن النظام الإيراني يسعى لتغيير محتمل من أجل امتصاص غضب الشارع الإيراني، حسب صحيفة “الجريدة“.

ومن المحتمل أن يجرى النظام الإيراني تعديلات على قانون الحجاب وعلى آلية تطبيقه، وإجراء تعديلات على قانون الانتخاب من أجل فتح المجال للإصلاحيين والتكنوقراطية في الانتخابات البرلمانية العام القادم، أي أن النظام الإيراني يسعى لتعديلات تساعده على إخماد الاحتجاجات، دون المساس بجوهر النظام.

47304072 605

مراجعة قانون الحجاب

تمثل خطوة تعديل الدستور أهمية بالنسبة لمسألة حرية الحجاب، حتى لا تتعارض بين الدستور والقوانين في إيران. وحسب صحيفة “فرانس 24“، يجري البرلمان والسلطة القضائية في إيران مراجعة لقانون الحجاب، الذي جعل الحجاب إلزاميًّا منذ إبريل 1983، أي بعد 4 سنوات على ثورة 1979، التي أطاحت بنظام الشاه.

وقال المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، الخميس الأسبوع الماضي، إن البرلمان والسلطة القضائية يعملان على هذه القضية، في إشارة إلى تحديد ما إذا القانون يحتاج إلى تعديل، وقال المدعي العام إن النتائج ستصدر “في غضون أسبوع أو أسبوعين”.

شرطة الاخلاق

حل شرطة الأخلاق

أعلن المدعي العام، محمد جعفر منتظري، السبت الماضي، حل شرطة الأخلاق، وذلك في إطار توجيهات المرشد الأعلى باتباع آليات جديدة لنشر الثقافة الإسلامية، بعد قراره لإنشاء مجموعات دعوية حكومية لنشر الثقافة الإسلامية والشرعية، مقابل تخفيف القيود الاجتماعية وبينها إلزامية ارتداء الحجاب، حسب صحيفة “الجريدة“.

وذكرت الصحيفة، أن المرشد اقترح لرئيس البرلمان، محمد قاليباف، ورئيس السلطة القضائية، حسين غلام محسني، بالعمل على تعديل قانون الحجاب، في غضون أسبوع أو أسبوعين، بما يتطابق مع الظروف الجديدة للبلاد، وإعطاء مساحة أكبر من الحرية دون تحول الأمر إلى فوضى.

1493589 884 1 470

وأوضحت الصحيفة أن المرشد وجه عتابًا شديدًا للرئيس الإيراني وحكومته بسبب الاضطرابات، مستندًا إلى تقرير قدمه رئيس البرلمان له أخيرًا وأرجع 90% من المشكلات، التي تواجه البلاد حاليًّا، إلى تخبط الحكومة في خططها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخارجية والداخلية.

غموض بشأن  مستقبل الحجاب

حسب صحيفة “آفتاب نيوز“، ازدادت التكهنات عن ما يعتزم النظام فعله تجاه مسألة الحجاب، فمن المقرر أن يعلن البرلمان والمجلس الأعلى للثورة الثقافية رأيهما في هذه المسألة، مع إلزام القضاء بصياغة وكتابة مسودة مشروع قانون بشأن مجال العفة والحجاب، واستخدام نظام سياسة التوجيه الثقافي بدلًا من الإلزام.

ووفق “عصر إيران“، فإن إصرار الحكومة على مسألة الحجاب جعل المجتمع الإيراني، يعتبر مسألة خلعه هي رمزية لمواجهة ورفض سياسة هذه الحكومة، وعلامة على معارضة النظام، ووفق مركز أبحاث البرلمان فإن ما بين 60 و 70% من النساء الإيرانيات لا يرتدين الحجاب الإلزامي.

1013487 701

وفي تسجيل فيديو، قال عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان الإيراني، حسين جلالي، في جمع من النساء المعتصمات الرافضات لإلغاء قانون الحجاب الإلزامي في مدينة “قم”، اليوم الاثنين 5 ديسمبر 2022، بأن الحكومة لجأت إلى غرامة عقوبات غير الملتزمات بالحجاب بدلًا من شرطة الأخلاق، مع تأكيده على أهمية مسألة الحجاب بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية.

مشهد يوضح عنف شرطة الأخلاق تجاه النساء في إيران

استجابة إلى دعوات الاحتجاج والإضراب في 5 و6 و7 ديسمبر الحالي

ربما يعجبك أيضا