تعود إلى الحقبة السوفيتية.. أوكرانيا تكافح بمروحيات قديمة في المعارك مع روسيا

محمد النحاس

كيف استخدمت أوكرانيا طائرات قديمة في استهداف مواقع القوات الروسية؟


خلال معارك طاحنة تخوضها القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي، تحاول قوات كييف، رغم الصعوبات اللوجيستية، استغلال كل الموارد المتاحة لتحقيق مكاسب ميدانية.

وبينما لم يوافق الغرب نهائيًّا بعد على إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، تكافح كييف من خلال استخدام مروحيات قديمة، محدودة الإمكانات، مقارنةً بنظيرتها الروسية، حسب التقرير المنشور في شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية، أمس الجمعة 17 فبراير 2023.

زيارة إلى قاعدة جوية سرية

وفقًا لشبكة سي إن إن، التي زار فريقها قاعدة جوية سرية شرقي أوكرانيا، تنطلق منها الطائرات المروحية الأوكرانية لتشن ضربات صاروخية على مواقع تمركز القوات الروسية. وتعود الطائرات المروحية القديمة الأوكرانية إلى الحقبة السوفيتية، وتواجه صعوبات جمة أمام الدفاعات الروسية، في ظل تفوق الجيش الروسي على نظيره الأوكراني جوًّا.

وتشن المروحية التابعة للقوات الأوكرانية الضربة الجوية، ومن ثم تحلق سريعًا مبتعدة قبل أن تستهدف، والانفجار الذي يتلو الهجوم، قد يؤثر في إمكانية التحكم، لذلك تكون المهمة التالية بعد تنفيذ الضربة “الالتفاف سريعًا في محاولة من الطيار للبقاء على قيد الحياة”.

والتهديد الذي يحيط بطياري أوكرانيا، ليس مقتصرًا على الدفاعات الجوية، ومن الممكن أن تحوّل صواريخ سام الروسية المروحيات إلى “كتلة من النار” في ثوانٍ معدودة.

تحت الاستهداف الروسي

تعد هذه الطائرات بالنسبة إلى الروس “هدف ذا أولوية قصوى”، وحسب التقرير فإنها تأتي على رأس بنك أهداف الكرملين، الذي أسقط عددًا كبيرًا من هذه الطائرات، ليس معروفًا عددها على وجه التحديد.

230216141410 06 ukraine helicopter intl cmdوبطبيعة الحال، فإن مقدار الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية في الأفراد والعتاد، تعدها كييف “أسرار تمس الأمن القومي”، غير أن العديد من أفراد لواء سيكورسكي، وهو اللواء الذي زاره فريق سي إن إن، فقدوا أصدقاء مقربين بعد استهداف الروس لمروحياتهم ما أودى بحياتهم.

صمود رغم احتدام الصراع

يردف التقرير أنه “من المذهل بل من المحير أن القوات الأوكرانية لا زالت تمتلك القدرة على شن هجمات عن طريق أسطول من المروحيات ما زال في حوزتها بعد مرور ما يقرب من العام على اشتعال الصراع”.

ورغم المحاولات الروسية الحثيثة لتقويض سلاح الجو الأوكراني ما زالت القوات الأوكرانية قادرة على تهديد الروس، وشن ضربات تؤدي إلى “خسائر فعلية في صفوف القوات الغازية”، مع تمتع الروس بـ”ميزة هائلة” في ما يتعلق بسلاح الجو، وذلك رغم حديث تقارير عن ضعف تقنيات سلاح الجو الروسي.

مخاطر جمة تحيط بالقوات

ترجع هذه المروحيات إلى الستينات من القرن الماضي، ويقودها الطيارون الأوكرانيون على ارتفاعات منخفضة للغاية في ظل مخاطر جمة، ما يتسبب في حوادث نتيجة الارتطام بالأشجار، لذلك تتطلب صيانة مستمرة.

وتعد هذه المهمة صعبة التنفيذ بالنظر إلى طبيعة ميدان المعارك شرقي البلاد خاصةً في ظل فصل الشتاء.

تجربة هامة للطيارين الأوكرانيين

غير أن تجربة خاضها بعض الطيارين الأوكرانيين كانت لها أثر كبير في تشكيل خبراتهم في ظل هذه الظروف الصعبة، عندما شاركوا أوائل العقد الأول للقرن الحادي والعشرين، في بعثات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ليبيريا وسيراليون وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ويقول الطيارون إن هذه التجربة كانت قيمة للغاية، ومفيدة في المعارك الحالية، خاصةً في ظل الظروف القاسية، التي عاشتها هذه المناطق خلال صراعات وحروب أهلية.

مناشدات أوكرانية للغرب

لطالما ناشد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنيسكي، دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إمداد بلاده بطائرات مقاتلة، إلا أن الاستجابة “كانت تقريبًا صفر”.

ويزعم التقرير أن الجيش الأوكراني يستولي على معدات من الجيش الروسي أكثر من التي يمدها به حلفاء كييف من الدول الغربية.

استجابة محدودة للمطالب الأوكرانية

في وقت سابق، أرسلت البرتغال 6 طائرات روسية الصنع، غير أنها معطلة لذلك يتعين على أوكرانيا إصلاحها قبل أن تنطلق في مهام قتالية، وليس من شأن هذا العدد المحدود أن يحدث فارقًا يذكر في مجريات المعارك.

وعرضت بريطانيا من جانبها، إرسال مروحيات”سي كينج” إلى أوكرانيا، وهي طائرات قديمة نسبيًّا، وكانت فرنسا قد أبدت استعدادًا لإرسال طائرات مقاتلة لأوكرانيا، دون خطوات فعلية، وقالت دول أوروبية كذلك “إنه لا خطوط حمراء”، في إشارة لإمكانية إرسال الطائرات المقاتلة مستقبلًا.

أفضل من لا شيء

تنقل سي إن إن عن أحد الطيارين بالقاعدة، معقبًا على إرسال الطائرات القديمة، قوله “إنها طائرات قديمة بالفعل.. نعم لكن ماذا يمكن أن نفعل؟.. على كلٍ فإنها أفضل من لا شيء”.

230216141438 02 ukraine helicopter intl cmdووفق الشبكة الإخبارية يطمح مقاتلو أوكرانيا في الطائرات الغربية “كما لو أن حياتهم تعتمد عليها”، في وقت تتصاعد فيه مخاوف كييف من شن الروس “هجوم الربيع” المرتقب تزامنًا مع الذكرى الأولى، لاندلاع الحرب في 24 فبراير 2022.

هل يتغير الموقف الغربي؟

تعد روسيا إرسال الطائرات الحديثة مشاركة مباشرة في الحرب، ويستبعد خبراء تحدثوا مع شبكة “رؤية” الإخبارية إرسال هذه الطائرات لأوكرانيا، مرجعين ذلك لمخاطر سياسية، وصعوبات لوجيستية.

ولكن موافقة الغرب على إرسال الدبابات لأوكرانيا، تشي بإمكانية تغير الموقف الغربي مستقبلًا، والتي جاءت بعد رفض طال أمده، ومطالبات أوكرانية مستمرة في ظل “مستجدات وحقائق الميدان”، ويبدي الغرب مرونة نسبية في الاستجابة لها.

خطوط إمداد مؤقتة

يضيف الطيار: “بالطبع سيكون من الجيد إذا ما أرسلوا بعض المروحيات الجديدة بما في ذلك الأباتشي.. خاصةً أننا نستطيع أن نتدرب على استخدامها سريعًا ولدينا الدافع لفعل ذلك”.

230216141511 01 ukraine helicopter intl cmdومد الغرب بقيادة الولايات المتحدة أوكرانيا بمساعدات عسكرية ضخمة، لكن كييف تطالب بالمزيد، غير أن مخاوف غربية من التورط في الصراع على نحو مباشر جعلت الدول الغربية تتريث، في ظل خشية دول الأطلسي من استخدام كييف الأسلحة في ضرب العمق الروسي.

أسلحة هجومية أم دفاعية؟

تزعم دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة، أن الأسلحة التي تمد بها أوكرانيا “هي مجرد أسلحة دفاعية”، ولا تهدف لاستهداف الأراضي الروسية، ولا تهدد أمن الكرملين على نحو مباشر.

وبعد موافقة الولايات المتحدة على إرسال دبابات حديثة، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنها “تستخدم للدفاع عن أوكرانيا، ولن تستخدم إذا ما عاد الروس إلى بلادهم”، وبالطبع فإن الرواية الروسية معاكسة لمضمون الأقاويل الغربية.

مزيج من الأمل والخبرة

تقيم مجموعة الطيار، الذي تحدث إلى سن إن إن ولم تسمه لدواعٍ أمنية، خط إمداد مؤقت خلف الجبهة مباشرةً، ويعتمد عليه الأوكرانيون في إمدادهم بالوقود والذخائر اللازمة، لتنفيذ هجمات المروحيات على المواقع الروسية.

وليس لدى هذه الطائرات دروع للحماية، لذلك فإن مستوى المخاطرة مرتفع للغاية، علاوةً على ذلك لا تحوي الطائرات نظام استهداف متطور لذلك عن طريق “مزيج من الأمل والخبرة” يمكنهم إتمام المهام على نحو فعال.

سهولة استهداف مروحيات كييف

يمكن للروس رصد واستهداف المروحيات الأوكرانية على بعد 30 كيلومتر، وبالتالي تكون في مرمى النيران الروسية، خاصةً أنها تحلق على ارتفاعات منخفضة للغاية، وعلى نطاق جغرافي صغير نسبيًّا.

a486275801ce85c0ولذلك تشن المروحيات الأوكرانية ضرباتها ومن ثم تختبئ مختفيةً خلف التلال، حتى لا ترصدها الرادارات الروسية، ويقول الطيارون “إنهم فقدوا الكثير من رفاق المعارك” خلال هذه الضربات.

محاولات لتشتيت الروس

هذه المصاعب دفعت الأوكرانيين إلابتكار جهاز تشتيت إلكتروني، مع ذلك فهم غير متأكدين من فاعليته فلا يعمل في كثير من الأحيان، لكن كقول أحد الطيارين “أفضل من لا شيء على الإطلاق حتى إذا ما عمل 2% فإن احتمال النجاة ما زال واردًا!”.

ويعد سلاح الطيران واحدًا من أهم العناصر الفاعلة في الحروب ولا يمكن الاستغناء عنه، لذلك تسعى أوكرانيا لاستغلال الإمكانات المتاحة على الصعيد الميداني، في وقتٍ تجري فيه المساعي السياسية على قدمٍ وساق، وتأمل كييف بموجبها الحصول على الطائرات الغربية الحديثة، التي تقول إنها “باتت في حاجة ملحة إليها”.

مخاوف وتساؤلات بعد عام من الحرب

حتى ذلك الحين تتواصل المحاولات الأوكرانية لفرض واقعًا جديدًا ميدانيًّا، لكن ما تسعى إليه كييف تكافح موسكو لمنعه، متعهدةً بمواصلة ما تسميه “العملية العسكرية الخاصة” إلى حين تحقيق الأهداف كافة التي أعلنتها مع انطلاق الحرب، ومن بينها نزع السلاح الأوكراني، واقتلاع “النازية من أوكرانيا”، و”ضمان حياد كييف”.

ولكن مع مرور عام كامل على بدء المعارك، باتت هذه الأهداف موضع تساؤل، وتتزايد مخاوف مراقبين من حرب طويلة الأمد بلا أفق للنهاية، ولا يهدد ذلك باستنزاف روسيا فحسب، بل كذلك هو الحال مع الغرب، في ظل حديث عن عدم القدرة على مواكبة إنتاج الذخائر بالمعدل الذي تستنفده كييف خلال المعارك.

ربما يعجبك أيضا