تكتيك “الذئاب المنفردة”.. إرهاب دولي بدون قيادة

جاسم محمد

رؤية ـ  جاسم محمد
 
“الذئاب المنفرد أو المتوحدة” هو ذلك الشخص الذي يقوم بتنفيذ أعمال عنف بمفرده، خارج هيكل التنظيمات المتطرفة، أو التنظيمات الراديكالية، بدون قيادة أو استلام التوجيهات وبدون الحصول على الدعم المالي أو الدعم اللوجستي، ويميل إلى العزلة.  الذئاب المنفردة تكون أيضا قد تعرضت إلى التأثير”الايدلوجي” أو معتقدات تلك الجماعات المتطرفة أو الراديكالية  مثل النازية الجديدة .
 
مصطلح “الذئب المنفرد” كان مشهورا من قبل مجموعة Alex White Superemacists  Curtis Tom Metzger andالعنصرية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي. تدعو الى النشاط الفردي أو الخلايا الصغيرة تحت الأرض، بدلا من المنظمات العضوية فوق الأرض.[4]
 
تعود ظاهرة الذئاب المنفردة، او “الذئاب المتوحدة” الى عقد التسعينات من القرن الماضي، بعد تبنيها من قبل الجماعات المتطرفة، تنظيم القاعدة. وافضل من كتب حول الذئاب المنفردة هو ابو مصعب السوري، احد منظري تنظيم القاعدة، وكان الهدف من اعتماداسلوب الذئاب المنفردة هو من اجل تحقيق اللامركزية في تنفيذ العمليات ضد الاهداف، وفقا الى دراسة “رافايللو بانتوتشي”، مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي في لندن.
 
ويرى خبراء أمنيون أن الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة فردية على شاكلة “الذئاب المنفردة” يمثلون خطراً أكبر من التنظيمات المعروفة مثل تنظيم القاعدة أو داعش والتنظيمات المتفرّعة عنها، ويتوقعون أن هذه الاستراتيجية التي لا يمكن التنبؤ بتحركاتها ستكون أكثرَ انتشاراً .
 
وحسب ماجاء في كتاب ابو مصعب السوري الصادر في عام 2004 هو: “جهاد بلا قيادة” اي بدون مركزية، يكونوا على شكل خلايا صغيرة موزعة على جغرافية واسعة في عواصم غربية، تربطهم ايدلوجية واحدة.
 
تبنى تنظيم القاعدة اسلوب الذئاب المنفردة خلال عام 2010  من خلال “مجلة الالهام”  Inspire، ونفذ بضع عمليات في الولايات المتحدة ، لتنتقل الى تنظيم داعش، الذي استخدم هذا الاسلوب بشكل مكثف اكثر من تنظيم القاعدة.
 
الاضطرابات النفسية العامل المشترك
 
“الذئاب المنفردة” او المتوحدة” هي الاكثر عرضة الى الاضطرابات النفسية والامراض العقلية، وتشير الدراسات الى ان اكثر من 40% من منفذي العمليات، كانوا يعانون من اضطرابات نفسية وان نسبة 13% منهم عرضة للاصابة بامراض عقلية او اضطرابات نفسية. اما الدوافع، فكانت سياسية اكثر من الدوافع الايدلوجية، ويعتمد اسلوب عمل الذئاب المنفردة على العمل الفردي بعيدا عن العمل الجماعي.
 
كشفت الابحاث حول ” الذئاب المنفردة” في الولايات المتحدة وأوروبا، أنه بالمقارنة مع المهاجمين اليمينيين المتطرفين، فإن أولئك المستوحى من تنظيم القاعدة وداعش يميلون إلى أن يكونوا أصغر سنا وأفضل تعليما.
 
ويضيف بان  المهاجمون عندهم قاسم  مشترك يقوم على القتل الجماعي ، ويعتبر الطبيب النفسي
في الجيش الأمريكي الرائد نضال حسن الذي نفذ  عملية قتل خلال عمله ه في فورت هود بولاية تكساس، ،أسفر عن مقتل 13 شخصا وإصابة 30 آخرين، نموذجا لتلك العمليات.
 
واعتمد تنظيم القاعدة اصدار مجلة “انسباير”  في اللغة الانكليزية، التي تعني بالعربية ب الالهام
والتي دعت فيها “الذئاب المنفردة” إلى شن هجمات من نوع جديد لإلحاق أكبر ضرر ممكن، وذلك من خلال استهداف القطارات مباشرة سواء من الداخل أو من الخارج، أو استهداف السكك الحديدية نفسها.  خبراء حذروا من مساعي القاعدة  وبعدها داعش لتأسيس خلايا صغيرة في أوروبا للقيام بهجمات إرهابية موسعة، تهدف إلى إثارة الرعب في الغرب.
 
الجماعات المتطرفة واليمين المتطرف تتغذى على بعضها البعض
 
يرى المستشرق برنارد لويس، أن الجماعات الاسلاموية “الجهادية” لهم جاذبية الجماعات اليسارية الراديكيالية  المعادية لأميركا في أوروبا، كبديل عن السوفيات، ولهم ايضا جاذبية عند الجماعات اليمينية ، النازيين الجدد..(..).
 
الإطار العام السلوكي الى الذئاب المنفردة تلتقي بسمات مشتركة في الاضطراب النفسي والاحباط والتمرد والانتقام، تتخذ الايدلوجية المتطرفة وسيلة لتنفيذ عملياتها. علماء النفس يجمعون بأن ميل هذه الجماعات للعنف والتطرف لايكون الا بمجموعة دوافع ولا يتحدد بدافع واحد ابد. وهنا تجتمع الايدلوجية المتطرفة مع الاحباط والاضطرابات النفسية.
 
تنظيم داعش،  ينتهج الان تكتيك “الذئاب المنفرد’” ليحولها الى استراتيجية، وهذا ماجاء في تقرير مركز مكافحة الارهاب، التابع الى اليوروبول ، الشرطة الدولية في لاهاي ـ هولندا، التقرير استعرض نسبة  73% من الذئاب المنفردة هم من مواطني اوروبا، ونسبة 14% هم من الحاصلين على الاقامة في اوروبا، اما نسبة العناصر الخارجية فمثلت فقط 6% مع نسبة 5% فقط  من مقدمي طلبات اللجوء في اوروبا.
 
ويشهد التنظيم اليوم تراجعا ويصل الى مرحلة “بدون قيادة” ليس في حالة “الذئاب المنفردة” فقط بل في الهيكل التنظيمي، ومايدعم هذه الفكرة، هو غيلب قياداته عن المسرح الميداني وعن المشهد الدعائي ايضا.
 
 
التنظيم طرح نفسه حركة  ارهابية  تهدف الى تغير الحدود واعادة رسم الخارطة لدول المنطقة وفق مقاييس مذهبية بعد تفتيتها، لتكون مناسبة مع مفاهيم اطراف اقليمية ودولية، وهذا وراء قوة اندفاع تنظيم داعش.
 
 
أبرز هجمات “الذئاب المنفردة”التي شهدتها أوروبا خلال عام 2017
 
ـ يوم 3 فبراير 2017 : هاجم مسلح بساطور دورية عسكرية بالقرب من متحف اللوفر، قبل أن يصاب بجروح خطيرة ، واسفر الحادث عن إصابة أحد العسكريين بجروح طفيفة في الرأس ، ويدعى منفذ العملية ” عبد الله الحماحمي”  29 عاما  مصري الجنسية ، وسبق أن أعطى البيعة إلى تنظيم داعش .
 
ـ  يوم 10 مارس 2017: شن مهاجم مسلح بفؤوس هجوما في محطة قطارات “دوسلدورف” في غرب ألمانيا مما أسفر عن سقوط خمسة جرحى على الأقل، وقالت الشرطة الألمانية في بيان إن ” المشتبه به هو رجل يبلغ من العمر 36 عاما وينحدر من يوغوسلافيا السابقة ويعاني على ما يبدو من اضطرابات عقلية”.
 
ـ يوم 22 مارس 2017 : قامَ مهاجم بدهسِ مجموعةٍ من المارة على جسرِ و”يستمنستر” ثم قامَ بعدها بطعنِ ضابطِ شرطة ، ما أدى إلى مقتلِ 3 أشخاص , ويدعى منفذ العملية “خالد مسعود” 52 عام بريطاني الجنسية، وتبنى تنظيمُ “داعش”  الإرهابي الهجوم.
 
ـ يوم  23 مارس 2017 : رجلا حاول دهس حشد في وسط مدينة “أنتويرب ” ، شمال فرنسا، يدعي منفذ العملية “محمد ر”40 عاما فرنسي الجنسية، وقد عثر في سيارته على أسلحة مختلفة.
 
ـ  يوم  7 أبريل  2017 :  دهست  شاحنة مجموعة من المشاة في شارع “دروتننغ غتن” وسط العاصمة السويدية ستوكهولم، وأسفر الحادث عن سقوط 4 قتلى وعدد من الجرحى،ومنفذ العملية رجل أوزبكي يبلغ من العمر 39 عاما ومعروف لدى أجهزة المخابرات، وسبق أن أعطى البيعة لداعش.
 
ـ يوم 20 أبريل 2017 : قتل شرطي فرنسي، وأصيب اثنان آخران، جراء إطلاق نار من قبل مسلح في جادة “الشانزيليزيه” وسط باريس، ، ويدعى منفذ العملية “آدم جزيري” 31 عاما ولد فى في بلدة أرجنتوي قرب باريس وهو من أصول تونسية ، وأعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم.
 
ـ يوم 22 مايو 2017 : قُتل 22 شخصا وأُصيب نحو 50 آخرين في انفجار بقاعة للحفلات الموسيقية في مدينة “مانشستر” بشمال بريطانيا،ويدعى منفذ العملية “سلمان العبيدى” البالغ من العمر 22 عاما من أصول ليبية ويقطن في لندن ، وتبنى تنظيمُ “داعش”  الإرهابي الهجوم.
 
ـ يوم 3 يونيو 2017 : دهست شاحنة المارة على الجانب الجنوبي من جسر لندن، قبل أن يترجل المهاجمون من الشاحنة و يبدءوا في طعنهم بالساكنين، وأسفر الهجوم عن مقتل سبعة أشخاص وجرح 48 آخرين،ونفذ العملية ثلاثة أشخاص ، ويدعى منفذوا العملية “يوسف زغبة” 22 عاما إيطالى الجنسية من أصول مغربية،و”خرام بات “27 عاما هو مواطن بريطاني مولود في باكستان، و”رشيد رضوان” 30 عاما مغربي .
 
ـ يوم 20 يونيو 2017 : قام شخص بعملية تفجير في المحطة المركزية للقطارات بالعاصمة البلجيكية بروكسل ، قبل أن تطلق عليه قوات الجيش النار وترديه قتيلا ،ويدعى منفذ العملية “ع. ز.”37 مغربي الجنسية .
 
ـ يوم 28 يوليو 2017 : هاجم رجلا مسلحا بسكين عدة أشخاص في متجر كبير فى مدينة هامبورغ بشمال البلاد ، وكشفت التحقيقات بانه من اصول عربية يدعى “أحمد س” يبلغ من العمر 26 سنة على علاقة بأوساط المتطرفين، وكان “أحمد س” يعاني من اضطرابات نفسية ومعروف بتعاطيه الكحول والمخدرات.
 
 ـ يوم 9 أغسطس 2017 : دهست سيارة جنود فرنسيين فى مدينة “لوفالوا” شمال باريس،وأسفر الحادث عن إصابة 6 جنود بجروح،ويدعى المشتبه به في تنفيذ العملية “حمو ب”يحمل الجنسية الجزائرية ويبلغ من العمر 36 عام .
 
ـ يوم 16 أغسطس 2017: أقتحمت سيارة بيضاء شارع لا رامبلا في برشلونة، حيث قامت بدهس المارة وبينهم سكان محليون وسائحون من جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا وإصابة أكثر من 100، بينهم حالات خطرة،ويدعى منفذ العملية “موسى أوكبير”17 عاما، وأعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم
 
ـ يوم 20 أغسطس 2017 : أستهدف طالب لجوء مغربي الجنسية يبلغ من العمر 18 عاما مجموعة من النساء في عملية طعن، وأسفر الحادث عن مقتل شخصين ، وأصيب 8 آخرون بينهم 6 نساء، في ساحة سوق “توركو”  في جنوب غربي فنلندا.
 
ـ يوم 25 أغسطس 2017 : هاجم رجل مسلح صومالى الجنسية في الـ30 من عمره بسكين مجموعة من العسكريين وسط العاصمة البلجيكية بروكسل، في حادث أدى إلى إصابة جنديين ومقتل المهاجم، ، وأعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم.
 
 
 
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات
 
 

ربما يعجبك أيضا