تكلفة الصراع كارثية.. هل اقتربت حرب أمريكا والصين بسبب تايوان؟

آية سيد
تفوق صيني.. لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة بناء جيش أكبر؟

التكلفة الكارثية للصراع تضيف المزيد من الأهمية إلى منع الحرب بين الولايات المتحدة والصين.


يتصاعد خطر نشوب حرب بين الصين والولايات المتحدة بسبب تايوان، وهو ما حذر منه الزميل الأقدم بمعهد كاتو والمساعد الخاص السابق للرئيس رونالد ريجان، دوج باندو.

وقال “باندو”، في مقاله، الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن الصراع مع الصين سيكون كارثيًّا إذا فشلت محاولات الحد من التصعيد، مشيرًا إلى المذكرة التي كتبها الجنرال الأمريكي، مايكل مينيهان، بنهاية يناير 2023، ونشرها موقع “إن بي سي نيوز” ، التي حذر فيها قواته قائلًا “حدسي يخبرني أننا سنحارب في 2025”.

تجاهل غضب الصين

قال باندو إن معظم أعضاء الكونجرس الجمهوريين لا يفهمون أهمية تايوان للصين، ويتعاملون مع واحدة من أكثر القضايا الحساسة سياسيًّا في الصين وكأن بكين قد تتجاوز الأمر ببساطة.

وضرب الكاتب مثلًا بالنائب الجمهوري عن ولاية نبراسكا، دون باكون، الذي حث على اتخاذ خطوات تجاه الاعتراف الفعلي باستقلال تايوان، وقال إن الصين “ستشتعل غضبًا”، مثلما فعلت في أثناء زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، ورأى أنه “لا بأس بذلك”.

اقرأ أيضًا: بيلوسي تكشف عن سبب زيارتها تايوان.. ماذا قالت؟

الاستعداد للحرب

تعليقًا على مذكرة مينيهان، أشادت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بمينيهان، ورأت أنه من الضروري أن تُظهر الولايات المتحدة للصين أنها “تمتلك الوسائل والإرادة للقتال وصد الغزو”.

وحسب باندو، تبدو مذكرة مينيهان خطيرة، خاصة أن الصين أعلنت عن توسع كبير في ترسانتها النووية، على ما يبدو لأنها تعتقد أن الحرب مرجحة بشدة. وتوقع الكاتب الأمريكي أن جنرالات الجيش الصيني يكتبون مذكرات شبيهة بمذكرة مينيهان.

مصالح حيوية

لفت الكاتب الأمريكي إلى أن قرارات واشنطن المتهورة بشن الحرب في الآونة الأخيرة تُظهر مشكلة التعامل مع العمل العسكري على أنه مجرد خيار سياسي. لكن الحرب أمر مختلف وينبغي أن تقتصر على المصالح الحيوية، والتهديدات الوجودية للولايات المتحدة نفسها.

ووفق باندو، تُعد تايوان، التي تقع على بُعد 160 كيلومتر من ساحل الصين، مصلحة حيوية لبكين، وليس لواشنطن. وتتمثل أهمية تايوان للصين في القومية، التي تعتبرها بكين إعادة توحيد لبلد انفصل بالخطأ.

وكذلك تتعلق بالأمن، ولهذا السبب ركز التعزيز العسكري الصيني على القدرة على قسر تايوان، والاستيلاء عليها إذا لزم الأمر. وقال باندو إن صناع السياسة الأمريكيين سيكونوا حمقى إذا افترضوا أن المسؤولين الصينيين سيتراجعون.

أفضلية صينية

وصف باندو الافتراضات بأن الولايات المتحدة ستربح أي صراع بأنها “طائشة” على أفضل تقدير، لأن الجغرافيا تعمل ضد الولايات المتحدة. فالقوات الأمريكية ستعمل على بُعد آلاف الأميال من الوطن، في حين سيتمكن الصينيون من استخدام عدة قواعد عسكرية في البر الرئيس.

وأضاف الكاتب الأمريكي أن الصين قد تحظى بالسيطرة الجوية على الجزيرة وتهدد بإغراق القوات البحرية الأمريكية التي تحاول الاقتراب. وكذلك فإن دعم الحلفاء ليس مؤكدًا، بالرغم من الخطاب المتشدد نسبيًّا لسيول وطوكيو.

اقرأ أيضًا: «فورين أفيرز»: الولايات المتحدة تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها في آسيا

المحاكاة الحربية

خسرت الولايات المتحدة معظم المحاكاة الحربية الخاصة بصراع تايوان، وفق باندو. وحتى النتائج الأكثر تفاؤلًا، التي شملت سلسلة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وجدت أن تكلفة الانتصار باهظة بشدة، على الولايات المتحدة وتايوان واليابان.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها، في معظم السيناريوهات، صدوا الغزو البرمائي التقليدي الصيني لتايوان، فقد خسروا عشرات السفن، ومئات الطائرات، وعشرات الآلاف من الجنود، وتدمر اقتصاد تايوان، وتضرر الموقف العالمي الأمريكي لسنوات كثيرة، حسب ما كشفت المحاكاة.

اقرأ أيضًا: «محاكاة» تكشف كيف سيحدث الغزو الصيني لتايوان

اقرأ أيضًا: محاكاة «غزو تايوان» تنتصر للولايات المتحدة.. لكن من يريد الحرب؟

تحديات أخرى

على الرغم من صعوبة الغزو البرمائي الصيني، رأى باندو أن التحركات الأخرى، مثل الحصار، ستكون ممكنة، ما يفرض تحديات سياسية أكبر على واشنطن. وحسب الظروف، قد تجد واشنطن نفسها في مواجهة قد تتصاعد إلى إطلاق الرصاصة الأولى.

وعلاوة على هذا، سيصبح التصعيد تهديدًا مستمرًا، فالولايات المتحدة لن تستطيع تجاهل القواعد العسكرية في البر الرئيس، لكن ضربها سيجبر الصين على توسيع نطاق الحرب. ولفت باندو إلى أنه لم يسبق لقوتين تقليديتين كبرتين أن خاضتا حربًا شاملة مع امتلاكهما أسلحة نووية.

هزيمة بكين

على الرغم من أن هزيمة الصين قد تتسبب في اضطراب سياسي، من المستبعد أن تجلب إلى السلطة نظامًا ليبراليًّا، وسلميًّا ومواليًّا للغرب. والأمر الأكثر ترجيحًا، حسب الكاتب الأمريكي، هو صعود نظام أكثر قومية، الذي سيبدأ جولة ثانية من التسلح، مثلما فعلت ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى.

وباختصار، لحماية تايبيه عسكريًّا، يجب على واشنطن السعي دائمًا لاحتواء قوة عظمى ومنافس مكافئ محتمل على مسافة بعيدة. لكن الولايات المتحدة مرهقة ماليًّا، ومن المرجح أن يتدهور الوضع أكثر في العقد المقبل. وأشار باندو إلى أن التكلفة ستزداد في المستقبل، خاصة بعد الحرب.

اقرأ أيضًا: استفزازات متبادلة في مضيق تايوان.. هل تتجدد التوترات بين واشنطن وبكين؟

تكلفة الصراع

قال باندو إن التكلفة الكارثية للصراع تضيف المزيد من الأهمية إلى منع الحرب. ولذلك يتعين منح الأهمية للجهود الدبلوماسية الرامية إلى عقد اتفاقية بين الصين، والولايات المتحدة، وتايوان لخفض حدة التوتر، والحفاظ على الوضع الراهن السلمي، حتى وإن كان مزعجًا، على حد تعبير الكاتب.

ولفت باندو إلى أن صناع السياسة الأمريكيين يحتاجون إلى إجراء محادثة جادة مع الشعب الأمريكي حول إمكانية اندلاع صراع على تايوان، لأنه لن يكون بالمهمة السهلة أو من نوع الفشل المدمر الذي تكبدته أمريكا في أفغانستان أو العراق.

ربما يعجبك أيضا