“تميم” يزور تونس لفض الاشتباك بين “الغنوشي” و”سعيد”

يوسف بنده

رؤية

بعد زيارة استمرت لمدة يومين تلبية لدعوة الرئيس التونسي قيس سعيد، انتهت زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى العاصمة التونسية، وأعلن الرئيس قيس سعيد أنه تناول عدة مواضيع كان على رأسها القضية الليبية، كما تأتي هذه الزيارة بعد أن كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد زار تونس في وقت سابق للغرض نفسه.

رأب الصدع

وقد كشفت مصادر سياسية، أن زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى تونس تخللتها وساطة فاشلة لرأب الصدع في العلاقات بين رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي والرئيس قيس سعيّد، في مُحاولة لوضع حد لـ”الأزمة الصامتة” بينهما.

وحسب تقرير صحيفة العرب اللندنية، فقد شكلت الأزمة المُتفاقمة التي تشهدها العلاقات بين الغنوشي وسعيّد، محورا أساسيا على طاولة المحادثات المُغلقة التي أجراها أمير قطر مع الرئيس التونسي في قصر قرطاج الرئاسي.

ويبدو أن أمير قطر سعى خلال المحادثات إلى إثارة تلك الأزمة بعنوان وساطة تستهدف تفكيك عناصرها، وذلك بطلب من الغنوشي الذي عمل على الاستقواء بحليفه القطري للضغط على سعيّد حتى تتسنى له محاصرته وتطويق صلاحياته، لاسيما في هذه المرحلة التي يستعد فيها البرلمان لمنح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ التي تُوصف بأنها “حكومة الرئيس” الذي يرنو من خلالها إلى افتكاك زمام إدارة شؤون البلاد بعيدا عن سطوة حركة النهضة ومناورات الغنوشي.

وتؤكد الأوساط السياسية في تونس أن أزمة حادة تعصف حاليا بالعلاقات بين رئيس حركة النهضة، الذي يرأس أيضا البرلمان، والرئيس التونسي، يتمحور عنوانها الرئيسي حول الصلاحيات، والتي دخلت في منعرج خطير منذ أن هدد سعيّد بحل البرلمان إذا لم يتم تمرير حكومة الفخفاخ، والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكّرة.

ولا يُخفي قادة حركة النهضة الإسلامية وجود مثل هذه الأزمة، كما لا يُخفون استياءهم من مواقف سعيّد، وسط خلاف في صلاحيات ألقى بظلاله على مُجمل المشهد السياسي في البلاد.

وقد استبعد مُتابعون للشأن التونسي أن تؤتي هذه الوساطة أكلها، واستندوا في ذلك إلى تغيّب الغنوشي عن مأدبة العشاء التي أقامها سعيّد في قصر قرطاج على شرف ضيفه أمير قطر.

وألمح الرئيس التونسي خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مساء الاثنين مع أمير قطر إلى تلك الوساطة وفشلها، عندما قال إن “تونس هي دولة كل التونسيين، ولا مجال لأن يبحث أيّ طرف عن تحالف مع أطراف خارجية لحسم قضيته مع خصمه السياسي، وواهم كل من يعتقد أن بإمكانه البحث عن خلاف ومخطئ للعنوان”.

وأشار تقرير صحيفة العرب، إلى أن ما ورد على لسان سعيّد “يؤكد فشل الوساطة القطرية، ويؤشر إلى أن تفكيك الأزمة بين الغنوشي وسعيّد بات بعيدا على الأقل في هذه المرحلة، الأمر الذي دفع بأمير قطر إلى التعجيل بمغادرة تونس مُتوجّها إلى الجزائر.

فك العزلة

وحسب تقرير وكالة “سبوتنيك” الروسية، ترى مديرة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية في تونس بدرة قعلول وفي لقاء مع وكالة “سبوتنيك”، بأن رئاسة الجمهورية طلبت من أمير قطر أن يزور تونس لفك العزلة. وتابعت: لأن الكثير من الكلام يدور حول أن الرئيس التونسي في عزلة وليس له علاقات خارجية.

وتكمل قعلول: “ويمكن تفسير ذلك بأن حلف قيس سعيد بدأ يظهر على السطح، وخاصة أن أردوغان قد جاء قبل ذلك، وهي الزيارتان الرسميتان إلى تونس بعد اعتلاء الرئيس سعيد، وخاصة أن أمير قطر جاء بمشروع المدينة الصحية في القيروان، وهو كان مشروع قد اقترح في القمة العربية التي أقيمت في تونس في مارس 2019، وهو كان مشروع سعودي يعطى إلى قطر”.

وتواصل: الرئيس سعيد كان قد تحدث عن هذا المشروع، واليوم يأتي أمير قطر لتمويله، كما أن هناك حديث جرى حول العلاقات التونسية الثنائية، وربما يكون هناك تفاهمات لم يعلن عنها، كون أن تونس لا تزال تشهد أزمة سياسية لم يعلن عنها، والآن ننتظر اليوم الأربعاء لمنح الثقة للحكومة الجديدة، والوارد لدينا أن الرئيس طلب من أمير قطر أن يتنظر قليلا حتى يعلن عن موقفه من الأزمة الليبية.

وترى الخبيرة التونسية بدرة قعلول أن هذه الزيارة ما هي إلا استكمال لزيارة الرئيس التركي قبل فترة وجيزة، وتكمل: “هذه الزيارة هي لتفعيل ما تدعو إليه تركيا من موضوع الدعم اللوجستي لحكومة السراج”.

وتواصل قعلول كلامها: “تونس تعتبر إلى قطر وتركيا موقع استراتيجي يريدون التموقع فيه، خاصة وأن هناك نوع من التمكين للأخوان في تونس، وربما ستشهد الأيام القادمة الوجه أو الجيل الثاني للأخوان بقيادة معينة، ووارد أن تكون بقيادة قيس سعيد وحزبه الجديد”.

ما الذي تقدمه تونس

وتعلق رئيسة مركز الأبحاث بدرة قعلول على هذا الأمر، وتقول: “أكثر شيء يمكن أن تقدمه تونس هو أن تكون أرض للمد اللوجستي، وأن تكون قاعدة للدعم لجماعة السراج، ولا ننسى أن هناك الكثير من القيادات الليبية تأتي إلى تونس”.

وتكمل: “الموقع الاستراتيجي لتونس هو أهم شيء بالنسبة لهؤلاء، وأعتقد والوارد جدا أن الأراضي التونسي ستكون قاعدة للمد اللوجستي، سواء كان للقبعات الزرق من الأمم المتحدة، والذين ينوون إرسالهم، وهذه مساعي تركية وقطرية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول”.

ربما يعجبك أيضا