تهديد الشركات الأمنية بالعراق.. مُخطط إيراني لردع واشنطن

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تهديدات جديدة تلقتها وزارة الداخلية العراقية باستهداف مقار الشركات الأمنية المتعاقدة مع القوات الأمريكية والتحالف الدولي، والتي سبقتها تفجيرات طالت مقرات وشاحنات كانت تحمل معدات عسكرية ولوجيستية للتحالف، والمتهم الأول فيها ميليشيات موالية لإيران التي أعادت ملف الشركات الأمنية المثير للجدل للواجهة بعد استهداف مقرات للحشد الشعبي، ورغم ما تواجهه هذه الشركات من اتهامات بالقيام بأعمال معادية إلا أن الحكومة العراقية نفت ذلك واعتبرتها محاولة من جهات ممولة إيرانيًا لتحقيق مأربها.

وثيقة رسمية تُحذر

كشفت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الداخلية العراقية، اليوم الإثنين، عن وجود معلومات استخبارية تفيد بوجود تهديدات لاستهداف مقار الشركات الأمنية والدعم اللوجستي العراقية والأجنبية المتعاقدة مع القوات الأمريكية والتحالف الدولي.

كما دعت الوثيقة إلى “أخذ الحيطة والحذر من استهداف مقار تلك الشركات أو العاملين فيها”.

ومؤخرًا تصاعدت الهجمات بالعبوات الناسفة التي تستهدف أرتال الدعم اللوجستي للتحالف الدولي والقوات الأمريكية في العراق ولا سيما في المناطق الجنوبية.

ولم يصدر عن الجهات الرسمية العراقية أي تعليق على الموضوع، كما لم تعلن السلطات في بغداد اعتقال أي مجموعة متورطة بعمليات استهداف أرتال التحالف الدولي والمقرات العسكرية الأجنبية.

تهديدات ميليشياوية

يأتي التحذير بعد أن استهدف صاروخ كاتيوشا الخميس الماضي مقر شركة أمنية بريطانية متعددة الجنسيات مكلفة بحماية مطار بغداد الدولي، وهي شركة الأمن البريطانية G4S والتي استهدف الصاروخ مقرها في حي القادسية وسط العاصمة وأحدث أضرارًا مادية كبيرة في المقر من دون وقوع خسائر في الأرواح.

ومنذ أسابيع تتعرض شاحنات تنقل مواد لوجستية إلى قوات التحالف الدولي الذي تمثل القوات الأمريكية القسم الأكبر فيه إلى هجمات بالصواريخ أو العبوات الناسفة كان آخرها، مساء أمس الإثنين، حين استهدفت عبوة ناسفة رتلاً لشاحنات عراقية تحمل حاويات لإحدى شركات الدعم اللوجستي المنسحبة من معسكر التاجي بضواحي بغداد الشمالية.

وعادة ما توجه أصابع الاتهام في استهداف الأهداف الأمريكية والبريطانية في العراق إلى مليشيات عراقية موالية التي تستهدف في الغالب أهدافًا عسكرية ودبلوماسية للبلدين في البلاد لإرغامها على الانسحاب منها.

لماذا الشركات الأمنية؟

ملف الشركات الأمنية في العراق ليس جديدًا، فقد سبق ودعت أحزاب وكيانات سياسية لتقنين أوضاعها في وقت تواجه فيه تلك الشركات التي دخلت العراق عقب الغزو الأمريكي في 2003، اتهامات بالقيام بأعمال تجسسية وعسكرية بسبب الفضيحة التي خلفتها شركة “بلاك ووتر” في العراق.

من جانبها، أكدت الحكومة العراقية أن تلك الشركات تعمل تحت رقابتها وأنها مكلفة بتقديم الدعم اللوجيستي للقوات العراقي وكان لها دورًا في حماية البعثات الدبلوماسية وكذلك في مكافحة عناصر داعش في العراق.

وحتى الآن لا توجد إحصائية حول عدد الشركات العاملة في العراق، لكن هناك حديث عن أنها أكثر من 60 شركة أجنبية تتركز غالبيتها في بغداد والبصرة وأربيل والسليمانية.

ومع استهداف مقرات الحشد الشعبي بالعراق، تصاعدت طلبات وقادة وزعماء ميليشيات مسلحة غالبيتها مرتبطة بإيران، إلى جانب سياسيين وبرلمانيين، بضرورة إنهاء عمل تلك الشركات في العراق، أو تقليل عددها إلى أدنى حد.

 مطلب بدا غير معقول بالنسبة للحكومة العراقية على الأقل، فوجود تلك الشركات يرتبط بالبعثات الدبلوماسية والسفارات وشركات النفط الغربية، وبرامج تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي توفر لها الحماية في تحركاتها.

ورغم الإجراءات الأمنية المحاطة بتلك الشركات تعرضت لهجمات بالصواريخ وعبوات ناسفة في تأكيد واضح لمسعى الميليشيات الإيرانية على لإجبار تلك الشركات على الخروج من العراق، والتي من شأنها عرقلة جهود حكومة الكاظمي ومساعيه لجذب الاستثمار وحلحلة الملفات العالقة مع واشنطن، في وقت يواجه فيه العراق أزمة اقتصادية خانقة وتهديدات أمنية قد تؤجج الصراعات.

يبدو جليًا أن الميليشيات الموالية لإيران باتت تستخدم العراق ساحة لتصفية خلافاتها مع الولايات المتحدة، وذلك عبر استهداف قواعدها ومقراتها ومؤخرًا تهديد الشركات الأمنية المكلفة بحماية بعثاتها وعتادها، بعدما فشلت مساعيها لإخراج القوات الأجنبية من العراق على خلفية اغتيال قائدهم قاسم سليماني.. تهديدات باتت تمثل التحدي الأكبر أمام حكومة الكاظمي للجم مثل تلك التهديدات التي انعكست كليًا على أمن واستقرار العراق بدءًا من ملف الاغتيالات مرورًا باستهداف القواعد الأمريكية وصولًا لتهديد الأمن العراقي.

 

ربما يعجبك أيضا