توابع الزلزال.. هل تتقلص فرص أردوغان في الانتخابات وتنتهي أزمة سوريا؟

إسراء عبدالمطلب
زلزال سوريا و تركيا

دعت الأمم المتحدة إلى وضع السياسة جانبًا وتسهيل إيصال المساعدات إلى شمال غربي سوريا الذي تسيطر عليها المعارضة.


ألقى الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، بظلاله على الجانب السياسي في البلدين، ما بين نتائج سلبية وأخرى قد تكون إيجابية.

فأنقرة قد تشهد زلزالًا سياسيًّا مع الانتخابات المقبلة، خاصة مع استغلال المعارضة المأساة التي تعرض لها الشعب التركي في تقليص فرص أردوغان في الفوز، أما في سوريا قد تؤدي الكارثة إلى نتيجة إيجابية برفع العقوبات المفروضة عليها دوليًّا.

زلزال سوريا و تركيا

زلزال سوريا و تركيا

عانت سوريا المحاصرة بالعقوبات والمتهالكة اقتصاديًا وزادها الزلزال إنهاكًا، ما دفع العديد من المنظمات الدولية والعربية علاوة على الهلال الأحمر السوري، للمطالبة بإعلاء روح الإنسانية على السياسة لنجدة سوريا التي تعيق العقوبات المفروضة عليها دوليًّا، من وصول المساعدات إلى المتضررين من الزلزال.

سوريا فكرة متأخرة

دعت الأمم المتحدة الأربعاء 8 فبراير إلى وضع السياسة جانبًا وتسهيل إيصال المساعدات إلى شمال غربي سوريا الذي تسيطر عليها المعارضة، وهو ما يبين أن السياسة لم توضع كاملة على جنب، حيث ترفض الولايات المتحدة تقديم المساعدات عبر الحكومة السورية ودمشق وتفضل إرسالها للمعارضة عبر المعابر.

ونقلت المونيتور، عن تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، قوله إن سوريا هي فكرة متأخرة تقريبًا في بيانات الدعم الصادرة عن الحكومات الأجنبية.

التنسيق مع الحكومة

وقالت إيما بيلز، المحللة السورية والمستشارة في المعهد الأوروبي للسلام، إن ضمان حصول السوريين على الأموال والإمدادات هو أمر بالغ الأهمية، وتشمل الاحتياجات الفورية لعمال الإنقاذ في شمال سوريا سيارات الإسعاف والأدوية والآلات الثقيلة لإزالة الأنقاض والمساعدات الغذائية الطارئة والوقود للمستشفيات، ولكن هذه الإمدادات قد تتأخر.

وتمسك النظام السوري بأن المساعدات الدولية يجب أن تمر عبر دمشق وليس عبر الحدود السورية، وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، الإثنين، إنه يجب شحن مواد الإغاثة من داخل سوريا وليس معابرها، مضيفًا أنه إذا أراد أي شخص مساعدة سوريا فيمكنه التنسيق مع الحكومة.

الامتناع عن التواصل مع النظام السوري

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن واشنطن لن تنسق إيصال المساعدات مع الحكومة السورية “التي لها تاريخ طويل في عرقلة تسليم المساعدات”، مضيفًا أنه سيكون من المفارقات، إن لم يكن حتى يأتي بنتائج عكسية، أن نصل إلى “حكومة مارست معاملة وحشية على شعبها”.

وأضاف برايس، سنواصل القيام بما أثبت فعاليته على مدار السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك وسنقدم كميات كبيرة من المساعدة الإنسانية للشركاء على الأرض، مضيفًا أن الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة بحاجة إلى الوصول إلى أفراد قادرين على التحرك ذهابًا وإيابًا عبر الحدود.

أول قافلة مساعدات

تعاني المنطقة الشمالية الغربية في سوريا والتي تضم حوالي 4.6 مليون سوري، من فقر شديد، وتكافح مع تفشي الكوليرا المميت في الشتاء القاتم، وحتى من قبل الزلزال، كان أكثر من 90% من سكان المنطقة بحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وحسب فرانس برس، دخلت أول قافلة مساعدات بعد الزلزال المدمر، اليوم الخميس 9 فبراير، بعد 4 أيام من الزلزال، إلى المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق في شمال سوريا.

زلزال سوريا و تركيا

زلزال سوريا و تركيا

 6 شاحنات فقط

شاهد مراسل فرانس برس عند معبر باب الهوى، قافلة من 6 شاحنات فقط تعبر إلى سوريا، وتضم بشكل أساسي مستلزمات خيم وأدوات تنظيف ومساعدات غذائية، بعد 80 ساعة من كارثة الزلزال تدخل 6 سيارات فقط تابعة للأمم المتحدة، أي أنه لم يتم إدخال أي معدات إنقاذ بعد كل هذه الضجة التي حدثت.

فيما أمر البنتاجون حاملة طائرات أمريكية تعمل في البحر الأبيض المتوسط بالتأهب لدعم جهود الإنقاذ من الزلزال في تركيا في حال طلبت أنقرة ذلك، وصرح السكرتير الصحفي للبنتاجون، البريجادير جنرال بات رايدر، الأربعاء 8 فبراير 2023، بأن القيادة الأمريكية الأوروبية تقوم بتجهيز الدعم ليشمل الإمدادات الطبية والمياه وإمدادات الإغاثة.

تركيا على النقيض

حسب المونيتور، قال رايدر إن حاملة الطائرات الأمريكية “جورج بوش الأب” في البحر المتوسط نحو تركيا لتكون في على استعداد إذا طلبت تركيا مساعدة إضافية، وسلمت الأربعاء، طائرتين شحن تابعة للقوات الجوية الأمريكية، 161 فردًا و 170.000 رطل معدات الطوارئ، إلى قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب شرق تركيا المتضررة.

كما تم تعيين فرق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للتوجه إلى أديامان لدعم جهود الاستجابة المحلية والدولية، ونقلت المونيتور عن مصدر عسكري أمريكي لم تسمه، أن طائرتين هليكوبتر من طراز يو اتش- 60 مقرها إنجرليك، سلمتا أربعة أفراد طوارئ أتراك إلى مقاطعة هاتاي بناءً على طلب من الحكومة التركية.

 تعليق الخلافات مؤقتًا

قال ينس ستولتنبرج، الأمين العام لحلف الناتو، إنه بعد ساعتين فقط من وقوع الزلزال أرسلوا دعوة من مقر الناتو إلى جميع حلفاء الناتو لتقديم دعم فوري لمساعدة تركيا في مواجهة عواقب الزلزال المدمر.

وقال الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور بشير عبدالفتاح، في تصريحات لـ رؤية الإخبارية، إن الوضع الإنساني الجديد ربما يفتح قنوات التفاهم والحوار، ولكن هذا لا يعني تجاوز الخلافات دون تسويتها، مضيفًا أنه لابد من تسوية الخلافات الاستراتيجية ولن يتم تجاهلها؛ لأنها خلافات مزمنة وجيوسياسية هامة وبالتالي سيتم تسويتها أولًا.

الزلزال يؤثر على فرص أردوغان في الانتخابات 

أضاف عبدالفتاح أن العلاقات التركية السورية تمت حلحلتها قبل هذه الكارثة بأشهر، وستتواصل هذه الجهود بعد الأزمة، ولكن بالنسبة لتركيا التي على وشك انتخابات قد يفاقم الزلزال الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها خاصة وأن هناك انتقادات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعدم التجاوب مع الأزمة القائمة بشكل جيد وأن هناك تقصير في التعامل مع آثارها.

وأشار عبدالفتاح إلى أن المعارضة تستغل ما سبق لتقليص فرص فوز أردوغان في الانتخابات المقبلة وبالتالي قد نشهد زلزال سياسي كنتيجة لهذا الزلزال المدمر في الفترة المقبلة، مضيفًا أنه بالنسبة لسوريا فالأمر يزداد سوء لأن سوريا كانت تعاني حرب أهلية مدمرة وأوضاع اقتصادية وأمنية متردية زادها الزلزا، كما زاد الأعباء على النظام السوري المتردي من الأساس.

 تعليق العقوبات على سوريا

تابع الدكتور بشير عبدالفتاح، أنه من ناحية إيجابية قد يتم النظر في العقوبات المفروضة على النظام السوري لأن الولايات المتحدة تقول إنه يجب نسيان العقوبات والسياسة والتركيز على تقديم الدعم لذلك قد يستفيد النظام السوري من هذه الأزمة في رفع العقوبات أو تجميدها على الأقل.

الدكتور بشير عبدالفتاح

الدكتور بشير عبدالفتاح

وأضاف أنه قد تشجع هذه الظروف المجتمع الدولي على بحث عن حل للأزمة السورية لأن وضع سوريا وضررها أصعب بسبب الانقسام والحروب الأهلية بعكس تركية المستقرة والتي لديها سلطة تسيطر على الأراضي كلها بعكس النظام السوري الذي لا يسيطر على الأراضي السورية، وبالتالي قد تمثل هذه الأزمة منفعة لسوريا لإنهاء العقوبات ولدعمها اقتصاديًا.

حصر المناطق المتضررة

لفت عبدالفتاح إلى أن الولايات المتحدة قالت إنها ستحصر المناطق المتضررة لتوزيع المساعدة على الأماكن المنكوبة كافة سواء التابعة للنظام أو المعارضة، ولكنها لن تقدمها للحكومة التركية في يدها لأنها تخشى عدم التوزيع العادل للمساعدات وتخشى امتناع الحكومة السورية من إيصال المساعدات للمعارضة.

واختتم أن وقوف أمريكا بجانب تركيا في الأزمة ومساعدتها هو بدافع إنساني لكنه لا يغير العلاقات السياسية، فلن تفرج أمريكا عن صفقة طائرات إف 16، إلا إذا سمحت تركيا لفنلندا والسويد بالإنضمام للناتو، وفي رحال رغبة أمريكا لفرض عقوبات على تركيا بسبب دعمها لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا لن يكون الزلزال سبب في التراجع، لأن الزلزال يحدث تعاطف إنساني ودعم اقتصادي لكنه لن يؤثر على الخلافات السياسية.

ربما يعجبك أيضا