توثيق لغدر «أهل الشر».. لماذا يكره الإخوان «الاختيار 2»؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تتخوف جماعة “الإخوان” الإرهابية من الدراما والسينما المصرية الوطنية، وما تحققه من نتائج تجاه ما يعرف بـ”صناعة الرمزية” السياسية والتاريخية والثقافية والعسكرية، وما تقدمه من أطروحات لا تتفق مع توجهات “الجماعة” الفكرية ومشروعها القائم على مفردات “الدولة الدينية”، و”الأصولية الأممية”، العابرة للحدود والشعوب والعقول، كما أن الأعمال الفنية المصرية الوطنية من مسلسلات وأفلام تعد الأداة الأكثر تأثيرًا وفاعلية، في مواجهة السموم الفكرية الإرهابية والتكفيرية، إذ أن الفن والثقافة يمثلان أهم ركائز بناء العقلية الجمعية للمجتمعات العربية، والحفاظ على هويتها من التخريب والتدمير المتعمد.

جماعة الإخوان وصفت مسلسل “الاختيار 2” بأنه “رسالة تهديد” على حد تعبيرها. ويأتي العمل باعتباره أحد المسلسلات القوية التي تدفع المصريين إلى الالتفاف حول الشاشة لمشاهدة حلقاته لما يتمتع به من أحداث موثقة عن حقبة زمنية وجرائم إرهابية ارتكبت في واحدة أصعب الفترات التي مرت على مصر في تاريخها الحديث، ويوثق العمل لما حدث عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والجرائم الإرهابية والتخطيطات المتطرفة التي تعرضت لها الدولة المصرية في سنوات ماضية.

تضحيات وخداع

“الاختيار 2″، يتحدث عن تضحيات الشرطة المصرية منذ عام 2013، وحتى عام 2020، ونتيجة ما تمثله الأعمال الوطنية ومن بينها “الاختيار 2” من تأثير في سنوات سابقة، شن تنظيم الإخوان الإرهابي حربا استباقية قبل عرض المسلسل، بواسطة لجانه الإلكترونية، في فبراير الماضي، هجومًا شرسًا على الفنان أحمد مكي، بعد تسريب صورة له من كواليس مسلسل “الاختيار 2”.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي -آنذاك- تغريدات ووسوم تهاجم الممثل المصري، صاحب الجماهيرية الواسعة، بسبب مشاركته في المسلسل، الذي يعرض في رمضان الجاري، وهو ما يدلل على مدى تأثير تلك الأعمال الفنية على خطط التنظيمات المتطرفة الفكرية، ويرجع إلى قناعتها بأن مشاهد العمل هذا الدرامي ستدفع باتجاه تفكيك بنيتها الفكرية والتنظيمية التي أرستها منذ حسن البنا في ثلاثينيات القرن الماضي.

القدوة الوطنية

الهجمة المرتدة ضد الدراما الوطنية، من قبل جماعة “الإخوان”، تأتي معبرة عن معضلة وإشكالية حقيقية، اعتمدتها مع قواعدها التنظيمية، في ما يسمى بـ”استبدال الهوية”، والقضاء على ثقافة “الانتماء الوطني”، وإحلالها بما يعرف بـ”الولاء والبراء”، للجماعة ومرشدها ومشروعها، من خلال وضع عناصرها تحت ضغوط وأدبيات “العزلة الشعورية” أو “الانفصالية النفسية”، بما يحقق لها تشكيل الدوائر الموازية المنفصلة عن المجتمع وعاداته وتقاليده ومشاكله وقضاياه.

ويرى الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة والإرهاب، عمرو فاروق، في تدوينة له عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أن افتقار وتصحر المجتمع المصري على مدار سنوات طويلة من فكرة صناعة “القدوة الوطنية”، كان مانحًا لجماعة “الإخوان” وللتيارات الأصولية، من إمكان تقديم رموز ما يعرف بتيار “الصحوة الإسلامية”، الذي انتشر كالهشيم في المجتمعات العربية كرد فعل على نكسة 1967، وما تلاها من أحداث سياسية، تغلغلت خلالها التيارات المتطرفة في العمق المصري.

شهادة وفاة

الهجوم على المسلسل واستهداف أعمال وطنية مصرية تحكي وتوثق عن إرهاب وجرائم ارتكبها إخوان أو تكفيريون لم يكن جديدًا، وسبق لهم شن حرب شعواء على مسلسل “الجماعة”، الذي ألفه الراحل وحيد حامد وتم إنتاجه في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لمجرد أنه تعرض لنشأتهم، ووصل الأمر بهم حينها إلى مهاجمة كل الفنانين الذين شاركوا في العمل واتهموهم بأبشع الاتهامات.

ويرى اللواء محمد نور مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الهجوم الإخواني على المسلسل “الاختيار 2″، هو دعاية مجانية تقدمها الجماعة الإرهابية للمواطن المصري، الذي سيلتف حول العمل لمتابعته بعد النجاح الساحق الذي حققه المسلسل في الجزء الأول.

وأكد أن الجماعة الإرهابية أعلنت شهادة وفاتها في التأثير على المواطن بعد تبين جرائمها على مدار السنوات الماضية، وأن تلك الحرب ستكون دافعًا للفنانين المشاركين في العمل لتقديم أجمل صورة للمواطن المصري عن الضباط والجنود في الشرطة، الذين يحون بأنفسهم من أجل رفعة وسلام الوطن والمواطن.

ومنذ سقوط حكم الإخوان في مصر عام 2013 بعد ثورة 30 يونيو، والتنظيم الإرهابي يعيش حالة من التخبط والفراغ الفكري والتنظيمي، فضلًا عن عجزها في إعادة ترتيب هيكلها الداخلي في ظل تجفيف الاستقطاب والتجنيد للعناصر الجديدة، لا سيما قطاع الشباب الذي يمثل المخزون الاستراتيجي لبقائها، وذلك نتيجة عوامل كثيرة، مرت بها على مدار السنوات الماضية، ربما يمثل أهمها فضح مخططها وكشف سوأتها والتمرد على مفاهيمها وأدبياتها مما يؤثر على مستقبلها ويكتب نهايتها في القريب العاجل.

توالي الأعمال الفنية وإنتاج أكثر من نسخة لمسلسل “الاختيار” يثبت أن الدولة المصرية ماضية في هذا المسار ضمن خطوط عريضة وواضحة تشكل مشروعًا قوميًا يسعى لتصحيح المفاهيم، ويحمي حاضرها ومستقبلها، ويوقف حالة الخداع والانتهازية الدينية من قبل جماعات التطرف بتنوعاتها.

ربما يعجبك أيضا