تايوان تتجرأ وتطلق «أعيرة تحذيرية» والصين تتوعدها.. المضيق يلتهب

رنا أسامة

قالت وزارة الدفاع التايوانية إنها ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها، متعهدة بهجوم مضاد إذا دخلت طائرات أو سفن أو مسيرات صينية مجالها الجوي.


حذر محللون للشؤون العسكرية من تزايد خطر اندلاع اشتباك عسكري فوق مضيق تايوان، تزامنًا مع زيارة يجريها حاكم ولاية أريزونا الأمريكية، دوج دوسي، للجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي.

وأطلقت تايوان أعيرة نارية تحذيرية للمرة الأولى لإبعاد طائرة مسيّرة تابعة للصين، وذلك بعد ساعات من إصدار أوامر رئاسية تايوانية باتخاذ إجراءات مضادة وقوية ضد ما أسمته الرئيسة، تساي إنج ون، “استفزازات” من جانب حكومة الصين التي تعتبر جزيرة تايوان جزءًا من أراضيها.

رد غير مسبوق

وصفت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصينية، رد الفعل التايواني بأنه غير مسبوق، مشيرة إلى أن إطلاق تايوان لأعيرة تحذيرية يأتي بعد أسابيع من تحديدها مواقع تحليق طائرات دون طيار صينية فوق مجالها الجوي. وكانت تايوان تكتفي سابقًا بإطلاق قذائف مضيئة للتحذير.

وأعلنت القيادة الدفاعية لمجموعة جزر كينمن، التابعة للجيش التايواني، أمس الثلاثاء 30 أغسطس 2022، رصد 3 مسيرات مدنية تابعة للجيش الصيني، قرب 3 مواقع مختلفة بجزر كينمن التي تسيطر عليها تايوان قبالة شيامن وتشوانتشو الصينيتين. وأضافت أنها أطلقت قنابل إنذارية قبل إطلاق رصاصة حية على مسيرة عائدة، واتجهت المسيرات الـ3 نحو شيامن، بعد 36 دقيقة من إطلاق الأعيرة التحذيرية.

جزر كينمن

عمل عسكري

عد خبير الطيران العسكري الصيني، فو تشيانشاو، الأعيرة التحذيرية التي أطلقتها تايوان، عملًا عسكريًّا يفاقم التوترات حتى لو لم تصب الطائرة أية أهداف.

بالتوازي، أفادت وزارة الدفاع اليابانية بأن طائرة مسيرة هجومية صينية، من طراز تي بي- 001، حلقت بين جزيرتي أوكيناوا ومياكو وفي المحيط الهادئ قبالة الساحل الشرقي لتايوان، أمس الثلاثاء، ما دفع اليابان للرد بطائرة مقاتلة.

تعهد تايواني بهجوم مضاد

قالت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم الأربعاء، إنها ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها، متعهدة بهجوم مضاد إذا دخلت طائرات أو سفن أو مسيرات صينية مجالها الجوي، في وقت شبهت فيه وزارة الخارجية التايوانية مضايقات المسيرات الصينية بـ”سلوك اللصوص”.

وخلال كلمة أمام ضباط البحرية التايوانية، أمس الثلاثاء، تعهدت رئيسة تايوان بتحديث دفاعات الجزيرة. وقالت إنها أمرت وزارة الدفاع باتخاذ إجراءات مضادة ضرورية وقوية للدفاع عن المجال الجوي لتايوان، من دون ذكر تفاصيل. وأعلنت الحكومة التايوانية الأسبوع الماضي ميزانية دفاع قياسية بلغت 19 مليار دولار، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

رئيسة تايوان تساي إينج ون

قواعد الاشتباك الأربع

جاء تعهد تساي بعد انتقادات للقوات المسلحة التايوانية، لافتقارها الواضح إلى رد جاد على غارات المسيرات الصينية المتكررة، في المجال الجوي حول جزر بحرية تسيطر عليها تايوان.

وأعلن الجيش التايواني، أمس الأول الاثنين، عما أسماه قواعد الاشتباك المكونة من 4 خطوات لمواجهات الطائرات دون طيار، التي تشمل إطلاق قنابل إنذار، والإبلاغ عن توغل، وطرد مسيرات، وإسقاطها في النهاية، حسب “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.

حرب المنطقة الرمادية

أجرت الصين أكبر مناورات عسكرية على الإطلاق حول تايوان، تلتها تدريبات بحرية وجوية واسعة النطاق، ردًّا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، للجزيرة في أوائل أغسطس، وهي الزيارة التي عدتها بكين انتهاكًا لشؤونها الداخلية وتحديًا لمطالبها بالسيادة على تايوان.

وبعد زيارة بيلوسي، أرسلت الصين لمدة أسبوع صواريخ وطائرات مقاتلة وسفنًا حربية إلى أماكن تطالب بها تايوان، وهو ما عدته حكومة تايبيه استعراضًا للقوة، متهمة بكين باستخدام التدريبات العسكرية ذريعة للتحضير لغزو. ووصفت الرئيسة، تساي إنج ون، سابقًا، بعض مهام المسيرات الصينية التي حلقت فوق مواقع عسكرية بتايوان، بأنها نوع من أنشطة حرب “المنطقة الرمادية”.

رشق مسيرة صينية بحجارة

في الأسبوع الماضي، تداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، مقطعًا مصورًا لجنديين تايوانيين يرشقان بالحجارة مسيرة صينية اقتربت من موقع حراستهما بالقرب من ساحل الصين. وفي بيان صدر الأربعاء الماضي 26 أغسطس، قالت القيادة الدفاعية لمجموعة جزر كينمن، إن الحادثة وقعت في 16 أغسطس بجزيرة إردان، لإبعاد ما أسمته “طائرة مسيّرة مدنية”.

صورة من الفيديو

وفي بيان منفصل، أفادت وزارة الدفاع التايوانية بأنها ستنشر أنظمة مضادة للمسيرات، على الجزر الأصغر أولًا، اعتبارًا من العام المقبل. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، قال إن القضية لا تستحق إثارة هذه الضجة لأن المسيرات تحلق فوق الأراضي الصينية، وفق “بي بي سي”.

رد أقوى

تزامنًا مع زيارة حاكم ولاية أريزونا لتايوان، وهي الزيارة التاسعة لمسؤول أمريكي للجزيرة خلال عام والرابعة خلال أغسطس، توقع خبير الطيران العسكري الصيني، فو تشيانشاو، أن تنشر الصين مزيدًا من الطائرات دون طيار إذا تواصلت زيارات الساسة الأجانب لتايوان، ومضت الأخيرة في تعزيز علاقتها بالولايات المتحدة.

وقال فو لـ”ساوث تشاينا مورنينج بوست”، إن الصين قد تتخذ “ردًّا أقوى” إذا واصلت تايوان إطلاق أعيرة تحذيرية.

حاكم ولاية أريزونا

توعد صيني

توعدت الصين بإحباط أي استفزاز في أي وقت، وأدخلت قواتها في حالة تأهب قصوى، ردًّا على عبور سفينتين حربيتين أمريكيتين عبر مضيق تايوان، يوم الأحد الماضي 28 أغسطس.

وحسب بيان للبحرية الأمريكية، سلكت السفينتان ممرًّا في مضيق تايوان خارج المياه الإقليمية لأي دولة مشاطئة. وشدد البيان على أن العملية تظهر التزام الولايات المتحدة بأن تكون منطقة الهندوباسيفيك هادئة ومفتوحة، مضيفًا أن للجيش الأمريكي الحق في ممارسة نشاطه حيثما يسمح القانون الدولي بذلك.

إشارة تحذير

في حين أن الأعيرة التحذيرية كانت بمثابة تحذير تايواني للصين، رأى الكولونيل المتقاعد بجيش التحرير الشعبي الصيني، يوي جانج، أنه لا يزال ممكنًا احتواء التوترات. وأضاف أن البنادق والرشاشات المضادة للطائرات التي أطلقها الجيش التايواني، لم تقوَ على إسقاط طائرات دون طيار، لكنها كانت مجرد إشارة تحذير لمسيّرات صينية.

وأوضح أن الجيش التايواني أبقى الوضع عند مستوى يمكن السيطرة عليه، مرجحًا أن تواصل بكين التركيز على رحلات الاستطلاع بطائرات دون طيار، بما قد يضعف من ثقة الجيش التايواني.

تصعيد هندي- صيني

في تصعيد آخر حول مضيق تايوان، وجهت الهند إلى الصين، للمرة الأولى، اتهامًا بعسكرة المضائق الاستراتيجية. وجاء ذلك في بيان عن المفوضية الهندية العليا بسريلانكا، على خلفية رسو سفينة حربية صينية بميناء هامبانتوتا السريلانكي، في وقت سابق من أغسطس الجاري.

وحسب “ساوث تشاينا مورنينج بوست“، فإن السفينة الحربية “يوان وانج 5” إحدى السفن التي يديرها الجيش الصيني لمواكبة إطلاق صواريخ باليستية وأقمار اصطناعية. وجرى تأخير رسو هذه السفينة عدة أيام بعد اعتراض الهند، وسط مخاوف من تحويل الصين للميناء السريلانكي إلى قاعدة عسكرية.

تصعيد هندي صيني

انتهاك قواعد السلوك الدبلوماسية

انتقدت البعثة الهندية في كولومبو، مقالاً للمبعوث الصيني، شي جينهونج، بصحيفة سريلانكية يوم الجمعة الماضي، يحمل إشادة بقرار كولومبو السماح برسو السفينة الصينية، زاعمًا أن الدولة الجزيرة الصغيرة واجهت “عدوانًا من جارتها الشمالية” لسنوات.

ووصفت السفارة الهندية تعليقات شي، بأنها انتهاك لقواعد السلوك الدبلوماسية الأساسية. وقالت وزارة الخارجية الهندية إن تحركات السفينة الصينية قد تؤثر في أمنها ومصالحها الاقتصادية. كذلك ردت البعثة الهندية في كولومبو، بحدة، على تلميح شي بأن نيودلهي تدخلت في السياسة السريلانكية.

أجندات مدفوعة بالديون

في تغريدة من 3 أجزاء على “تويتر”، قالت البعثة الهندية في كولومبو، إن مقال المبعوث الصين قد يكون انعكاسًا لرأي شخصي أو رؤية وطني أكبر، مشيرة إلى أن محاولة إسناد رسو السفينة الصينية إلى سياق جيوسياسي معين قد يكون مدفوعًا بأجندات مدفوعة بالديون، في إشارة إلى ميناء هامبانتوتا الممول من الصين، الذي غالبًا ما يرتبط باتهامات متعلقة بفخ الديون.

وأضافت البعثة الهندية أن سريلانكا بحاجة إلى الدعم وليس الضغط غير المرغوب فيه أو الخلافات غير الضرورية لخدمة أجندة دولة أخرى، في وقت تمثل فيه القروض الصينية نحو 10% من إجمالي الدين الخارجي لسريلانكا، في حين أن الهند أقرضتها نحو 3.8 مليارات دولار منذ أشهر، لمساعدتها خلال أزمتها الاقتصادية.

أسلحة أمريكية جديدة لتايوان

في غضون ذلك، تخطط الإدارة الأمريكية لمطالبة الكونجرس رسميًّا بالموافقة على صفقة بنحو 1.1 مليار دولار، لبيع أسلحة إلى تايوان، تشمل 60 صاروخًا مضادًا للسفن من طراز هاربون، و100 صاروخ تكتيكي “جو-جو” من نوع سايدويندر، وفق ما نسبته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية إلى 3 مصادر مطلعة.

وحسب المجلة، تتضمن الحزمة تجديد العقد للتزويد برادارات مراقبة بقيمة 655.4 مليون دولار. وبعد التوجه رسميًّا إلى الكونجرس سيتعين على لجنتي مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكتين التوقيع على الصفقة قبل إتمامها.

ربما يعجبك أيضا